شكك محللون وخبراء عسكريون في هدف وفي إمكانية نجاح هدن الـ4 ساعات يوميا في قطاع غزة والتي أعلن البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت عليها، وتوقعوا أن ترفضها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وبينما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية الدامية على القطاع التي أسفرت عن المزيد من الشهداء والجرحى بين المدنيين، أعلن البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت على هدن لـ4 ساعات يوميا في قطاع غزة اعتبارا من اليوم الخميس.
واعتبر البيت الأبيض أن هذه الهدن المؤقتة خطوة بالاتجاه الصحيح، لكنه أشار في نفس الوقت إلى أن الولايات المتحدة لا تؤيد وقفا لإطلاق النار في غزة حاليا.
وفي تعليقه على هذه التطورات، وصف الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري هذه الخطوة بأنها “مقاربة خبيثة” تهدف للضغط على حماس، مؤكدا أن الرئيس الأميركي جو بايدن يرفض وقف إطلاق النار خشية أن تعطى حماس فرصة لإعادة ترتيب أمورها وإدارة المعركة مع الاحتلال.
ويأتي عرض هذه الهدن المؤقتة -يضيف الدويري- في الوقت الذي تمسك فيه حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية بخيوط اللعبة على الصعيد الميداني بقطاع غزة، في حين لم يحقق الجيش الإسرائيلي أي إنجاز عسكري على الأرض، وتوقع الدويري أن ترفض حركة حماس ما يعرضه البيت الأبيض من هدن مؤقتة.
وربط الدويري -الذي كان يتحدث ضمن الوقفة التحليلية على قناة الجزيرة “غزة.. ماذا بعد؟” مسألة الهدن المؤقتة برغبة إسرائيل في إخلاء المنطقة الشمالية من القطاع المحاصر وإفراغها من السكان الذين تدفع بهم باتجاه المنطقة الجنوبية، متوقعا أن تزيد إسرائيل من استخدام قوتها العسكرية في محاولة للقضاء على حركة حماس -كما تزعم- في هذه المنطقة.
ومن جهته، رأى رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، الدكتور بلال الشوبكي، أن هدنة الـ4 ساعات ليست بهدنة، وما يجري هو محاولة لتخفيض سقف حماس في مفاوضات غير مباشرة تجري الآن بشأن إمكانية إطالة مدة هذه الهدنة مع إطلاق سراح المحتجزين لدى المقاومة.
وأضاف أن ما تقوم به الولايات المتحدة هو “عملية تضليل” لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها داخليا، ولامتصاص الانتقادات التي تلاحقها من جهات دولية بسبب موقفها الداعم لإسرائيل في عدوانها على غزة.
وبينما توقع الأكاديمي بجامعة الخليل ألا تقبل حركة حماس بهدنة الـ4 ساعات، لم يستبعد الشوبكي أن تلجأ إسرائيل إلى تكثيف نيرانها في محاولة لإحداث المزيد من الضغوط على حماس لتقبل بأقل الإنجازات خلال المفاوضات.
فرص للعمل الدبلوماسي
وأشار الدكتور الشوبكي إلى أن حركة حماس تريد الإفراج عن المدنيين حاملي الجنسيات الأخرى خاصة الأميركية، وهو ما سيعرض رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لضغوط شعبية داخلية. وقال إن حماس تبعث رسالة لنتنياهو مفادها أن المسار الدبلوماسي وحده سيعيد له المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
وفي قراءته للموقفين الأميركي والإسرائيلي، قال الدبلوماسي الأميركي السابق تشارلز دان إن نتنياهو “قضم لقمة لا يستطيع هضمها” مؤكدا أن الإسرائيليين يتحدثون عن تدمير أنفاق للمقاومة وعزل مناطق بغزة، لكنهم لم يصلوا في عملهم العسكري إلى النهاية بل هم في أوله، وقال إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خسرت الكثير.
وأعرب دان عن اعتقاده بأن الإسرائيليين يوافقون على هدن مؤقتة لأغراض عسكرية بحتة ولا علاقة لها بالسياق السياسي، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تطالب بوقف النار، لكنها تحاول تطبيق وقفات أو هدن مؤقتة لتكون بمثابة فرص للعمل الدبلوماسي، مع الأخذ في الاعتبار ما يحققه الإسرائيليون فعلا على الأرض من الناحية العسكرية.
ويذكر أن التطورات المتعلقة بالهدن المؤقتة تأتي بالتزامن مع زيارة مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى الدوحة لبحث وساطة قطرية تهدف لإطلاق محتجزين مقابل هدنة إنسانية لأيام.