ليس لدى إسرائيل التي تستعد لشن هجوم بري على قطاع غزة ردا على الهجوم الأكثر دموية في تاريخها، سوى القليل من الخيارات المطروحة على الطاولة، وبالتالي يرجح بشكل متزايد أن يكون الهجوم البري هو الخيار الأول، ليبقى تحديد التوقيت والنطاق، حسب ما ترى صحيفة لوباريزيان الفرنسية.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير مشترك بين داميان ليكاتا كاروسو ولوسيل ديكان- أنه من المحتمل أن يشن الجيش الإسرائيلي هجوما بريا على قطاع غزة في الأيام المقبلة، ردا على هجوم المقاومة الإسلامية (حماس) الذي خلّف 1300 قتيل في إسرائيل.
إلا أن هناك خيارات أخرى متاحة الآن للإسرائيليين، من بينها -كما يرى العقيد ميشيل غويا، ضابط البحرية السابق- الاكتفاء بتنفيذ حملة من الضربات الجوية عن بعد لتدمير البنية التحتية العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي، “لكنني -كما يقول- لست متأكدا من أن هيئة الأركان العامة للجيش ترى أن ذلك يناسب هذا الحدث الكبير”.
والاحتمال الآخر -حسب رأيه- هو البدء بضربات ثم تنفيذ عملية داخل قطاع غزة، “لكنها تكون محدودة للغاية في الوقت المناسب، وتشبه إلى حد ما عملية مداهمة”، أما الخيار الأخير فتنفيذ الضربات ثم دخول المنطقة والبقاء هناك، ويشير المتخصص إلى أن هذين السيناريوهين الأخيرين يتطلبان “التنسيق بين القوة النارية عن بُعد وقوات الهجوم البري”.
السلاح التكنولوجي الداعم
ومهما كان الخيار الذي سيتم اعتماده، فإن عملية الدخول إلى قطاع غزة “ستركز على 3 خطوط أمامية -كما يقول الجنرال جان بول بالوميروس، الرئيس السابق لقسم تحويل القدرات العسكرية بحلف شمال الأطلسي- أولها السيطرة بالدبابات على النقاط المركزية مثل الطرق، والثاني هو السيطرة على الطيف الكهرومغناطيسي من أجل التشويش على الاتصالات بين مقاتلي حماس وقادتهم، وأخيرا، العمليات الخاصة لقتل القادة العسكريين ومحاولة إنقاذ الأسرى، وخلال هذه المرحلة ستستخدم إسرائيل تقنياتها الأكثر تقدما وبعضها غير معروف.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلاح “التكنولوجي” الأكثر شهرة في ترسانة الجيش الإسرائيلي هو المسيّرات، مضيفة أن إسرائيل كانت من أوائل الدول التي استخدمت نماذج أولية من طائرات مسيّرة في ثمانينيات القرن الماضي، زوّدتها لاحقا بالصواريخ.
وقد لجأت إلى ذلك منذ ذلك الوقت لتفادي وقوع عدد أكبر من الضحايا في صفوف طياريها. ويقول ضابط رفيع سابق إنهم “قاموا بجعل القتال آليا منذ سنوات من أجل الحد من الخسائر البشرية، وإرسال مسيّرات للاستكشاف والحصول على معرفة تفصيلية بالتضاريس، خاصة في سياق القتال في المناطق الحضرية حيث يكون استخدام الدبابات الثقيلة صعبا”.
وعلى الرغم من هذه القدرات المادية الكبيرة والتفوق العددي (30 ألف مقاتل في جانب حماس، مقابل 80 ألفا أو أكثر في الجانب الإسرائيلي) فإن العملية لا تبشر بالخير، وستكون صعبة على إسرائيل، لأن التضاريس في قطاع غزة معقدة، و”لأن المدينة -حسب غويا- متاهة حقيقية، والجدران والمباني حتى المدمرة جزئيا، توفر درعا هائلا يلغي جزءًا كبيرًا من ميزة القوة النارية”، وتضاف إلى ذلك الكثافة السكانية العالية، وبالتالي فإن الهجوم البري -حسب جان بول شانيولود، الأستاذ الفخري بالجامعات “سينطوي على خسائر مدنية كبيرة”.
كابوس القتال في المدن
وفي هذا السياق، يرى غويا أن مأزقا آخر ينتظر إسرائيل في هذه الحرب، وهو أن الهجوم سيتحول إلى قتال في المدن، تكون حماس قد استعدت له بشكل جيد، “إنه الأسوأ. إنه كابوس للقوات”، لأن قوات حماس ستكون قد فخخت الشوارع والمباني وسوف تنصب كمائن بالقناصة وقاذفات الصواريخ المضادة للدبابات، إلا أن الجنود الإسرائيليين المجهزين بشكل أفضل نظريا، سيستفيدون من خبرة الجيش المكتسبة من الهجمات السابقة في القطاع مثل عملية الرصاص المصبوب في الفترة 2008-2009.
ويبقى السؤال الأهم في النهاية هو كيفية التعامل مع موضوع الأسرى أثناء العملية، لأنه من الصعب -حسب غويا تجنب إصابتهم، إلا إذا جمعتهم حماس “في مكان واحد مما يتيح شن عملية تحرير، لكنهم متناثرون هناك”. ومع ذلك يستبعد هذا الجندي السابق عدم محاولة تحريرهم بالقوة.