أفادت صحيفة هآرتس -في افتتاحيتها الرئيسية- بأن مزارع المستوطنين اليهود نمت السنوات الأخيرة كالفطر بعد المطر، حتى وصل عددها إلى 90 بؤرة، وأضحت طليعة للمشروع الاستيطاني “اللصوصي والعنيف” الذي يهدف إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم وديارهم.
وقالت الصحيفة إن تقريرا استقصائيا، كانت قد نشرته يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كشف عن أن مزارع المستوطنين أضحت بؤرا للسرقة ولانطلاق أعمال العنف ضد الفلسطينيين، وتحظى بمعاملة خاصة من قبل السلطات الإسرائيلية من خلال الميزانيات المخصصة لها والاعتراف بشرعيتها.
ووصفت تفشي تلك المزارع بأنها وسيلة لطرد الفلسطينيين عبر نشر أقل عدد ممكن من المستوطنين على أكبر مساحة ممكنة، والأداة الرئيسية لتحقيق ذلك هي قطعان الأغنام والصبية المراهقون.
تفشي مزارع المستوطنين وسيلة لطرد الفلسطينيين عبر نشر أقل عدد ممكن من المستوطنين على أكبر مساحة ممكنة، والأداة الرئيسية لتحقيق ذلك هي قطعان الأغنام والصبية المراهقون
ونقلت عن زعيم المستوطنين زئيف هيفر (الذي لقبه زامبيش) قوله إن الأراضي التي تشغلها تلك المزارع “تزيد بمقدار ضعفين ونصف عن المساحة التي تحتلها مئات المستوطنات”.
ويكمن وراء مصطلح “مزارع المستوطنين” -الذي تصفه هآرتس بأنه تعبير مخادع- واقع مظلم، إذ أبلغ فلسطينيون ونشطاء يهود يساريون عديدون عن اعتداءات وتهديدات عنيفة دفعت الفلسطينيين إلى الفرار للنجاة بحياتهم.
تمويل سخي
ورغم أن هذه البؤر الاستيطانية تُعد أداة عنف تُستخدم في التحرش والتهجير، فإن الحكومة الإسرائيلية تمولها بسخاء، وتدعم عمليا نشر أولئك الشبان المراهقين من المستوطنين في مواقع خطرة، وفق الصحيفة.
وأشارت الافتتاحية إلى أن عديدا من الشبان هم من المعرضين لمخاطر اجتماعية ويجري استغلالهم طلائع للعنف ضد الفلسطينيين. وأوضحت أن الدولة بذلك لا تلحق الأذى بالفلسطينيين فحسب، بل توجه هؤلاء الشبان نحو طريق العنف السياسي وخرق القوانين.
وكشفت الصحيفة أيضا عن أن وزارات الاستيطان والتعليم والزراعة والدفاع وشؤون النقب والجليل تساهم في هذا المشروع الاستيطاني “المزدهر” بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتقدم بعض تلك الوزارات خدمات أمنية “التي لولاها ما كان لهذه المزارع وجود”، في حين يقدم البعض الآخر منها الدعم لها عبر منظمات غير ربحية مثل “هشومير بوش” أو “أرتزينو”، التي يُعد متطوعوها الوقود الذي تعمل به هذه المزارع. كما يمول الصندوق القومي اليهودي برامج للشباب في هذه المزارع، الذين هم في الواقع جنود في حرب تهدف إلى “تطهير الأرض” من سكانها العرب، على حد تعبير الافتتاحية.
وتضفي هذه المنظمات الشرعية على إقامتهم هناك، بمساعدة برنامج حكومي ينفذه الاختصاصيون الاجتماعيون العاملون في المناطق.
ولفتت هآرتس إلى أن أسماء أصحاب المزارع مدرجة في قوائم العقوبات الأميركية، إلا أن أحدا منهم لم يتأثر بها داخل إسرائيل، مشيرة إلى أن مسؤولين في الحكومة سارعوا إلى زيارة هذه المزارع للتعبير عن تضامنهم مع أصحابها.
وحذرت من أن دعم الوزارات النشط لهذا المشروع الاستيطاني لا يدل على إجحاف في حق الفلسطينيين فحسب، بل يُعرِّض للخطر أيضا “الدولة الإسرائيلية -التي تواجه أصلا مشاكل جمة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي- وكذا الصبية “القصَّر” الذين يعيشون في هذه المزارع.