الخشية البلغارية من موجة لجوء جديدة ليست محصورة بكوستادينوف وحده، بدليل أنها وردت على لسان الرئيس رادف بعد الاجتماع الطارئ للمجلس الاستشاري للأمن القومي البلغاري. فما الذي يدفع هذا السياسي القومي إذن للالتزام موقف مخالف للتيار الأوروبي – الأطلسي السائد في بلاده منذ انتقالها من المعسكر الاشتراكي إلى المعسكر الغربي ؟.
الكنائس والأديرة
يربط كوستادينوف موقفه بـ3 عوامل: أولهما أنه ينظر إلى” الأبعاد الأكبر في هذه القضية” والتي يلخصها بأن ميدان الصراع ( الشرق الأوسط) هو نفسه “مهد المسيحية” وأن “أقدم المسيحيين يعيشون في لبنان أما مسيحيو فلسطين فهم الأوائل” وأنه هو نفسه “شخص مؤمن”.
أما العامل الثاني المرتبط بالأول، فيتصل بالرواية المزورة التي تنقل” عمدا” للمجتمع البلغاري حول الحرب. حيث ” يتم تقديم الهجمات على النساء والأطفال على أنها هجمات على الإرهابيين. أما الهجمات على الكنائس والأديرة فيتم إخفاؤها والتستر على تدمير أقدم إرث ثقافي وتاريخي”. ويضيف “نرى كيف يتم توجيه انتباه ما يسمى بالعالم الغربي نحو الإسلام والإرهاب الإسلامي، ويتم تجاهل تدمير أقدم دير وهو “القديس برفيريوس في غزة”.
أما العامل الثالث فيتصل برغبته كسياسي في استعادة المكانة التي كانت لبلاده في الشرق الأوسط “. وهو يقول في هذا الصدد” كانت لدينا علاقات جيدة جدًا مع دول الشرق الأوسط. بل كانت هذه علاقات ممتازة مع جميع الدول العربية. بعد عام 1989 م عندما دخلنا إلى دائرة النفوذ الأميركي، شطبنا كل شيء بخفة يد واحدة ، في ليلة وضحاها ، حرفياً. والآن فقدنا أسواقًا تقدر قيمتها بالملايين. لقد فقدنا تأثير قوتنا الناعمة”.
ثمة أبعاد شخصية وإنسانية حكمت موقف كوستادينوف من محنة اللاجئين الفلسطينيين التي تجددت في حرب غزة . أولها أن جذوره الأولى تعود إلى عائلة لاجئين أجبرت على اللجوء عام 1878 من قرية كانت تقع ناحيه أودرن ( أدرنة) من منطقة تراقيا الشرقية . وهو يقول ” عانى ثلث الشعب البلغاري من مآسي مماثلة في تاريخ عائلاتهم. ولهذا السبب بالتحديد أنا حساس للغاية لمثل هذا المصير”. أما البعد الثاني فمرتبط بممارسات إسرائيل . ويقول في هذا الصدد” ونحن نرى كيف يمارس إرهاب الدولة والإبادة الجماعية. وعلاوة على ذلك ينفذها بلد يدعي أنه هو نفسه كان في يوما ما ضحية. نعم، إنها حقيقة لا تقبل الجدل أن اليهود كانوا ضحايا الإبادة الجماعية. ولكن هل هذا يبرر لهم أن يقوموا بدورهم حالياً بعمليات إبادة جماعية؟”.