وحده بنيامين نتنياهو هو المسؤول عن الكارثة التي حلت بإسرائيل، وأيا كانت ردة فعلها الآن على عملية السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 فلن يكون لذلك أي معنى.
يمكن بهذه العبارات أن نلخص رأي كتاب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بشأن العملية التي نفذتها حركة حماس الفلسطينية الإسلامية أمس السبت وأودت بحياة مئات الإسرائيليين وجرح أكثر من ألف وأسر أعداد أخرى كبيرة وفقدان مئات آخرين.
ففي مقال له تحت عنوان “مهما حدث في هذه الجولة من الحرب بين إسرائيل وغزة فقد خسرنا بالفعل” قال الكاتب بالصحيفة حاييم ليفينسون إن كل ما تفعله إسرائيل من الآن فصاعدا لن يكون له أي معنى حتى لو عثرت على محمد الضيف -في إشارة إلى قائد كتائب عز الدين القسام الفلسطينية التابعة لحماس- في مخبئه وقدمته للمحاكمة فلن يكون لذلك أي معنى، إذ إن الخسارة اكتملت مع الصفعة الأولى، وكل ما يأتي بعد ذلك “كلام فارغ”، حسب قوله.
تهكم
وتهكم الكاتب من إطلاق الجيش الإسرائيلي اسم “عملية السيوف الحديدية” على ما يقوم به حاليا من تصد للهجمات الفلسطينية، قائلا إن هذه العملية هي في واقع أمرها “عملية سقوط السراويل”، مبينا أن كل الجيش الإسرائيلي وجهاز أمن الشاباك وما لديهما من طائرات مسيرة وأجهزة تنصت متطورة وذكاء بشري وقدرة على استنزاع المعلومات من المصادر البشرية، ناهيك عما يستخدمانه من ذكاء اصطناعي، وما يطلق عليه “عباقرة وحدة النخبة (سيغينت 8200)، كل هذه الوسائل لم تكن لديها أدنى فكرة عما كان يخطط له في الخفاء.
وهو ما جعله يجزم بأن نجاح حماس في هذه العملية كان حدثا إستراتيجيا بالنسبة لدولة إسرائيل، إذ أدى إلى انهيار الشعور بالأمان بين الإسرائيليين وكشف عورة الجيش الإسرائيلي ووهنه.
وقال إن كل هذا يعزز الشعور المتنامي بين الإسرائيليين بغياب الدولة، لافتا إلى أن الأمر لم يعد “لو حدث لي شيء ما فإن شخصا ما سيهب لنجدتي”، فها هم الناس يتعرضون للأذى ولم يجدوا من يسعفهم.
سيناريوهان
وأرجع الكاتب هذه الوضعية اليائسة إلى 14 عاما من حكم نتنياهو، حكم الإدمان على الكذب، حسب قوله، وهو ما نتج عنه “شيئا فشيئا نمو طفرات تهدد وجودنا هنا”.
واعتبر ليفينسون أن إسرائيل تمر اليوم بنقطة تحول من خلال أحد سيناريوهين، ففي ظل السيناريو المتفائل “سوف نطرد هذه المجموعة الفاشلة من القادة لصالح أشخاص موهوبين ومؤهلين يمكنهم إعادة البلاد إلى العمل، أما في ظل السيناريو المتشائم فستستغل الفصائل الفاشية في الحكومة الأزمة الجديدة لتحديد الأعداء والخونة المسؤولين عن الكارثة”.
ومن المنظور نفسه، قال الكاتب في الصحيفة نفسها آلون بنكاس إن هجوم حماس أمس السبت كان بمثابة كارثة إسرائيلية تتجاوز كل المقاييس، حيث فشلت الدولة بقيادة نتنياهو وفشل جيشها بشكل مذهل في حماية مواطنيها.
التداعيات
ولا بد -حسب الكاتب- من أن تكون هناك تداعيات عسكرية ودبلوماسية وإقليمية وسياسية لهذه العملية، لكن تقييمها في هذه المرحلة سيكون سابقا لأوانه إلى حد كبير ويحمل قدرا كبيرا من التخمين، لكن ما هو واضح تماما هو أن النموذج الإسرائيلي في التعامل مع غزة أمنيا وسياسيا، وفي التعامل مع القضية الفلسطينية عموما انهار تماما، وفقا لبنكاس.
وفضلا عن الفشل الاستخباري المدوي عدّد الكاتب -وهو دبلوماسي إسرائيلي سابق- إخفاقات أخرى لإسرائيل على المستويات التكتيكية والعملياتية والإستراتيجية.
وحذر بنكاس من أن ما يروج له نتنياهو منذ القدم بأنه سيجتث حماس لن يكون سهلا.
وفي هذا الصدد، أورد ما تسرب من وثيقة أعدتها المخابرات العسكرية الإسرائيلية في أعقاب عملية “الجرف الصامد” عام 2014، وأكدت فيها لنتنياهو أن القضاء على حماس يتطلب 5 سنوات من الحرب والكثير من التضحيات، بما في ذلك تهديد السلام مع مصر.
وختم بقوله “سواء تصرفت حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي أو الضم الزاحف، وسواء كان ذلك انتهازية أصبحت ممكنة بسبب الأزمة السياسية في إسرائيل، وسواء كان الدافع لها معارضة صفقة التطبيع السعودية المطروحة فإن يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول كان بمثابة تغيير لقواعد اللعبة، وهو يوم سيظل عارا في جبين إسرائيل”.