تم التعهد بملياري يورو للمؤتمر الإنساني الدولي من أجل السودان الذي انعقد يوم الاثنين 15 أبريل/نيسان الجاري، لكن ذلك أبعد ما يكون عن تغطية احتياجات الكارثة الإنسانية التي تتكشف في هذا البلد نظرا لفداحتها.
بهذه الفقرة مهدت مديرة إحدى المنظمات الإغاثية الدولية لمقال لها بصحيفة ليبراسيون الفرنسية عبّرت في بدايتها عن ارتياحها بأن العالم بدأ أخيرا يهتم بما يحدث في السودان بعد عام من تجاهله.
وقالت جوستين موزيك بيكيمال، المديرة الإقليمية لمنظمة “التضامن الدولية/سوليداريتي إنترناسيونال” غير الحكومية، إنها عندما تتحدث عن الأزمة في هذا البلد، فهي لا تتلفظ بمجرد كلمات، وإنما تتحدث عن وضع كارثي، عن 24.8 مليون شخص، أو واحد من كل شخصين في السودان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
ولفتت المديرة إلى أن المنظمات غير الحكومية ظلت تدق ناقوس خطر مجاعة تلوح في الأفق خاصة في إقليم دارفور، موضحة أن التقديرات كانت تشير في بداية العام الجاري إلى أن ما يقرب من 5 ملايين شخص كانوا في حالة طوارئ غذائية، وهو ما يعني بشكل ملموس أن ملايين الأطفال لم تعد لديهم القوة اللازمة للوقوف، وذلك في ظل استمرار التفجيرات اليومية والمعارك والنزوح.
وأضافت أن أعمال العنف تسببت في نزوح أعداد هائلة من السودانيين، وقد وجد ما يقرب من مليونين منهم ملجأ في البلدان المجاورة الهشة بالفعل مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.
لكن بيكيمال نوهت بالمؤتمر الإنساني الدولي الذي خصص للوضع في السودان وجيرانه والذي نظمته فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، متمنية أن يمثل ذلك بداية لحل نقص التمويل الذي كان حتى الآن هائلا.
وذكرت أن المجتمع الدولي قدر احتياجات السكان في هذا البلد بحوالي 4.01 مليارات دولار، لم يتم توفير سوى 7% منها فقط.
وشددت الكاتبة على أن التحرك بشكل متناسب الآن من شأنه أن يمنع الأزمة من الوصول إلى نطاق أوسع، موضحة أن السبيل إلى ذلك هو تحويل وعود التمويل إلى أفعال ملموسة، والتأكد من تقديم التمويل المخطط له للمنظمات غير الحكومية الموجودة على الأرض، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان.
وطالبت بيكيمال بفتح الحدود فورا وإزالة كل العوائق التي تجعل المنظمات غير الحكومية عاجزة عن إيصال المساعدات إلى مستحقيها داخل السودان.
وقالت إن تلك العوائق تتمثل أولا في العنف، إذ لا يزال من المستحيل الوصول إلى قطاعات كاملة من السكان السودانيين الذين هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة.
وأضافت أن الوصول إلى مدينة الخرطوم، التي وقعت في معمعان الحرب، يكاد يكون مستحيلا، كما تعاني مدينة الفاشر من وضع إنساني كارثي بسبب عدم وصول الإمدادات.
ونسبت بيكيمال لفرق تابعة لمنظمتها قولها إن نهاية الأسبوع الماضي وحده شهدت فرار 50 ألف شخص بسبب القتال الدائر في هذه المنطقة.
كما تعتبر الخيارات السياسية والقيود الإدارية، حسب بيكيمال، عوائق يجب تذليلها عبر فتح الحدود وإصدار التأشيرات للوصول إلى المحتاجين للمساعدة.
ولفتت الكاتبة إلى أن ما يضطرها للحديث عن ملايين البشر ومليارات الدولارات هو محاولة وصف فداحة الوضع، لكنها مع ذلك، ترفض أن تختفي حياة الأشخاص الذين يعانون من الحرب والمجاعة والفقر في السودان “خلف هذه المحاسبة الباردة”.
فيجب، حسب قولها، أن نجعل هذه القصص والشهادات مسموعة في دوائر لا نجد فيها، في كثير من الأحيان، سوى التقارير والتحليلات.
وأضافت أن كل المتضررين يصفون نفس الوضع، ساعات من المشي هربا من القتال، تاركين كل شيء خلفهم، والعجز عن زراعة الأراضي بسبب العنف المسلح، والآباء الذين يتضورون جوعا كي يأكل أبناؤهم، بل إن البعض وصل حد التغذي على لحاء جذوع الأشجار وأوراقه وقشور الفول السوداني.
وحذرت من أن صور الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية سوف تغمر وسائل الإعلام قريبا، مشيدة بالاهتمام الجديد للمجتمع الدولي وطالبت باستمراره بشكل حثيث.
وختمت بقولها إن ما طالبت به إذا لم يحدث، فإن العالم سوف يتحمل المسؤولية المشتركة عن المجاعة في دارفور، ولا بد أن تتبع الوعود بإجراءات ملموسة، “فهذه مسؤوليتنا الجماعية”، على حد تعبيرها.