واشنطن- بينما تواصل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دعمها السياسي والدبلوماسي والعسكري لإسرائيل، تعمل الأجهزة الأمنية الأميركية على نقل المزيد من العتاد والرجال إلى المنطقة، مع استمرار عملية “طوفان الأقصى” لليوم الخامس على التوالي.
ويعمل مسؤولون أميركيون وراء الكواليس، وبالتعاون مع عدد من الدول الحليفة التي لها علاقات طيبة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مثل تركيا وقطر ومصر، لتجميع صورة دقيقة عن عدد الأسرى الأميركيين في غزة، وما الذي يمكن فعله حيال ذلك.
وكان الرئيس الأميركي قد وجه إدارته لتبادل المعلومات الاستخباراتية، وكلف خبراء إضافيين من جميع أجهزة الحكومة الأميركية للتشاور مع نظرائهم الإسرائيليين بشأن جهود استعادة أسراهم. وأشارت شبكة “سي إن إن” إلى وجود قوات خاصة أميركية في إسرائيل، يمكن أن تقدم خبراتها في التعامل مع أزمة الرهائن.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي قد أشار في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، أمس الأربعاء، إلى مقتل 22 مواطنا أميركيا في عملية طوفان الأقصى، كما أن هناك 17 أميركيا آخرين في عداد المفقودين، ويعتقد على نطاق واسع أن هؤلاء المفقودين موجودون ضمن الأسرى الذين تحتفظ بهم حركة حماس.
قانون الرهائن لعام 1868
وأجمع عدد من الخبراء القانونيين ممن تحدثت إليهم الجزيرة نت على وصف هؤلاء المحتجزين الأميركيين بـ”الرهائن” طالما كان احتجازهم بصورة تخالف رغبتهم، ويتم استخدامهم لغايات سياسية مع تهديد بالقضاء عليهم في بعض الحالات.
وقال بروس فاين، المساعد السابق لنائب وزير العدل الأميركي والخبير القانوني، في حديث مع الجزيرة نت، “إن التزام إدارة بايدن تجاه الرهائن الأميركيين يعتمد بالأساس على (قانون الرهائن لعام 1868) والذي أقره الكونغرس، ووقع عليه الرئيس أندرو جاكسون في 17 يوليو/تموز 1868”.
وينص القانون على أنه “إذا أبلغ الرئيس بأن أي مواطن من مواطني الولايات المتحدة قد حرم ظلما من حريته من قبل أي حكومة أجنبية، يكون من واجب الرئيس أن يطلب فورا من تلك الحكومة الإبلاغ عن أسباب هذا السجن. وإذا بدا أنه غير مشروع، وينتهك حقوق المواطنة الأميركية، يطالب الرئيس فورا بالإفراج عن هذا المواطن، وإذا تأخر الإفراج المطلوب، أو رفض، يجب على الرئيس استخدام كل الوسائل -التي لا ترقى إلى أعمال الحرب، ولا يحظرها القانون- للحصول على الإفراج أو تنفيذه”.
وأكد فاين أن “حركة حماس والسلطة الفلسطينية يعدان بمثابة حكومتين أجنبيتين بالمعنى المقصود في القانون السابق ذكره”. وتابع “كما تضع الأحكام المتعلقة بالقانون بروتوكولات للاتصال والتنسيق مع أسر الرهائن للإفراج عنهم”.
بدائل أمام واشنطن
واشنطن لها تجربة مريرة في تحرير الرهائن الأميركيين بالقوة، إذ فشلت أشهر محاولة لتحرير 52 رهينة أميركية احتجزتهم إيران عقب اندلاع الثورة عام 1979، وذلك لمدة 444 يوما.
وفشلت القوات الأميركية في محاولة لتحرير الرهائن في أبريل/نيسان 1980، وهو ما نتج عنه مقتل 8 جنود أميركيين سقطت طائرتهم المروحية في الصحراء، وأرجع كثير من المعلقين السياسيين خسارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر انتخابات الرئاسة في ذات العام إلى أزمة الرهائن الأميركيين.
ويقول البروفيسور بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا جيريمي ماير، إن الإدارة الأميركية ليس لديها العديد من الخيارات في حالة رهائنها لدى حماس، وإذا كان بايدن سيتعامل مع حركة حماس بأي شكل من الأشكال، فسيبدو وكأنه يتفاوض مع الإرهابيين.
“ولنا أن نتذكر أن ذلك كاد أن ينهي رئاسة ريغان في حالة فضيحة “إيران كونترا”، حيث تفاوض مع إيران وحزب الله على تحرير الرهائن الأميركيين بلبنان”، وفق ماير.
وقال ماير للجزيرة نت “إذا كنا نتفاوض بشكل منفصل من أجل مواطنينا، فذلك سيغضب إسرائيل، وربما يرى بعضهم وكأننا نعمل ضد سياسة إسرائيل الخاصة بها في هذه القضية”. مستبعدا أن تتبنى إدارة بايدن سياسة الانتقام من حركة حماس، “سندع إسرائيل تأخذ زمام المبادرة، وربما سندعم كل ما تفعله”.
التزامات قانونية
وعرضت شبكة سي إن إن نداءات لبعض الفلسطينيين الأميركيين ممن علقوا داخل قطاع غزة خلال الأيام الماضية، ويحاولون إيجاد طرق للخروج من تحت القصف، لكنهم لم يتلقوا أي دعم من مسؤولي السفارة الأميركية في القدس.
وعن الناحية القانونية، والتزام الحكومة الأميركية تجاه الفلسطينيين من حملة الجنسية الأميركية المحاصرين سواء داخل إسرائيل أو داخل قطاع غزة، قال ماير إنه “لا توجد التزامات قانونية تجاه المواطنين الأميركيين في مناطق النزاع بخلاف تقديم الخدمات القنصلية. وقد سبق وقتلت إسرائيل مواطنة أميركية من أصل فلسطيني، كانت تعمل صحفية في الضفة الغربية! لقد ضغطنا على إسرائيل لإجراء تحقيقات، وكان هذا كل ما يمكننا القيام به”.
وفي هذه اللحظة من الصراع والضغط، استبعد ماير أن يحصل المحتجزون بغزة على اهتمام خاص من الحكومة الأميركية. في حين رجح أن يحظى الأميركيون داخل إسرائيل بمزيد من الاهتمام.