غزة– وصف مدير جهاز الدفاع المدني بمناطق شمال قطاع غزة، العقيد أحمد الكحلوت، الوضع فيها بالـ”مأساوي للغاية”؛ حيث يتفاقم الحصار المستمر منذ 14 يوما، مما يجعل حياة السكان أكثر قسوة.
وذكر الكحلوت في حوار خاص مع الجزيرة نت، أن قوات الاحتلال قتلت قرابة 400 فلسطيني في الأسبوعين الماضيين بهذه المناطق، فيما لا تزال جثامين العديد من الشهداء ملقاة في الشوارع، بينما يفتقد السكان للماء، والطعام، والعلاج.
وتطرق الكحلوت باستفاضة لتدمير الاحتلال للأحياء السكنية والبنية التحتية، وذكر أن الدمار الذي أصاب شمال القطاع كبير جدا، حيث دُمّرت مناطق بأكملها، باستخدام وسائل جديدة مثل الروبوتات والبراميل المتفجرة.
وفيما يلي نص الحوار:
-
كيف تصف الأوضاع في شمال قطاع غزة من حيث موقع عملك؟
لليوم الـ14 تزداد أوضاع المواطنين صعوبة وتتفاقم معاناتهم، وتشتد الأزمة نتيجة التطويق والحصار الخانق على الشمال عموما، ومخيم جباليا على وجه الخصوص.
ومنذ أسبوعين يُحرم المواطنون من الماء والطعام وأي نوع من العلاج، ويزداد الحصار ضراوة ويزداد القتل والقنص، وهناك أكثر من 400 شهيد منذ بداية هذا العدوان، وتزداد الحالة صعوبة، وتتفاقم ساعة تلو الأخرى.
-
هل تم انتشال هؤلاء الشهداء جميعا ووصلوا للمستشفيات؟
هذه الإحصائية تخص الجثامين التي وصلت للمستشفيات، (كمال عدوان والعودة والإندونيسي) ولكن ما يزال عدد من الشهداء ملقى في الشوارع، وخاصة في منطقة أبو شرخ والقصاصيب ومنتصف مخيم جباليا، وفي منطقة بئر النعجة ومحيط الدفاع المدني ومدرسة فيصل، هذه المناطق التي تتوغل فيها آليات الاحتلال.
تأتينا إشارات بوجود جثامين للشهداء ملقاة على الشوارع، ولكن للأسف طواقم الدفاع المدني غير قادرة على الدخول لتلك المناطق لوجود خطر شديد، فالاحتلال يقصف أي طواقم للدفاع المدني أو الإسعاف تحاول الدخول لتلك المناطق.
-
هل لديكم تقدير لأعداد الشهداء الذين ما يزالوا تحت الأنقاض أو الملقون في الشوارع؟
لا يوجد لدينا إحصائية حولهم، لكن تأتينا إشارات بوجود جثامين في الشوارع وكذلك جثامين تحت الأنقاض، لأن الاحتلال دمر أجزاء كبيرة جدا من محافظة شمال القطاع، ويقنص الناس في الشوارع ويقتل كل ما يتحرك.
-
هل لديكم معلومات حول مساحة ما تم تدميره من مبان؟
مساحة محافظة شمال القطاع حوالي 61 كيلومترا، جزء كبير منها فارغ في شمال بيت حانون وبيت لاهيا، والمناطق المكتظة هي مخيم جباليا وبلدة جباليا ومحيط مشروع بيت لاهيا. وكان الاحتلال قبل العدوان الحالي، قد دمر أكثر من 80% من المنازل والبنية التحتية، وآبار المياه ومقومات الحياة. ومع هذه العملية، يكمل الاحتلال تدمير كل مقومات الحياة، وكافة المنازل في كافة المناطق.
مثلا، الاحتلال خلال الأيام الماضية دمر بشكل هائل منطقة دوار أبو شرخ من خلال نسف مربعات سكنية بالكامل وليس منازل، وكذلك في منطقة القصاصيب، ومنطقة وسط مخيم جباليا (منطقة السوق والمؤن)، وكذلك منطقة نادي خدمات جباليا ومنطقة شارع عسلية، و”شارع زمّو” والمناطق المحيطة بـ”إستوديو سلطان”. هذه المناطق مدمرة أصلا، لكن الاحتلال استكمل تدمير ما لم يدمره سابقا.
والآن يستكمل الاحتلال تدمير مناطق الفالوجا، وأبو شرار، وحمدان، ومحيط دوار أبو شرخ، ومنطقة الاتصالات، وجميعها ضمن نطاق مخيم جباليا، عبر زرع البراميل المتفجرة ونسف مربعات سكنية بالكامل.
-
ما هي المعلومات المتوفرة لديكم حول البراميل والروبوتات المتفجرة؟
ما يميز هذه العملية الجديدة على الشمال استخدام الاحتلال لمنظومة التفجير بواسطة الروبوتات والبراميل المتفجرة.
الاحتلال ينسف مربعات كاملة من خلال وضع آليات مدرعة تعمل آليا بدون عنصر بشري كـ”روبوتات”، بداخلها كمية كبيرة جدا من المتفجرات، تتقدم وسط المباني السكنية ثم يُقدم على تفجيرها عن بُعد لتدمير مربع سكني كامل وليس فقط مبنى واحدا أو عدة مبان، كما أنها تدمر البنية التحتية. ونُقدّر أن الروبوت الواحد يحمل نحو 5 أطنان من المتفجرات تتسبب في دمار هائل.
أما البراميل المتفجرة فيتم زرعها أسفل الأبراج العالية والمناطق السكنية أيضا بواسطة آليات مدرعة وكذلك الجرافات (العملاقة) من نوع (دي-9)، ثم زرعها وتفجيرها عن بُعد أيضا، وتتسبب بانهيارات هائلة وقتل الكثير من الناس في المباني المستهدفة وفي محيطها أيضا.
-
هناك شهادات حول تعمّد الاحتلال قتل الكثير من العائلات التي حاولت النزوح من مخيم جباليا لبلدة جباليا ومدينة غزة عبر دوار أبو شرخ، هل لديكم تأكيد لهذه المعلومة؟
صحيح، جاءتنا إشارات في الأيام الأولى للعدوان الحالي بأن بعض المواطنين حاولوا اجتياز دوار أبو شرخ للذهاب إما لبلدة جباليا أو مدينة غزة، لكن تم استهدافهم بالرصاص من طائرات الكواد كابتر. وأيضا تساقطت قذائف المدفعية على الدوار وسقطت أعداد من الشهداء.
ولدينا إشارات حول وجود جثامين ما تزال ملقاة قرب الدوار عند محطة صافي للبترول، وأيضا على الدوار نفسه، وخاصة على المدخل المؤدي لبلدة جباليا، ولا يمكن الوصول لها.
-
تزعم سلطات الاحتلال أنها أدخلت شاحنات مساعدات إلى شمال القطاع، ما صحة هذا الأمر؟
لم يصل أي شيء للشمال، لا مساعدات غذائية ولا علاجية، ولا حتى مياه للشرب، والناس يتدبرون أمورهم بصعوبة كبيرة جدا. هناك حوالي 200 ألف نسمة يقطنون محافظة شمال غزة، وهناك بوادر مجاعة حقيقية خاصة بين كبار السن والأطفال لعدم توفر الغذاء والماء والعلاج.
والمواطنون بدؤوا باستخدام مياه غير نظيفة ربما تكون مختلطة بمياه الصرف الصحي، مما يهدد بتفشي الأوبئة والأمراض.
-
ما أبرز التحديات التي تواجه فرق الدفاع المدني في عملها خلال العدوان؟
الجهاز يتعرض لحصار منذ ما قبل الحرب ويمنع من تحديث معداته، ومع بداية الحرب دمر الاحتلال كل ما كان موجودا من إمكانيات ومعدات ومراكز وآليات.
يتدبر الدفاع المدني أموره بصعوبة شديدة وبأساليب بدائية كي يواصل تقديم الخدمة للمواطنين لإخماد الحرائق المندلعة وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض، وإنقاذ الجرحى والمصابين والبقاء قيد الخدمة.
هل يعقل أنه لم يتم حتى الآن تزويد الدفاع المدني بأي مركبة بديلة أو أي معدات أو أي لتر وقود واحد، رغم أننا مؤسسة مدنية إغاثية؟.
-
هل تعرضتم لاستهداف مباشر خلال هذا العدوان؟
نعم، وأُصيب 5 من كوادرنا، إصابة أحدهم متوسطة والباقي خفيفة، ولحقت أضرار بمركبة إطفاء وإسعاف.
أما منذ بداية الحرب، وفي منطقة شمال القطاع فقط، قتل الاحتلال 18 من كوادرنا وأصاب 70 آخرين، وهم على رأس عملهم يقدمون الخدمة لشعبهم.
ودمر الاحتلال جميع مراكزنا وعددها 3، وكذلك 7 آليات من أصل 9، ولم يتبق لنا سوى مركبتين داخل الخدمة.
دور المؤسسات الدولية وخاصة الصليب الأحمر يكاد يكون ضعيفا جدا لأن الاحتلال يمنع التنسيق، ويمنع تدخلهم.