غزة- حذّر مدير عام مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، من أن تنفيذ إسرائيل تهديدها باقتحام مدينة رفح يُنذر بوقوع كارثة ومجزرة قد تُخلّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى، مشيرا إلى أن 50% من سكان القطاع يقيمون حاليا في المدينة الحدودية.
وقال الثوابتة -في حوار خاص بالجزيرة نت- إن إسرائيل تمارس سياسة تجويع مقصودة ضد سكان القطاع عامة، وفي محافظتي غزة والشمال خاصة. وذكر أن الاحتلال يستخدم سياسات “الإبادة الجماعية” لفرض سياسة تهجير الغزيين إلى الخارج، وأن المساعدات التي تدخل القطاع لا تتجاوز 2% من احتياجات المواطنين.
وأضاف الثوابتة أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى اعتقال الاحتلال قرابة 2600 فلسطيني خلال الحرب، يعيشون ظروفا مأساوية، في حين أعدم الاحتلال أكثر من 137 معتقلا.
وقدّر المسؤول الحكومي خسائر القطاع المباشرة بنحو 15 مليار دولار، دون الأخذ بالاعتبار الخسائر غير المباشرة.
وفيما يلي نص الحوار:
-
في ظل تهديد الاحتلال بعملية عسكرية في رفح، واستهدافها بغارات شديدة، كيف تصف الحكومة الوضع الإنساني الحالي هناك؟ وما الذي تقدمه للسكان؟
الاحتلال لديه نية مبيتة وتهديدات واضحة بمهاجمة محافظة رفح (جنوب قطاع غزة) واجتياحها، وهي تضم أكثر من مليون و400 ألف مواطن غالبيتهم نازحون من محافظات أخرى، وهذا ينذر بوقوع كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى حسب توقعاتنا.
وما أعربنا عن خشيتنا منه وقع جزئيا وذلك عندما ارتكب جيش الاحتلال مجزرة مُروّعة فجر الاثنين 12 فبراير/شباط الحالي، راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد.
وبالنسبة لنا كحكومة، فإننا نحاول تقديم ما نستطيع من خدمات على مستويات متعددة، فيوجد لدينا 3 مستشفيات صغيرة وطواقم الدفاع المدني والشرطة وطواقم التنمية الاجتماعية التي تقدم المساعدات للنازحين، إضافة إلى الطواقم الحكومية المساندة من جميع الوزارات.
-
تواصل إسرائيل عدوانها على خان يونس، ما هي البيانات المتوفرة لديكم حول آثار هذا العدوان على البشر والمنشآت والمرافق؟
تُعد محافظة خان يونس ثاني أكبر المحافظات في القطاع بعد محافظة غزة، واستهدف الاحتلال كل شيء فيها، حتى إن عدد الشهداء فيها تجاوز 11 ألف شهيد وأكثر من 20 ألف جريح حتى الآن.
واليوم نتحدث عن استهداف الاحتلال مجمع ناصر الطبي تحديدا حيث تم اقتحامه ويجري إخلاؤه من الجرحى ونقلهم إلى مستشفيات أخرى.
-
تمارس إسرائيل سياسة التجويع وخاصة في مدينة غزة وشمال القطاع، كيف تصف لنا الأمور هناك؟
نؤكد نفاد المواد الغذائية في غزة والشمال، وبدء وقوع مجاعة حقيقية يواجهها قرابة 600 ألف إنسان.
لقد أجبر الاحتلال أهلنا هناك على طحن أعلاف الحيوانات والحبوب بدلا من القمح المفقود، كما يمنع وصول أي مساعدات إلى هاتين المحافظتين وهما بحاجة إلى ألف شاحنة من المساعدات يوميا لضمان عدم حدوث مجاعة حقيقية.
-
إسرائيل ماضية في سياسة التهجير القسري الداخلي، ما هي البيانات المتوفرة لديكم حول النازحين وأماكن وجودهم؟
أدت عمليات الإبادة الجماعية إلى نزوح مليوني إنسان من منازلهم، حتى وصلت الأعداد الأخيرة للنازحين إلى مليون و200 ألف نازح في محافظة رفح وحدها، بنسبة 50% من السكان.
وبقي في محافظتي غزة وشمال غزة 600 ألف مواطن (25% من سكان القطاع)، ويوجد حاليا في المحافظة الوسطى التي تُعتبر مركزا ثانيا للنزوح الحالي أكثر من 500 ألف مواطن بنسبة 21% من سكان القطاع.
وظل في محافظة خان يونس، التي تتعرض لاجتياح وقتل جماعي، 100 ألف مواطن بنسبة 4% من سكان قطاع غزة.
-
منذ ما قبل الحرب يفتقد القطاع المياه العذبة بشكل كامل، هل يجد الغزيون المياه الصالحة للشرب؟
يعاني القطاع من أزمة مياه حقيقية، فقبل الحرب كانت 97% من مياهه غير صالحة للشرب، وأثناء الحرب تفاقمت الأزمة بسبب تدمير الاحتلال البنية التحتية لشبكات المياه ومحطات التحلية.
وخلال الحرب، أصبح الحصول على مياه للشرب عبارة عن حلم صعب التحقق لدى أكثر من 95% من الأهالي والأحياء والمناطق، وبالتالي يلجأ المواطنون إلى شرب المياه المالحة وغير المعالجة التي تسبب ضررا كبيرا.
-
كم عدد شاحنات المساعدات التي تدخل يوميا؟ وهل تكفي لسد حاجة السكان؟
لا تتجاوز المساعدات التي تدخل القطاع 2% من احتياجات المواطنين، حيث بلغ إجمالي عدد الشاحنات التي دخلت منذ بداية الحرب -تقريبا- 2300 شاحنة، بمعدل 17 شاحنة يوميا.
وتستلم المؤسسات الدولية الجزء الأكبر من المساعدات، وهي جهات تعمل بحرية تامة. ولدينا معلومات أن هناك مئات آلاف الأطنان من المساعدات متكدسة على الجانب الآخر من معبر رفح، وهذا مؤسف جدا.
-
ثمة نقص شديد في إمدادات الوقود التي تدخل غزة، كم يدخل يوميا من وقود؟ وما تأثير ذلك على أوضاع سكان القطاع؟
القطاع بحاجة يوميا إلى مليون لتر من الوقود لتشغيل كل المرافق من مستشفيات ومراكز إيواء ومخابز، ومحطات تحلية، وآبار، وغيرها.
لكن الوقود لا يدخل إلا بنسب قليلة جدا، وهناك أسابيع ممتدة تستمر دون أن تدخل قطرة وقود واحدة، وهذا ما يُحدث كوارث متعددة أبرزها توقف مستشفيات ومرافق حيوية عن العمل.
وبلغ عدد شاحنات الوقود التي دخلت القطاع، منذ بداية الحرب وحتى الآن، قرابة 66 شاحنة وقود ما بين السولار وغاز الطهي وقليل من البنزين، وهذا يعني أن ما يدخل القطاع قرابة نصف شاحنة فقط في اليوم الواحد.
-
هل تتوفر لديكم بيانات حول أعداد الغزيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال في مناطق متعددة من القطاع وأخفاهم قسريا؟ وما مصيرهم الآن؟
المعلومات المتوفرة لدينا هي أن الاحتلال اعتقل قرابة 2600 شخص، بينهم 99 من الطواقم الطبية و10 من الصحفيين. ويعيش المعتقلون ظروفا مأساوية، وقد وصلتنا إفادات مرعبة عديدة حول واقعهم.
وبشأن موضوع إعدام الأسرى، وصلتنا شهادات حية تفيد بأن جيش الاحتلال ارتكب جرائم إعدام ميدانية بحق أكثر من 137 معتقلا مدنيا فلسطينيا في محافظتي غزة والشمال، وسنتحدث عن هذه الجرائم بشكل أوسع لاحقا.
-
ما آخر إحصائية للشهداء والجرحى والمفقودين؟
حتى يوم الخميس 15 فبراير/شباط الحالي، ارتفعت حصيلة العدوان إلى نحو 35 ألفا و500 شهيد ومفقود، بينهم 28 ألفا و663 شهيدا و68 ألفا و395 إصابة. وهناك نحو 2493 مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال.
ومن بين الشهداء حوالي 12 ألفا و400 طفل، و8 آلاف و450 امرأة، و340 من الطواقم الطبية، و46 من الدفاع المدني، و126 من الصحفيين. وهناك قرابة 11 ألف جريح يحتاجون للسفر للعلاج.
-
ما هو الوضع الصحي عموما ومن ضمنه أحوال المستشفيات؟
يمكن وصف الوضع الصحي بأنه تجاوز مرحلة الكارثية، حيث إن جيش الاحتلال يستهدف بشكل مركّز ومقصود القطاع الصحي، وهدم ودمر وحرق 30 مستشفى وأخرج 53 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، و150 مؤسسة بشكل جزئي، واعتقل 99 من الأطباء والكوادر الصحية، ودمر 123 سيارة إسعاف.
-
كيف تقوم الحكومة بمهمتها ومسؤولياتها في ظل هذه التحديات؟
تقدم الحكومة خدماتها بالحد الأدنى على جميع الأصعدة الممكنة، مثل تقديم الخدمات الصحية والمساعدات والإغاثة ومحاولة توفير خدمة الأمن، وتقديم الخدمات الإعلامية والمعلومات للطواقم الصحفية.
كما تحاول توفير السلع والمستلزمات اليومية للمواطنين وتقديم الخدمات المحلية المختلفة من خلال البلديات. لكن الخدمة المقدمة للناس قليلة بسبب استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال.
-
تواصل إسرائيل استهداف التعليم والجامعات والمدارس، ما هي البيانات المتوفرة لديكم في هذا المجال؟
هناك انعكاسات كارثية على واقع التعليم في قطاع غزة، فالظاهر من خلال الحرب أن الاحتلال يريد اجتثاث التعليم واستهدافه بشكل واضح ومقصود، فهناك 100 مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلي، في حين دمر 295 مدرسة وجامعة بشكل جزئي.
-
ما وضع المؤسسات الثقافية والأماكن الأثرية والتاريخية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي؟
استهدف جيش الاحتلال ودمّر أكثر من 200 موقع أثري وتراثي من أصل 325 موقعا في قطاع غزة، ما بين مساجد أثرية وكنائس ومدارس ومتاحف ومنازل أثرية قديمة ومواقع تراثية مختلفة.
إن المواقع التراثية والأثرية التي دمرها يعود أصل بعضها إلى العصر الفينيقي، وأخرى إلى العصر الروماني، ويعود تاريخ بناء بعضها إلى 800 عام قبل الميلاد، وبعضها إلى 1400 عام، وأخرى إلى 400 عام، وهي إشارة واضحة لرسوخ الحق الفلسطيني في الأرض الفلسطينية التي يحاول الاحتلال تغيير معالمها بالقصف والاستهداف المباشر.
-
هل لديكم إحصائية حول الخسائر الاقتصادية في مختلف النواحي الزراعية والصناعية والبنى التحتية بشكل عام؟
نحن أمام كارثة حقيقية متعددة الأوجه، والخسائر التقديرية والأولية المباشرة التي تعرض لها قطاع غزة على مستوى القطاعات المذكورة -حتى الآن- تقدَّر بأكثر من 15 مليار دولار، وذلك دون الأخذ بالاعتبار الخسائر غير المباشرة نظرا لصعوبة حصرها في الوقت الحالي بسبب استمرار حرب الإبادة الجماعية على القطاع منذ 130 يوما.
-
ما تعليقكم على ما يتردد حول مخططات إسرائيل لنقل معبر رفح إلى معبر كرم أبو سالم والسيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة ومصر؟
هذه كارثة على جميع الأصعدة، السياسية والإنسانية، وسيكون لها تداعيات وآثار كارثية على شعبنا الفلسطيني، وذلك كفيل بإحداث التوترات السياسية بين الاحتلال ومصر وشعبنا، وسيؤدي تطبيق هذا الأمر إلى فقدان السيادة المصرية والفلسطينية خاصة أن معبر رفح مهم جدا على مستوى العالم كله.
وسيؤدي أيضا إلى فقدان عدد كبير من الوظائف وزيادة نسب البطالة والفقر نظرا لنقل إدارات التحكم في المعبر من دولة عربية إلى الاحتلال.