تظهر المقاومة الفلسطينية من خلال عملياتها النوعية ضد جيش الاحتلال أنها رقم صعب في معادلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا يمكن تهميشه فضلا عن شطبه، وهو ما أشار إليه محللون سياسيون وعسكريون تحدثوا لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”.
وردا على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، كثفت فصائل المقاومة الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة من عمليات استهداف جيش الاحتلال، وخاصة في جباليا وفي بيت حانون شمالي قطاع غزة وفي رفح جنوبي القطاع، مما يؤكد -كما يقول الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري- أن المقاومة لا تزال تتحكم في ضبط وإدارة المعركة.
ولا يبدو الأمر مفاجئا بالنسبة للواء الدويري، لأن مقاتلي المقاومة لا يديرون معركتهم مع الاحتلال بالطرق التقليدية للحروب، بل هم يفكرون بطريقة مختلفة ويتخذون قراراتهم خارج النمط العسكري التقليدي، وهم ليسوا من خريجي المدارس العسكرية.
غير أن ما تقوم به فصائل المقاومة في غزة يشكل صدمة للإسرائيليين، بحسب الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، حيث باتوا يدركون أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما تزال قائمة ولديها الإمكانات والقدرة على إطلاق الصواريخ.
وكان أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز القسام -الجناح العسكري لحركة حماس-أعلن أنّ مقاتليها تمكنوا من أسر جنود إسرائيليين بعد أن تم استدراجهم إلى أحد الأنفاق. مشيرا إلى أن مقاتلي حماس نفذوا عشرات العمليات ضد القوات الإسرائيلية على مدار أكثر من أسبوعين في رفح وبيت حانون.
وقد باتت هناك قناعة لدى كتلة من الإسرائيليين -يضيف مصطفى- أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يمكنه إخضاع حماس في حربه على غزة، ويشككون في إمكانية تحقيق “الانتصار الساحق” الذي وعد به.
ويرى الأكاديمي -في حديثه لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”- أن الإسرائيليين باتوا أمام مسارين: إما الذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية، وإما وضع خطة إستراتيجية وسياسية لليوم التالي للحرب.
ويشير في نفس السياق إلى أن المؤسسة الأمنية والعسكرية تؤيد الذهاب لصفقة تبادل ووقف الحرب، لكن نتنياهو يرفض ذلك ويريد كسب الوقت على ضوء التطورات الحاصلة وخاصة بعد قراري محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية الخاصين بإسرائيل واعتراف بعض الدول بالدولة الفلسطينية.
وقال إن الضغوط الداخلية تتزايد على نتنياهو، وإن المتظاهرين والمعارضين باتوا يطالبون بإسقاطه من أجل الذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى.
قوة مستمرة
وتعليقا على ما نقلته القناة 12 عن مسؤولين استعداد إسرائيل لبحث إمكانية التوصل إلى هدوء مستمر في غزة، ضمن إطار مباحثات صفقة التبادل، قال الدويري إن ذلك يعود لأن المفاوضات ترتكز على الأداء الميداني.
وكان القيادي في حركة حماس أسامة حمدان قد أكد في وقت سابق للجزيرة أن المقاومة “لا تحتاج إلى تفاوض جديد والمطلوب واضح يتمثل في الانسحاب الإسرائيلي الفوري من قطاع غزة وأن يتوقف كل العدوان”.
وفي هذا السياق أكد أستاذ الأمن الدولي بجامعة جورج واشنطن، بنجامين فريدمان فشل محاولات إسرائيل الضغط على حماس من خلال عملية رفح، مقرا بأن حماس أظهرت من خلال عمليات إطلاق الصواريخ وأسر الجنود أنها قوة متواصلة ومستمرة ولا يمكن القضاء عليها أو إنهاؤها.
وبشأن إمكانية أن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل هذه المرة باتجاه وقف الحرب في غزة، شكك الضيف الأميركي في إمكانية حصول ذلك، وقال إن واشنطن غير مستعدة لفعل أكثر مما فعلته، مشيرا إلى أن الإدارة الحالية تخشى من اتهام الجمهوريين والرئيس السابق دونالد ترامب لها بدعم الفلسطينيين.