ماذا تريد أميركا والغرب من “سوريا الجديدة”؟ وما فرص نهضتها؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

اتفق الخبيران الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي والكاتب والباحث السياسي السوري عمر كوش على أن القيادة السورية الجديدة نجحت في توجيه رسائل طمأنة مهمة للداخل والخارج معا، مؤكدين أن هذه الرسائل تجلت في خطوات عملية على الأرض وليست مجرد تصريحات.

وبحسب مكي، فإن رسائل الطمأنة للخارج والداخل تكاد تكون متطابقة، موضحا أن الخارج يراقب عن كثب التطورات عبر وسطاء يتلقون رسائل قد لا تظهر للعلن.

وأشار إلى أن هذه الرسائل ركزت على المصالحة مع أنصار النظام السابق وتجنب الانتقام والثأر والسيطرة على الأمن ونبذ الطائفية.

من جانبه، رأى كوش أن السلطة الجديدة بدأت بخطوات عملية في حلب، حيث عقدت لقاءات مع المكون الأرمني وطمأنت المسيحيين على كنائسهم وأماكن عبادتهم، كما اجتمعت مع التجار لتأكيد أهمية عودة المدينة كمركز صناعي رئيسي للبلاد.

كما لفت إلى أن الحياة عادت إلى طبيعتها في دمشق خلال 3 أيام مع إعادة فتح المخابز والمتاجر، وتم الكشف عن السجون التي وصفها بـ”المسالخ البشرية”، مع صدور قرار بحل كل الأجهزة الأمنية.

زيارة وفد تركي

وفي الملف الإقليمي والدولي، شهد الموقف السوري تطورات لافتة، إذ أشار مراسل الجزيرة عبد العظيم محمد من دمشق إلى وصول وفد تركي رفيع المستوى للقاء القيادة السياسية والعسكرية الجديدة، في ظل تكتم شديد بشأن الملفات التي تمت مناقشتها، لافتا في الوقت ذاته إلى وجود اتصالات مكثفة تُجرى مع الإدارة السياسية من قبل دول غربية ودول المحيط الإقليمي.

وفيما يتعلق بالعلاقات الإقليمية، أكد كوش أن السلطة الجديدة تسعى إلى تقديم سوريا كعامل استقرار في المنطقة، على العكس من سلوك النظام السابق.

وفي هذا السياق، أشار كوش إلى أن العلاقات مع دول الجوار -خاصة الأردن– شهدت تحسنا ملحوظا مع إجراءات مثل مكافحة تهريب المخدرات.

وتأتي جهود القيادة الجديدة في سوريا لطمأنة دول الجوار والعالم فيما تواجه تحديات داخلية كبيرة.

وبحسب مراسل الجزيرة، فإن الحكومة السورية المؤقتة تواجه تحديات ضخمة على صعيد الخدمات، إذ يعيش المواطنون أوضاعا مزرية في مجالات الكهرباء والخبز والمحروقات.

وأضاف المراسل أن العائدين إلى دمشق بعد 13 عاما من النزوح يجدون المدينة في وضع أسوأ مما كانت عليه، مع تهالك المباني وتدهور البنية التحتية.

وفي السياق الأميركي، أشار المتحدثان إلى اهتمام متزايد بالوضع في سوريا، إذ أوضح الدكتور مكي أن الولايات المتحدة تركز على قضايا محددة تتعلق بموقف الحكومة السورية الجديدة من قضايا تهم واشنطن.

وأضاف الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات أن واشنطن تضع 3 ملفات رئيسية على طاولة المفاوضات، وهي الحكم غير الطائفي الذي يحترم الأقليات، ومسألة الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب.

وأشار مكي إلى أن اهتمام الولايات المتحدة ينصبّ على تأمين مصالحها ومصالح إسرائيل في المنطقة، وتحديد موقف سوريا من إيران وحزب الله، لكنه نبه إلى ضرورة إدراك أن هذه الأطراف تمثل خصوما للقيادة السورية الجديدة.

مواقف دولية

من جانبه، لخص الكاتب والباحث السياسي عمر كوش الموقف الأميركي في 3 نقاط أساسية: أولا أمن إسرائيل، وثانيا العلاقة مع حزب الله، وثالثا العلاقة مع إيران.

وأشار كوش إلى أن القيادة السورية الجديدة أعلنت استعدادها للتعاون في تحديد مواقع الأسلحة الكيميائية وتسليمها إلى الهيئات الدولية المختصة.

وفيما يخص العلاقة مع إسرائيل، حذر مكي من أن المخاوف الأكبر تتعلق باحتمال استثمار إسرائيل الفراغ السياسي لفرض منطقة عازلة في سوريا، مشيرا إلى أن هذه المنطقة قد تكون مقدمة لتأسيس كيان خاص، خاصة مع التركيز الإسرائيلي على موضوع الأقليات.

وبشأن مستقبل الوجود العسكري الأجنبي في سوريا، يتوقع مكي أن تعزز الولايات المتحدة وجودها بقواعد عسكرية وليس مجرد نقاط مراقبة، في حين يرجح تقلص النفوذ الروسي تدريجيا.

وأضاف أن المصالح الاقتصادية في إعادة الإعمار قد تذهب إلى تركيا، مع احتفاظ واشنطن بالملفات الأمنية.

ورغم كل التحديات التي تواجه سوريا الجديدة فإن فرص نهوضها مجددا تظل قائمة، حسب ما يؤكد مكي الذي قال إن ما يبعث على الأمل بعودة سوريا القوية هو أن شعبها قادر على إعادة بناء نفسه، و”سوريا لم تستدن أموالا ولم تستورد قمحا في السابق، مما يمنحها فرصة للنهوض السريع إذا توفرت الظروف المناسبة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *