نيروبي- اضطر الرئيس الكيني وليام روتو إلى إلغاء مراسم أداء اليمين لنائبه المعين كيثوري كينديكي التي كانت مقررة، اليوم السبت، بعد قرار المحكمة العليا تعليقها حتى يتم الاستماع إلى القضية، التي رفعها الفريق القانوني لنائب الرئيس المعزول ريغاثي جاتشاغوا، يوم الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وكان روتو قد عين، أمس الجمعة، وزير الداخلية كينديكي نائبا جديدا له بعد تصويت مجلس الشيوخ قبل يوم على عزل جاتشاغوا، رغم عدم قدرته على الدفاع عن نفسه إثر نقله إلى المستشفى أثناء الجلسة بسبب تعرضه لآلام شديدة في الصدر.
واعتبر محامو جاتشاغوا، في التماسهم إلى المحكمة العليا، أن قرار عزل موكلهم كان غير دستوري لعدم تمكنه من الدفاع عن نفسه. وبناء عليه، أصدر قاضي المحكمة قرارا بإيقاف تعيين كينديكي واعتبر أن الشكوى التي قدمها المحامون تثير “أسئلة جوهرية من وجهة نظر القانون والمصلحة العامة”.
خلفيات الإقالة
وكانت كينيا قد شهدت، الخميس الماضي، إقالة جاتشاغوا بعد موافقة مجلس الشيوخ على قرار عزله الذي أقره البرلمان في وقت سابق، وهو ما مثل سابقة تاريخية منذ تبني دستور كينيا الجديد في عام 2010، ويأتي في أعقاب سلسلة من الاتهامات الموجهة ضده والتي شملت مزاعم بالفساد، والتحريض على الكراهية العرقية، وتقويض سيادة القانون.
يرى الصحفي والمحلل السياسي الكيني داووتي كاهورا أن الأسباب الحقيقية لعزل جاتشاغوا سياسية بالأساس. وأن الرئيس روتو هو من حرض على ذلك لعدة أسباب، منها أن جاشاغوا لم يكن يجاريه في كل قراراته وكان يمثل عقبة أمام تنفيذ برامجه، لذا سعى إلى تغييره بأحد أكثر رجاله المخلصين.
ويضيف للجزيرة نت أن روتو استغل ريغاثي لكسب أصوات منطقة جبل كينيا إحدى أهم المناطق ذات التصويت الحاسم في الانتخابات الرئاسية 2022، ولمحاربة الرئيس السابق أوهورو كينياتا. و”بمجرد أن تم له ذلك، بدأ في التحرك للتخلص منه”.
لكن حسب كاهورا، فالسبب الأهم والأعمق هو أن الإقالة كانت “مؤامرة فرعية لمخطط أكبر وهو تقسيم أصوات هذه المنطقة، إذ ليس من قبيل المصادفة أن البديل الذي اختاره روتو ليحل محل جاتشاغوا هو كينديكي الذي ينحدر أيضا منها”.
من جانبها، تعتقد نجوكي واماي، الأستاذة المساعدة في السياسة والعلاقات الدولية في جامعة الولايات المتحدة الدولية-أفريقيا، أن “افتقار روتو ونائبه إلى أي أساس أيديولوجي جاد منذ البيان الانتخابي الأول، وعدم اشتراكهما في أي فكر سياسي، واجتماعهما كان فقط للاستيلاء على السلطة عبر حشد أصوات مجموعاتهما العرقية، أدوا إلى تفاقم الخلافات بينهما إثر وصولهما للسلطة، ليحصل الانفصال المحتوم”.
تداعيات سياسية
أثار عزل نائب الرئيس الكيني وإيقاف المحكمة العليا أداء اليمين لخلفه الجديد، المخاوف بين الكينيين على مواقع التواصل الاجتماعي حول تداعياته السياسية والاجتماعية على البلاد.
وفي هذا الصدد، تقول واماي -للجزيرة نت- إن الإجراءات التي اتخذها البرلمان ومجلس الشيوخ، وتعليق مراسم أداء اليمين لكينديكي، ستؤدي إلى إضعاف المسار الديمقراطي في البلاد وإلى فقدان المواطن الكيني الثقة مستقبلا في المؤسسات المستقلة والمنتخبة مثل البرلمان.
من جهته، يتوقع المحلل كاهورا أن يفقد الرئيس روتو جزءا كبيرا من دعم منطقة جبل كينيا في انتخابات 2027، بعد توتر علاقاته مع الشخص الذي ساعده في الحصول على أكبر نسبة من الأصوات في البلاد.
في المقابل، استبعد كاهورا أن تشهد البلاد أي اضطرابات كبيرة مثل المظاهرات أو أعمال الشغب التي شهدتها العاصمة نيروبي وبعض مناطق كينيا في يونيو/حزيران الماضي، “خاصة وأن هذه المنطقة ليست معروفة تاريخيا بإثارة الاحتجاجات الاجتماعية”.
مستقبل جاتشاغوا
أفادت عدة تقارير صحفية بأنه من المرجح أن يواجه نائب الرئيس الكيني المعزول محاكمات قضائية على خلفية التهم الموجهة إليه، خاصة تلك المتعلقة بالفساد وغسيل الأموال، في صورة إقرار المحكمة العليا قرار مجلس الشيوخ بعزله، وهو ما قد يهدد مستقبله السياسي.
لكن الأستاذة واماي لا تعتقد أن حياة ريغاثي جاتشاغوا السياسية ستنتهي بقرار عزله، في حالة إقراره. إذ تتوقع أن يبدأ في حشد الأصوات القبلية التي ينتمي إليها لضمان عدم إعادة انتخاب الرئيس روتو لولاية جديدة في 2027.
من جانبه، يرى المحلل كاهورا أنه يجب انتظار يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول القادم للتعرف على مستقبل ريغاثي السياسي، عندما تنظر المحكمة في الطعن الذي تقدم به لإلغاء قرار عزله، و”هو القرار الذي سيحسم نهائيا مستقبله السياسي”.