براتسلافا– أكدت مصادر متعددة ومطلعة للجزيرة نت في عاصمة سلوفاكيا براتسلافا أن محاولة اغتيال رئيس الوزراء المنتخب روبرت فيتسو، مساء الأربعاء، نفذها مواطن سلوفاكي يبلغ من العمر (71 عاما) واسمه يوراي تسينتولا، ويُعتقد أنه يحمل ميولا اشتراكية.
وتم اعتقال المهاجم على الفور في مسرح الجريمة، حيث كان فيتسو يغادر اجتماع الحكومة في مدينة هاندلوفا وسط البلاد، حين أطلقت عليه 5 رصاصات على بعد متر واحد فقط، مما أسفر عن إصابته في البطن واليد.
وبحسب المصادر، اعترف المهاجم أثناء استجوابه بإقدامه على إطلاق النار على فيتسو، وذكر أنه “لم ينوِ القتل، بل إصابة فيستو فقط”، وقال إن ما دفعه لهذا الفعل هو معارضته سياسة رئيس الوزراء المنتخب الرافضة لمساعدة أوكرانيا، وكذلك التعديلات التي أجراها فيتسو على المجلس القضائي في البلاد، ومنها إقالة القاضي يان مازاك.
وفي تحديث من مصادر طبية، أفادت بأن وضع رئيس الوزراء السلوفاكي أصبح مستقرا، ولكنه لا يزال في مرحلة الخطر، بعد أن أجريت له عملية جراحية إضافية الجمعة.
وأكد وزير الداخلية السلوفاكي، ماتوش ايشتوك، أن التحقيقات الجارية تركّز على فرضية واحدة، وهي أن المهاجم كان فردا عاديا وليس جزءا من جماعة متطرفة، وأنه قام بالتخطيط والتنفيذ بشكل فردي، وبدوافع شخصية انتقامية.
تخطيط للقتل العمد
وذكرت مصادر للجزيرة نت أن المتهم نُقل، السبت، إلى المحكمة الجزائية في مدينة بيزينك السلوفاكية، تمهيدا لمحاكمته وسط إجراءات أمنية مشددة. وسيمثل أمام القاضي الذي من المتوقع أن يوجّه له تهمة التخطيط للقتل العمد، وحسب تسريبات من الادعاء العام، قد يواجه السجن لمدة لا تقل عن 25 عاما أو حكما بالمؤبد.
ووصل الرئيس السلوفاكي المنتخب حديثا، بيتر بيليغريني، إلى المشفى الجامعي في مدينة بانسيكا بيستريستا، للاطلاع على وضع رئيس الوزراء فيتسو.
من جهته، انتقد وزير الدفاع السلوفاكي روبرت كاليناك، تسريب معلومات عن حالة فيتسو الصحية “في هذا الوقت الحرج”، والتي أفادت بإصابته في البطن واليد. وانتقد أيضا ظهور الفيديو المصور في مكان وقوع الجريمة.
في حين أشارت وسائل إعلام سلوفاكية إلى أن مسرّب الفيديو قد يكون من ضباط الشرطة، وتم فتح تحقيق من قبل مكتب التحقيقات العليا في قيادة الشرطة السلوفاكية، لتقديم المسؤول عن نشر الفيديو إلى المحكمة، واتخاذ التدابير اللازمة بحقه.
وتشهد البلاد أجواء ساخنة ومتوترة منذ فوز فيتسو الذي أعلن خلال حملته الانتخابية معارضته تسليح أوكرانيا، والعمل مع موسكو على وضع حد لتلك الحرب بالحوار والتفاهمات السياسية.
توتر بين الحكومة والمعارضة
ووفقا للمحل السياسي، أفان ماتوشكا في العاصمة براتسلافا، والذي يتابع من كثب تفاصيل محاولة اغتيال فيتسو، يتضح أن المناخ السياسي في البلاد قد شهد توترا متزايدا منذ انتخابه وتوليه منصب رئيس الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويرجع المحلل هذا التوتر بين الحكومة والمعارضة إلى خلافات حول قضية مساعدة أوكرانيا عسكريا، حيث رفض فيتسو هذا الدعم، مما زاد من حدة الانقسام في البلاد. وتزداد هذه الأجواء بشكل خاص مع اقتراب حملات الانتخابات لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي لتمثيل سلوفاكيا في بروكسل.
ويضيف ماتوشكا للجزيرة نت أن هذا التوتر ظهر جليا بعد أن أعلن الناطق باسم رئاسة الجمهورية السلوفاكية، الخميس، رفض استلام برقية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر فيها عن تعاطفه واستنكاره لما تعرض له فيتسو.
وهذا دليل آخر على أن الانقسامات السياسية كبيرة في البلاد، بحسب المحلل السياسي، إذ لطالما اعتبرت المعارضة بوتين “عدو أوروبا الأول”. وبالطبع، تركت هذه الانقسامات أثرا كبيرا على “مجموعة دول فيشغراد”، التي تضم المجر وبولندا وسلوفاكيا والتشيك.
ويقول ماتوشكا إن ذلك ظهر جليا من خلال امتعاض براغ من توجهات فيتسو الجديدة التي تشابه توجّهات رئيس حكومة المجر فيكتور أوربان المعارض أيضا لتسليح أوكرانيا والداعي لإنهاء الحرب بالمفاوضات السياسية.
وربط المحلل السياسي بين محاولة اغتيال فيتسو والتوتر الذي يخيم على البلاد، قائلا إن الأجواء المتوترة تجعل بعض الأشخاص يشعرون بالحقد نحو فيتسو وحكومته، خاصة مع موجة الغلاء الاقتصادي التي تعصف بالبلاد، مما يدفع بهم إلى ارتكاب أعمال عنف كما فعل الشخص الذي اعتدى على فيتسو “بشكل وحشي”.
من جانبها، قامت الرئيسة السلوفاكية الحالية سوزانا تشابتوفا والرئيس المنتخب بيتر بيليغريني، بدعوة قادة الأحزاب السياسية في البلاد إلى القصر الرئاسي لإعلان نبذ العنف، معتبرين ما حدث عملا فرديا، وداعين إلى توحيد الكلمة لتخفيف التوترات الناجمة عن المشاحنات السياسية وتحسين الوضع لخدمة الشعب السلوفاكي.