رسائل الشرطة على مجموعات واتساب مغلقة، تثير قلق قادة القطاع بفرنسا فمجموعات الشرطة التي تستخدم الرسائل المشفرة على الواتساب تكشف عن قدر كبير من الانتهاكات، كما أنها من الممكن أن تؤدي إلى خلق قيادات موازية حقيقية يمكن أن يخرج منها قادة غير معلنين ومتحدثون رسميون ينصبون أنفسهم، مما قد يمثل خطرا لدى قيادة قطاع الشرطة.
وأوضحت صحيفة لوموند –في تقرير لها عن الموضوع بقلم أنطوان ألبرتيني- أن رسالة من نوع “أنا أكره الأسود الذي هو مثلي.. الاثنان معا، يا له من رعب!”.
وذكرت أن 6 آلاف رسالة أخرى من نفس النوع نشرها شرطي من مدينة روان كان هو وزملاؤه قد تبادلوها في مجموعة مناقشة مفتوحة على تطبيق المراسلة المشفرة واتساب عام 2019، أدت إلى فصله نهائيا من سلك الشرطة عام 2023.
وتوضح هذه الواقعة التي مرت دون أن يلاحظها أحد تقريبا -حسب الصحيفة- اتجاها اعتبرته قيادة الشرطة “مثيرا للقلق”، وهو انتشار مجموعات الرسائل المشفرة، التي لا تكثر فيها التعليقات العنصرية أو الجنسية أو العنيفة فحسب، بل إنها تؤدي إلى إنشاء قيادات موازية حقيقية يمكن أن تخلق قادة غير معلنين ومتحدثين رسميين نصبوا أنفسهم.
وتقول سونيا فيبلويل، المتحدثة باسم الشرطة إن “البحث عن الأفقية في العلاقات أصبح أكثر شيوعا في مؤسسة مثل الشرطة لا تزال عمودية للغاية، وذلك أساسا بين المجندين الشباب الذين ولدوا مع الأدوات الرقمية”.
وتحاول قيادة الشرطة مراقبة هذه المشكلة من كثب، دون أن تكون لديها أدوات كشف فعالة، إذ كيف التحكم في الحلقات التي يتم إلغاء تنشيطها بالسرعة التي تم إنشاؤها بها، بفضل التطبيقات المجانية المتاحة وذات المصدر المفتوح؟ تتساءل فيبلويل.
التزامات أخلاقية
واقترحت قيادة الشرطة تعزيز خدمة الرسائل الداخلية لموظفي القطاع العام، وزيادة عمليات التوعية في مدارس الشرطة، مع التذكير بالالتزامات الأخلاقية والمخاطر الإدارية أو القانونية للاستخدام غير السليم للمجموعات التواصلية.
يقول مصدر داخل الشرطة إن “الشيء الوحيد المؤكد، هو أن الإدارة العامة للشرطة الوطنية تؤيد بشدة الفصل من الوظيفة في حالة حدوث انتهاكات خطيرة ومثبتة”، وبالفعل تم فصل 6 ضباط شرطة من لواء نانسي الليلي لمكافحة الجريمة في مارس/آذار 2022، قبل إدانتهم في يونيو/حزيران 2023.
وتشعر المنظمات النقابية، وهي المحاور التقليدية بين قاعدة الشرطة والسلطات العليا، بأنها مستبعدة من هذه الحلقات.
وقد أصدر مديرو مجموعة تأسست بعد وقت قصير من الإعلان عن حبس ضابط شرطة، وضمت أكثر من 3500 عضو في جميع أنحاء فرنسا في غضون ساعات قليلة، تعليمات صارمة بالتزام الصمت لممثلي المنظمات المهنية الذين تسامحوا مع وجودهم في المجموعة.
تعرض المسؤولين للمضايقة
وتضاعفت أمثلة موظفي الخدمة المدنية الذين تعرضوا للمضايقة في السرّية النسبية لرسائل واتساب في السنوات الأخيرة -كما تقول الصحيفة- مما كشف ظاهرة تجد ترجمتها في العالم الحقيقي، بإثارة التوتر والقلق و”الجحيم”، كما أوضحت شرطية هي أول من انضم إلى فرقة مكافحة الجريمة في لورين، أنها لم تطرد من العمل، ولكن “دفعت كثيرا إلى الخروج”.
وأشار الموقع إلى أن إدانة هذه الحقائق التي أصبحت لا تطاق تترتب عليها بعض المخاطر، تقول كريمة سعيد، المحامية المتخصصة في القانون الاجتماعي “عندما تتحدث الضحية، فإن وضعها يتدهور بشكل أكبر. ويدرك الضحايا ذلك تماما، كما يدركه الجناة والمتواطئون معهم”.
وقد وجد أحد عملاء المحامية، بعد بداية واعدة في حياته المهنية، نفسه هدفا لصمت إدارته لأنه أدان المضايقات التي تعرض لها لعدة أشهر داخل قسم الشرطة القضائية المرموق في باريس، فلاحقته “النكات” الجنسية التي نشرها رئيسه على حلقة الواتساب، وتبعتها ملصقات نشرت في الممرات، ثم ما وصفه بأنه “عنف لفظي” و”سلوك تلاعبي” حتى وصل الأمر إلى المداعبات وأمر رئيسه بفرك (الكريم) على ظهره.
واتصل ضابط الشرطة الشاب برؤسائه، وشرح وضعه كتابيا، وأعرب عن “استيائه” من سلوك الضابط، ومن المؤكد أن تحقيقا داخليا قد بدأ منذ ذلك الحين، لكن ولاية الشرطة تكتفي بالتحديد، “أنها تواصل مسارها والموظفان المدنيان المعنيان في إجازة مرضية”.