لماذا يسعى بايدن لزيادة الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- جدل واسع أثارته كلمة الرئيس الأميركي جو بايدن أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أكد استمرار إدارته في مشاورات من أجل إصلاح مجلس الأمن وزيادة عدد أعضائه الدائمين.

ورغم إيمان الكثير من خبراء القانون والمنظمات الدولية بحتمية إصلاح مجلس الأمن، فإن أصحاب الرؤية الواقعية للتوازنات (الجيو- إستراتيجية) يؤكدون استحالة التقدم في هذا الاتجاه، خاصة أن فكرة إصلاح وتوسيع مجلس الأمن، ليست وليدة اليوم، بل كانت هدف العديد من المبادرات منذ ستينيات القرن الماضي، إلا أنها دائما ما انتهت إلى طريق مسدود.

وترى أنجالي ديال الخبيرة بمعهد السلام وأستاذة القانون الدولي بجامعة “فوردهام”، أنه من الصعب جدا تحقيق إصلاح المجلس، رغم وجود العديد من اللجان والدبلوماسيين الذين يعملون بإصرار على إصلاح مجلس الأمن الدولي منذ عقود.

وتقول ديال للجزيرة نت إن الجميع يتفق على حاجة المجلس للإصلاح، لكن لا أحد يتفق على نوع الإصلاحات، لذلك يتعثر الكثير من النقاش حول إصلاح مجلس الأمن في التفاصيل الفنية، ورغبات مختلف الأطراف.

ومنذ إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 عقب الحرب العالمية الثانية، تمتع 5 أعضاء دائمين بحق النقض (الفيتو) في قضايا الحرب والسلام، وهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا.

ويضم المجلس كذلك 10 أعضاء غير دائمين ينتخبون لمدة عامين، وليس لهم حق النقض. وتكمن سلطة مجلس الأمن في قدرته على الموافقة على القرارات المُلزمة، على عكس تلك التي تقرها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

متطلبات الإصلاح

يتطلب إصلاح مجلس الأمن تعديلا على ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي يتطلب بدوره تصويت ثلثي أعضاء الجمعية العامة الـ193، بالإضافة إلى موافقة جميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.

وأظهرت حالة الشلل في مواجهة الحرب الروسية في أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022 عن عيب أساسي في عمل مجلس الأمن، وذلك عندما ينتهك عضو ممن يتمتعون بحق النقض ميثاق الأمم المتحدة.

وكشفت تلك التجربة استعداد الأعضاء الدائمين لعرقلة القواعد الدولية بشأن الأزمات الخطيرة، كما جرى في سوريا وميانمار وفلسطين، وأماكن أخرى من العالم، وهو ما كان سببا في إطالة أمد المعاناة الإنسانية وتعزيز سمعة مجلس الأمن الدائمة باعتباره مجرد منتدى لمصالح القوى الكبرى الخمس.

ويجمع المراقبون على أن هناك طريقين رئيسيين لكي يصبح المجلس أكثر عدلا وإنصافا: الأول هو توسيع عضويته ليصبح أكثر تمثيلا، والآخر تعديل أو إلغاء آلية استخدام حق النقض.

من الدول المرشحة للعضوية الدائمة؟

وتسعى الولايات المتحدة إلى توسعة المجلس عبر إضافة ما يقرب من 6 مقاعد دائمة إلى المجلس دون منح تلك الدول حق النقض، وهو ما يراه مراقبون انعكاسا لرغبة بايدن في الاعتراف بالنفوذ المتزايد للعالم النامي.

وتختلف تصورات الدول الكبرى حول فكرة توسيع مجلس الأمن، فبينما ترى واشنطن ضرورة ضم ألمانيا واليابان والهند للمجلس، ترى عواصم أخرى ضرورة ضم البرازيل وجنوب أفريقيا.

كما أن هناك العديد من الدول الأخرى التي ترى نفسها مؤهلة لعضوية مجلس الأمن مثل نيجيريا والجزائر وإندونيسيا وتركيا والمملكة العربية السعودية.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الدبلوماسي الأميركي السابق بوستزتاي ولفانغ إن “هيكل مجلس الأمن الحالي، وخاصة أعضاءه الدائمين، يعكس واقع العالم أواخر أربعينيات القرن العشرين. لكن اليوم، هناك دول مثل الهند واليابان وألمانيا لها على الأقل نفس التأثير مثل المملكة المتحدة وفرنسا، وبالتالي أيضا الحق في أن تصبح أعضاء دائمين”.

وأضاف ولفانغ “علاوة على ذلك، يجب أن تكون للقارتين أفريقيا وأميركا الجنوبية أيضا مقاعد دائمة تتمتع بحق النقض، للتأكيد على أن هذه القارات لها نفس القدر من الأهمية”.

من يريد التخلي عن الفيتو؟

لا يتوقع من أي دولة أن تتخلى عن حقها في النقض (الفيتو)، وهو ما يعد أهم سلطة لهم في منظومة الأمم المتحدة.

في هذا الإطار، يرى ولفانغ أنه “من الصعب إيجاد توافق في الآراء بشأن عملية صنع قرار جديدة في مجلس الأمن. أنا متأكد تماما من أن الخمسة الكبار لن تتخلى عن حق النقض، ولكن لجعل المجلس فعالا، يجب أن تكون هناك طريقة لنقضه. في الوقت الحالي، لا أعتقد أن روسيا والصين مستعدتان لقبول مثل هذه الآلية، لكننا سنرى”.

بدورها، اعتبرت البروفيسورة ديال، أن حرب روسيا على أوكرانيا العام الماضي “سلطت الضوء على العيوب الأساسية لمجلس الأمن الدولي لجمهور واسع، فالكثير من الناس وصانعي السياسات الذين لا يولون اهتماما كبيرا بالأمم المتحدة أصبحوا يهتمون بها بعد غزو أوكرانيا”.

وتضيف ديال “لذلك يمكن بوضوح الآن ملاحظة عرقلة روسيا عمل مجلس الأمن الدولي، ويمكن للجميع أن يروا أنه لا توجد طريقة لأي دولة أخرى للالتفاف على هذه العرقلة. وقد أعاد ذلك تركيز الاهتمام على عمليات الإصلاح، وولد زخما لها عبر العديد من الدوائر الدبلوماسية والسياسية المختلفة”.

دعوة بلا جدوى

واعتبرت البروفيسورة ديال أن “إصلاح مجلس الأمن الدولي هو بالتأكيد هدف سياسي جدير بإدارة بايدن، ربما بشكل خاص بسبب علاقتها المثيرة للجدل مع روسيا في الوقت الحالي. إلا أن مجلس الأمن الدولي هو هيئة حصرية وغير ديمقراطية لا تعكس توازن القوى في العالم اليوم، ولا تعكس مصالح أو أصوات معظم العالم، لذا فإن الإصلاح هو هدف شائع ومبرر”.

بدوره، أشار أستاذ وخبير السياسة الخارجية الأميركية بجامعة “دارتموث” البروفيسور وليام وولفورث إلى أن “نهج إدارة بايدن المتمثل في دعم إضافة أعضاء دائمين لا يتمتعون بحق النقض، أمر منطقي من الناحية الدبلوماسية. لكنني أجد صعوبة في رؤية حدوث أي تقدم، ويبدو أن كل فكرة للإصلاح تنتهي إلى طريق مسدود”، بحسب حديثه للجزيرة نت.

في النهاية يتطلب نجاح واشنطن في مسعاها توقفها عن استخدام حق النقض (الفيتو) لحماية وتبرير السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وهو ما لا تدعمه سياسات إدارة بايدن حتى الآن.

وتعد واشنطن أحد أكثر الدول استخداما لحق النقض (الفيتو) خاصة عندما يتعلق الأمر بالإدانة الدولية للسياسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى استخدام واشنطن حق الفيتو 53 مرة منذ 1972 لمنع إدانة إسرائيل.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *