لا تقتصر الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين في إسرائيل، وإنما تتعداها إلى حملة الجنسية المزدوجة، حتى لو كانوا يقيمون بشكل دائم في الخارج، وأيضا من يسمون بـ “الجنود الوحيدين” الذين ليس لهم عائلات.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد معركة طوفان الأقصى، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استدعى جيش الاحتلال الإسرائيلي جنود الاحتياط، بمن فيهم المقيمون بالخارج بشكل دائم.
وثمة أعداد كبيرة من الإسرائيليين الذين يحملون جنسيات أجنبية، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ولا يوجد أعداد دقيقة لهؤلاء.
ومؤخرا، وثقت تقارير صحفية انضمام مقاتلين أوكرانيين لصفوف قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وأفادت مصادر مطلعة بأن 7 منهم قتلوا بمعارك في حي الشجاعية، بينما قالت كييف إنها لم ترسل جنودا خارج حدودها.
وقد تداولت وسائل التواصل مقطع فيديو يظهر فيه جنود مدججون بالسلاح يختبئون خلف حائط، ويتحدثون اللغة الأوكرانية.
ويقول أحد الجنود -في المقطع- إنهم جاؤوا للقتال من أجل الحيلولة دون حصول “هولوكوست” جديدة، في محاولة لتبرير مشاركتهم في الاعتداء على الشعب الفلسطيني.
يأتي هذا بالتزامن مع ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن قرار جيش الاحتلال سحب لواء غولاني من قطاع غزة، بعد 60 يوما من القتال تكبد فيها خسائر كبيرة، في حين ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن جنود هذا اللواء غادروا غزة لإعادة تنظيم صفوفهم.
تغطية صحفية: متداول| نشطاء يتداولون مشاهد لمرتزقه أوكرانيين يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال بقطاع غزة. pic.twitter.com/YlJuD2lqRp
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 19, 2023
تجنيد مزدوجي الجنسية
في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قالت السفارة الإسرائيلية بالعاصمة البريطانية على موقعها الإلكتروني إنه “بموجب قانون جهاز الأمن الإسرائيلي يتعين على جميع المواطنين الإسرائيليين في إسرائيل والخارج التجنيد في الجيش، حتى لو كانوا يحملون جنسية مزدوجة ويقيمون بشكل دائم في الخارج”.
وأوضحت السفارة أن الإسرائيليين الذين يعيشون في الخارج يحتاجون إلى تقديم طلب لتحديد وضعهم العسكري عند بلوغهم سن 16 و4 أشهر، وقبل سن 19 عاما.
والخدمة العسكرية إلزامية للرجال والنساء في إسرائيل عند سن 18 عاما، وبعد ذلك يتم تصنيف الجنود في وحدات الاحتياط.
وطلبت السفارة من الإسرائيليين الراغبين في التجنيد التواصل مع ممثل الجيش الإسرائيلي في أوروبا، وذلك عبر البريد الإلكتروني.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت صحيفة غلوبس الإسرائيلية إن إسرائيل استدعت مئات الآلاف من جنود الاحتياط ردا على هجمات حركة حماس، بما في ذلك الإسرائيليون الأميركيون الذين يعيشون بالولايات المتحدة، والذين يعودون إلى إسرائيل في رحلات جوية طارئة.
أصوات فرنسية غاضبة
وأثارت مشاركة مواطنين أجانب -يحملون الجنسية الإسرائيلية، في العدوان على قطاع غزة- ردود فعل في فرنسا وجنوب أفريقيا خلال الأيام الأخيرة.
وقال النائب الفرنسي توماس بورتيه في تغريدة عبر منصة إكس “بعثت رسميا برسالة إلى وزير العدل إيريك دوبوند موريتي، أطلب منه استخدام سلطته في التوجيه، حتى يتمكن من فتح تحقيقات بشأن 4 آلاف فرنسي موجودين على الجبهة في غزة، ضمن الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف الأربعاء الماضي “وفي حالة ارتكاب جرائم حرب، أطلب تقديمهم (الفرنسيين) أمام العدالة الفرنسية، كما سأحيل الأمر إلى المدعي العام عبر المادة 40” متابعا “وفيما يتعلق بجرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية على حد سواء، فمن غير المقبول أن يشارك بها المواطنون الفرنسيون”.
ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية أو الحكومة الفرنسية على تصريحات النائب الفرنسي.
رفض من جنوب أفريقيا
بدورها، قالت جنوب أفريقيا إن مواطنيها الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي قد يواجهون الملاحقة القضائية في الداخل، حيث ندد الرئيس سيريل رامافوزا بالحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة باعتبارها إبادة جماعية.
وقالت الخارجية إنها قلقة للغاية من التقارير التي تفيد بأن بعض الجنود الإسرائيليين -الذين هم من مواطني جنوب أفريقيا- قد انضموا إلى الجيش الإسرائيلي للقتال في غزة، أو يفكرون في القيام بذلك.
وتابعت الوزارة -الاثنين الماضي- أنه من المحتمل أن يساهم مثل هذا الإجراء في انتهاك القانون الدولي، وارتكاب المزيد من الجرائم الدولية، مما يجعلهم عرضة للمقاضاة في البلاد، موضحة أن مواطني جنوب أفريقيا بحاجة إلى موافقة حكومية مسبقة للقتال بشكل قانوني في إسرائيل.
وأضافت أن المواطنين المُجنسين إسرائيليا معرضون لخطر تجريدهم من جنسيتهم الجنوب أفريقية، للانخراط في حرب لا تدعمها البلاد أو تتفق معها.
ولا يوجد في القانون الإسرائيلي ما يلزم التخلي عن الجنسية الإسرائيلية عند الحصول على جنسية أخرى، إذ يُسمح للمواطنين بالحصول على جنسية مزدوجة، وحتى جنسيات متعددة.
وكانت إسرائيل أعلنت استدعاء 360 ألف جندي احتياط مع بداية العدوان على قطاع غزة، دون أن توضح عدد القادمين من الخارج منهم.
ماذا عن الجنود الوحيدين؟
في هذا السياق، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنه “وفقا لبيانات الجيش، فإنه عام 2021 انضم 2507 مهاجرين جدد إلى الجيش الإسرائيلي كجنود وحيدين، أو جنود لا يعيشون مع عائلاتهم، بما في ذلك 59 من جنوب أفريقيا”.
وأضافت الأربعاء الماضي أن “هذا لا يشمل جميع الجنود الإسرائيليين الذين يحملون جنسية مزدوجة من جنوب أفريقيا” دون أن تحددهم.
وينضم إلى الجيش من يسمون بـ الجنود الوحيدين الذين يتبرعون بالانضمام للجيش الإسرائيلي، دون أن تكون لهم عائلات في إسرائيل.
ويقول مركز الجنود الوحيدين في موقعه على الإنترنت إن “الجندي الوحيد هو جندي في الجيش ليس لديه عائلة في إسرائيل تدعمه: مهاجر جديد، متطوع من الخارج، يتيم أو فرد من منزل مفكك”.
ويضيف المركز أن هناك أكثر من 7 آلاف جندي وحيد، يخدمون حاليا في الجيش الإسرائيلي، حوالي 45% منهم من المهاجرين الجدد القادمين من الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم، و50% من الإسرائيليين الأيتام، أو الذين يأتون من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة.
وأشار إلى أن هناك البعض الذين يأتون من الأحياء الدينية المتشددة، الذين تتجنبهم عائلاتهم ومجتمعاتهم لأنهم قرروا الذهاب إلى الجيش.
وتابع: يتم وضع معظم الجنود الوحيدين في وحدات قتالية، ويكون لديهم دافع كبير للخدمة بالجيش الإسرائيلي، ويحرسون حدود إسرائيل برا وجوا وبحرا، لافتا إلى أن المال يصبح قضية رئيسية لهم، حيث إن الراتب الشهري للجندي الوحيد ضعف ما يتقاضاه الجندي العادي في وحدته، لكنه لا يزال غير كاف في الغالب لدفع الفواتير، وغسل الملابس، ودفع ثمن الأثاث والأجهزة المنزلية، وشراء الطعام ليوم السبت (العطلة الدينية لليهود).
وأضاف أن الجيش يدعم الإيجار حتى 1048 شيكلا شهريا (283 دولار) لكنه لا يكفي لإنشاء منزل في إسرائيل.