كيف يتعامل الجيش وقوات الدعم السريع مع جثث قتلى الحرب بالخرطوم؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

الخرطوم – متحدثا عن كيفية تعامل قوات الدعم السريع التي كان مسجونا لديها مع جثث زملائه المعتقلين، تحدث الصحفي طارق عبد الله للجزيرة نت قائلا “تزامن وصولنا إلى سجن سوبا جنوبي شرقي العاصمة الخرطوم مع إخراج 12 جثمانا من عنبر واحد بالسجن، توفوا نتيجة العطش والجوع، كما كانت معظم الوفيات من المصابين بأمراض مزمنة أو لسوء التغذية ورداءة المكان”.

وقال طارق، وهو رئيس تحرير صحيفة “الأهرام اليوم”، إنه “كان على المعتقلين وضع الجثامين في أكياس كانت مخصصة للمتوفين بجائحة كورونا، تم العثور عليها بالمستشفيات، ليتم بعدها وضع الجثامين في صناديق على عربات مكشوفة وأخذها إلى وجهة غير معلومة برفقة عدد قليل من أفراد مليشيا الدعم السريع”.

حال الجثث

يجزم طارق، الصحفي المتخصص في أخبار الجريمة، أن تكفين الموتى في معتقلات الدعم السريع لا يتم بالطريقة الإسلامية، ولا يتم حفر قبور لهم بالنمط المعتاد، كما لم يشارك أي من السجناء في تشييع الموتى من زملائهم في المعتقل، وكل ما يستطيعون فعله هو أن يؤدوا عليهم صلاة الغائب كما كانوا يفعلون -في الأيام الأولى لاعتقاله- في معتقل الرياض شرقي الخرطوم.

وأفاد بأنه لا يدري إن كانت قوات الدعم السريع تدفن تلك الجثامين، أو ترميها في البحر، أو تحرقها كما يحدث في الهند، على حد تعبيره. ولكنه يعلم من واقع ما شاهده خلال فترة اعتقاله من قبل الدعم السريع أنهم لا يمكن أن يحفروا قبرا لموارة جثمان معتقل لديهم.

وظل ملف جثث الحرب في الخرطوم والكيفية التي تتعامل بها قوات الدعم السريع، أو التي تتعامل بها السلطات السودانية، من الملفات الساخنة التي تثار بين الحين والآخر، وسط مخاوف من احتمال حدوث كارثة بيئية نتيجة وجود جثث لم تُوار الثرى، وبقيت مدة طويلة في الطرقات وبعض المنازل والمناطق المدنية.

وعقب سيطرة الجيش السوداني على أجزاء واسعة من العاصمة السودانية الخرطوم مؤخرا، وبسط سيطرته على المناطق التي كانت بيد قوات الدعم السريع، تجدّد حديث المهتمين عن الجثث الملقاة في الطرقات، ومدى موافقة الإجراءات التي تتبعها السلطات السودانية حيالها المعايير الدولية.

شهود عيان ذكروا أن بعض الجثث وضعت بصناديق على عربات مكشوفة ونقلتها قوات الدعم السريع لوجهة غير معلومة (الجزيرة)

محاولات دفن

كشف مفوض العون الإنساني بولاية الخرطوم خالد عبد الرحيم -للجزيرة نت- عن الإجراءات التي تتبعها السلطات للتعامل مع الجثث بما في ذلك جثث جنود الدعم السريع، وقال “في البداية تُشكّل لجنة من الشرطة والنيابة والطب العدلي ووزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر السوداني، وتزور اللجنة المنطقة التي توجد بها الجثث”.

ويضيف “إذا كانت الجثث غير متحللة يتم رشها بمواد مطهرة وتلفّ في أكياس طبية، ثم تجمّع برفق وتوضع في عربة نقل كبيرة، ويتم نقلها، ثم يتم حفر حفرة كبيرة حيث تُرص الجثث بطريقة منظمة وتدفن”. وأوضح أنه في حال تحلل الجثث يتم جمعها بمعدات معينة، ثم تتخذ الخطوات نفسها.

وقال المفوض إنه في كلا الحالتين يتم وضع علامات كبيرة على الحفرة لتدل على أنها مقبرة جماعية، وأكد أن الغالبية العظمى من الجثث هي لأفراد الدعم السريع، وقال إنه يتم التعامل معهم بطريقة شرعية وإنسانية تحفظ كرامتهم، “لأنهم في النهاية مسلمون ويجب علينا سترهم ودفنهم طبقا للشريعة الإسلامية التي تحفظ كرامتهم”.

وكان وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم قد أوضح أن الجثث بالمناطق التي يتم تحريرها تُزال فورا، لكنه لم يستبعد أن تكون هناك آثار لمخلفات الحرب على الإنسان لمدة طويلة المدى.

ظروف صعبة

فرضت الحرب التي اندلعت في السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023 واقعا معقدًا، حيث كشف شهود عيان بالأحياء التي شهدت اشتباكات عسكرية بين الجيش والدعم السريع عن وجود أعداد كبيرة من الجثث المتحللة والمتعفنة في الطرقات والمنازل والمناطق المدنية التي أصبحت مسرحا لمواجهات دامية.

وقالت الشاهدة مريم (اسم مستعار) للجزيرة نت إن هناك العديد من الجثث تم دفنها بصورة سطحية داخل المنازل والساحات والميادين القريبة وسط الحي الذي تسكن فيه بمنطقة أم درمان القديمة، وذلك بسبب اشتداد المعارك والخوف من إصابة المشيعين برصاصات طائشة.

وأوضحت أنه بعد سيطرة الجيش على أجزاء واسعة من المناطق في الفترة الماضية، تفاجأ عدد من العائدين إلى منازلهم بأنها تحولت لمقابر وتم دفن جثث لا يعرفون أصحابها فيها، ويرجح أنها لجنود من الدعم السريع كانوا مسيطرين على المنطقة لأشهر طويلة.

وفي وقت تتزايد فيه المخاوف من حدوث تلوث للغذاء والمياه ومخاطر بيولوجية عديدة بسبب الجثث والأعضاء البشرية المبتورة والدماء والكلاب الضالة والقطط التي تغذّت على هذه الجثث في الطرقات، باشرت السلطات المختصة في السودان تنفيذ حزمة من الإجراءات لتقليل تلك المخاطر، وشرعت في نقل الجثث التي تم دفنها بالمنازل والساحات العامة إلى المقابر.

وقال الحانوتي عابدين درمة المسؤول عن دفن الموتى بمقابر أحمد شرفي بمدينة أم درمان للجزيرة نت إن الأوضاع أصبحت جيدة وطبيعية بعد أن فرض الجيش سيطرته، وأصبحوا يستقبلون في اليوم نحو 13 جثة بصورة طبيعية.

وكشف درمة عن البدء في نقل الجثث التي تم دفنها في الساحات والميادين العامة إبان تصاعد المواجهات والمعارك وسيطرة قوات الدعم السريع إلى مقابر أحمد شرفي وعدد من المقابر الأخرى، وذلك بعد اتساع رقعة الأمن إثر تمكّن الجيش السوداني من التقدم وتحرير وتأمين المناطق التي توجد بها المقابر.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *