كيف تصاعدت هجمات الفصائل المسلحة ضد القوات الأميركية في سوريا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وانطلاق معركة طوفان الأقصى في قطاع غزة، لم تتوقف الفصائل المدعومة من إيران عن استهداف مناطق انتشار القوات الأميركية وقواعدها في سوريا والعراق وذلك عبر طائرات مسيّرة وصواريخ متوسطة المدى، لا سيما مع دعم واشنطن المتواصل لإسرائيل في عدوانها على غزة.

ويعد استهداف قاعدتي التنف بسوريا و”البرج 22″ داخل الأراضي الأردنية، أول أمس الأحد، أبرز استهداف للوجود الأميركي في المنطقة، وأول استهداف يخلف قتلى في صفوف القوات الأميركية منذ بدء الحرب على غزة.

وتقول مصادر للجزيرة نت، إن الاستهداف تم من داخل الأراضي السورية وبالتحديد من منطقة “جليغم” قرب الحدود السورية الأردنية العراقية، التي تتمركز فيها قوات موالية لإيران.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية نفت، الإثنين، ضلوعها في هجوم بطائرة مسيّرة أودى بحياة 3 جنود أميركيين في الأردن، وفق بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا). وقال متحدث باسمها إن “هذه الاتهامات غرضها سياسي وتهدف إلى قلب الحقائق بالمنطقة” وذلك تعقيبا على بيان لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون دعا فيه طهران إلى “وقف التصعيد”.

بالمقابل، ذكرت مصادر محلية أن هذا الهجوم تزامن مع قصف تعرضت له قاعدتا رميلان والشدادي في محافظة الحسكة. في حين يؤكد الصحفي مصعب الحامدي للجزيرة نت أن استهداف القوات الأميركية في الحسكة جاء انطلاقا من الأراضي العراقية القريبة من الحدود السورية.

وتعد القاعدة الأميركية في معمل غاز “كونيكو” وقاعدة “حقل العمر” الواقعتان في محافظة دير الزور، أكثر المواقع استهدافا لوجودهما على بعد كيلو متر واحد من انتشار الفصائل الموالية لإيران، وهي مناطق التماس بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا “قسد” وقوات النظام السوري. وبالتالي، فإن استهداف هاتين القاعدتين ليس أمرا صعبا، كما يقول مدير موقع “دير الزور 24” عمر أبو ليلى.

صورة متداولة لصواريخ سقطت قرب حقل العمر النفطي مكان وجود القاعدة الأميركية بدير الزور (مواقع التواصل)

مواجهات غير مباشرة

وأوضح أبو ليلى، في حديث للجزيرة نت أن استهداف القاعدة الأميركية في الشدادي ومطار “خراب الجير” يتم غالبا عن طريق المسيّرات، وفي تلك المنطقة يوجد قوات روسية، بالتالي فإن عملية الرد على تلك الاستهدافات سيعرض القوات الأميركية إلى الاصطدام مع روسيا، وهذا ما يجعل القوات الأميركية أكثر تريثا في انتقاء أهدافها.

ويضيف الصحفي أنه إذا ما قارنّا بين استهداف القوات الأميركية لتنظيم الدولة باستهدافها للمقرات الإيرانية سنجد أن القصف الأميركي لتلك المقرات هو “مجرد تحذير فقط”.

وتقوم إستراتيجية المواجهة بين الطرفين على مبدأ حرب العصابات وعدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة، وتعتمد على التلويح بإمكانية استخدام القوة وتصعيدها بما يتناسب مع التطورات في المنطقة.

وهذا يتماهى مع ما تشهده الساحة الداخلية الأميركية وبدء دعوات انسحاب القوات الأميركية من العراق وسوريا، كما يقول المحلل العسكري في مركز جسور للدراسات رشيد الحوراني في حديثة للجزيرة نت.

ويضيف الحوراني أنه على الرغم من قلة عدد الخسائر خلال العام الماضي والجاري في صفوف الجيش الأميركي، إلا أن الخسائر البشرية الأخيرة لها وقعها في صفوف مجتمعه، وتؤدي إلى تحريكه لتشكل ضغطا على الإدارة الأميركية، الأمر الذي قد يؤدي إلى انسحاب القوات من سوريا، وهذا ما تعول عليه إيران، ويدعمها في ذلك موقف روسيا وتركيا الرافضتين للوجود الأميركي في سوريا.

أما الخسائر في الطرف الإيراني، يقول المحلل العسكري، فهي تتضح من خلال استهداف أرتال الشاحنات واستهداف الشخصيات القيادية، لكن ثبت خلال الأعوام الماضية أن تلك الخسائر مهما بلغت لن تثني إيراني عن التراجع عن مشروعها ومد نفوذها في المنطقة.

تشكيلات موالية لإيران

تنتشر القوات المدعومة من إيران في معظم الجغرافيا السورية، وقد اتخذت لنفسها عده مسميات واختصاصات مختلفة، ففي محافظة دير الزور شرقي سوريا، وبعد استعادة قوات النظام عام 2018 السيطرة على مركز المحافظة، والأجزاء الغربية من نهر الفرات حتى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، استطاع الحرس الثوري الإيراني تشكيل عده فصائل كما يلي:

  • تشكيل “فاطميون الأفغاني” بقيادة “الحاج أبو زينب” الأفغاني، وينتشر في مستودعات عياش، غرب دير الزور، وفي ريفها الشرقي، وفي ريف مدينة البوكمال وغيرها من المواقع، ويقدر عدد عناصره بـ 300 عنصر.
  • “زينبيون” بقيادة “الحاج كولزار”، ويتمركز بالقرب من مطار دير الزور العسكري ويقدر عدد عناصره بـ 200 عنصر.
  • حزب الله اللبناني المتمثلة بالوحدة (313) بقيادة “الحاج جواد” اللبناني. وتمثل هذه الوحدة العدد الأكبر بعدد قوات يقدر بنحو 500 عنصر، تعمل على المهام الأمنية والاستخباراتية والتدريب على إطلاق الطائرات المسيّرة وإطلاق الصواريخ وتنتشر في مدينة دير الزور وريفها الشرقي وفي مدينتي الميادين والبوكمال، ولها مقرات متنقلة بين البلدات والقرى بحسب المهمات الموكلة إليها.
  • أبو الفضل العباس، وهي مجموعة لها مراكز تدريب بمنطقة عياش ومدينة محكان بريف دير الزور الشرقي، ويقدّر عدد عناصرها بأكثر من 400 عنصر.
  • مجموعات تتبع للحشد الشعبي العراقي في مدينة البوكمال وعلى الحدود السورية العراقية، ومنها “النجباء” و”عصائب أهل الحق”. أما في منطقة البادية بالقرب من محطة “تي 2” (2T) وعلى طريق التنف فقد حلت مليشيا “الفوج 47” بقيادة “أبو عيسى المشهداني”. ويقدر العدد الكلي للقوات الموالية لإيران بقرابة 6 آلاف عنصر، تخضع جميعها لإدارة الحرس الثوري الإيراني بقيادة “الحاج كميل”.
  • أما في محافظة الحسكة، فقد اقتصر وجود هذه التشكيلات في المربع الأمني داخل مركز المحافظة والذي تسيطر عليه قوات النظام، إذ تقوم بمهمات أمنية، ومن أبرزها “سرايا الخراساني” التي تتلقى الدعم بشكل مباشر من الحرس الثوري الإيراني، بينما تمركزت قوات المهام التابعة لحزب الله بقيادة “الحاج مهدي” على طريق “إم 2” (M4) جنوب مدينة القامشلي.
  • وفي البادية السورية تنتشر القوات التابعة لإيران في منطقة (جليغم) بالقرب من قاعدة التنف جنوب شرق سوريا، حيث تتمركز فيها قوات لحزب الله اللبناني وحزب الله العراقي ومليشيا النجباء.
قاعدة التنف العسكرية
قاعدة البرج 22 الأميركية في الأردن التي تعرضت لهجوم بطائرة مسيّرة (الجزيرة)

الأميركية في سوريا

توجد القواعد الأميركية في حقل العمر النفطي ومعمل غاز كونيكو وفي حقل التنك النفطي بريف دير الزور الشرقي، بعدد قوات يتجاوز 900 عنصر، وتحوي تلك القواعد على مهابط للطيران ومنصات إطلاق صواريخ.

أما في محافظة الحسكة فقد تمركزت في قاعدة تل بيدر، وقاعدة الشدادي، بالإضافة لقاعدة رميلان، ونقاط أخرى بالقرب من سجن الحسكة في حي غويران، وفي قرية هيمو بالقرب من مدينة القامشلي، ونقاط في المالكية وقرية قصرك بين منطقتي تل تمر والقامشلي.

في حين استقرت في الجنوب السوري بالقرب من الحدود السورية الأردنية في منطقة التنف، ويقابلها في الجانب الأردني قاعدة تسمى “البرج 22” ومهمتها الدعم اللوجستي لقاعدة التنف.

المقاومة الإسلامية في العراق

وتتخذ بعض الفصائل العراقية مجتمعة -بدون وجود هيكل تنظيمي أو إداري- اسم “المقاومة الإسلامية” في العراق، وعلى رأس هذه الفصائل حزب الله العراقي وكتائب سيد الشهداء والنجباء والخراساني. ويبرز الأخير تحديدا عند استهداف القوات الأميركية في المنطقة.

ولا تريد إيران أو الحشد الشعبي تبني الهجمات بشكل مباشر؛ لذلك تلجأ القوات الموالية لها إلى استخدام هذا المسمى (المقاومة الإسلامية في العراق)، حسب ما يقول المحلل السياسي سعد الشارع للجزيرة نت.

ويضيف الشارع أن الوضع العسكري قائم منذ ما قبل عدوان السابع من أكتوبر/تشرين الأول في غزة، بينما حدث التصعيد بعد عملية طوفان الأقصى، معتبرا أن أسباب هذا التصعيد هي محاولة إيران “لملمة” ما وصفها بحالة الفوضى في صفوف مناصريها، إذ تعد عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول “ضربة” لهذا المحور من خلال “التقاعس وتخلي إيران عن المساندة الحقيقية لحلفائها” في غزة، على حد قوله.

ويعتقد المحلل السياسي أن “هذا التصعيد ليس له أهداف عسكرية ولا يشكل فارقا عسكريا كبيرا، بل هو محاولة لإيصال رسائل لمناصري إيران بأننا مشتركون في المعركة ضد إسرائيل”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *