كيف اختلقت مجموعة إعلامية ألمانية الأكاذيب حول غزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

برلين- يجتهد عدد من القنوات الألمانية الداعمة لإسرائيل في شيطنة الفلسطينيين، خصوصاً مجموعة “أكسل شبرينغر” التي تملك عدة وسائل إعلامية، منها المحطة التلفزيونية “فيلت” (Welt) وصحيفة “بيلد” (BILD) الأكثر انتشاراً في البلاد، لكن المجموعة وقعت مؤخراً في فضائح إعلامية كبرى.

ونشرت “فيلت” في أحد برامجها ما اعتبرته “تحققاً من الأخبار” وزعمت أن شاباً فلسطينياً من غزة، هو صانع المحتوى صالح الجعفراوي، ليس سوى مجرد ممثل، وأطلقت عليه لقب “باليوود” وهو لفظ أطلقته دوائر إسرائيلية وأخرى داعمة لها على من تصفهم بالمتلاعبين في الإعلام من الفلسطينيين عبر “التمثيل واستجداء العواطف”.

وبثّت القناة عدة مقاطع تزعم أن الجعفراوي يحمل السلاح، وفي لقطة أخرى يمشي في شارع، ثم يظهر في مستشفى يبكي، وفي لقطات أخرى يظهر كصحفي، وفي أخرى يحمل طفلاً، ثم يظهر حتى كممرض، ولقطة أخرى للشخص داخل “كيس جثت” قبل أن تتهمه “فيلت” بالتمثيل داخل مستشفى وهو يتلقى العلاج.

وتعنون تغطيتها للحرب على غزة بـ”حرب إسرائيل ضد الإرهاب” وتبث صوراً أخرى مأخوذة من الانترنت لإثبات روايتها، قبل أن تربط كل هذا بصورة زعمت أن نشطاء فلسطينيين ينشرونها لعائلة فلسطينية قديمة، بينما هي تعود لعائلة أرمينية، حتى تستدل على كلامها بوجود “فبركة فلسطينية”.

ولم تتوقف “فيلت” الناطقة بالألمانية عند هذا الحد، بل قام كليمنس فيرجين كبير المراسلين لديها بنشر الفيديو مترجماً إلى الإنجليزية على تويتر، وراسل قناة “بي بي سي” بالقول “كيف أن قناة خاصة وصغيرة نسبياً مثل فيلت تعمل بميزانية أصغر بكثير من ميزانيتكم، تبين أن هذا الرجل (في إشارة للجعفراوي) ممثل باليوود، بينما مراسلوكم لا يعرفون ذلك؟”.

تكرار أكاذيب تم كشفها

ما قامت به القناة الألمانية لم يكن سبقاً، بل مجرّد تكرار للدعاية الإسرائيلية على مواقع التواصل، إذ نشرت الصور ذاتها حسابات لشخصيات إسرائيلية قبل أيام، وفندها عدد من المستخدمين والصحفيين واعتبروها جزءا من حرب إعلامية لمحاولة تقليل التضامن العالمي مع غزة، خصوصاً أن حساب الجعفراوي يتابعه 2.7 مليون شخص.

ورد الصحفي ومدقق الحقائق الأمريكي مات بيندر على مراسل القناة الألمانية قائلا “عليك أن تشعر بالخجل من طريقة عملكم اللامسؤولة، أنتم تنشرون الأكاذيب على أنها مثال لتغطية جيدة. عار عليكم”.

وذكر بيندر -الذي قام بالتحقق من هذه المزاعم منذ أيام- أن ادعاء فبركة الجعفراوي لعلاجه بالمستشفى كاذب، “لأن شخصاً آخر هو من يظهر في فيديو العلاج، وتحديدا شاب اسمه محمد زنديق، والفيديو رُفع على تيك توك في أغسطس/آب الماضي، عندما فقد الشاب محمد ساقه في هجوم إسرائيلي على الضفة الغربية”.

ما ذكره الصحفي بيندر، أكده أيضاً موقع مسبار للتحقق من الأخبار قبل أيام، حيث ذكر أن هذا المشهد لا يعود الجعفراوي، بل للشاب زنديق الذي أصيب خلال اقتحام إسرائيل مخيم نور الشمس في طولكرم بالضفة الغربية.

وتابع بيندر أن الادعاء الثاني الذي ذكرته قناة “فيلت” بأن الجعفراوي تظاهر بأنه جثة في كيس، كاذب أيضا، لأن الصورة مأخوذة من صفحة فيسبوك من تايلند، لسيدة ترتدي زي الهالوين مع طفلها.

وبعد كشف أكاذيبه، قام كليمنس فيرجين بحظر بيندر، بالإضافة لعدد من مستخدمي تويتر الذين فضحوا التضليل المستمر الذي تقوم به قناته.

وهذه ليست أول مرة تتورط فيها “فيلت” بالتضليل، فقد سبق لها أن ربطت بين احتفال لاعبين من المنتخب المغربي في مونديال قطر، وبين “تنظيم الدولة” لرفعهم أصبع السبابة، في سياق انزعاجها من رفع المغاربة العلم الفلسطيني، واعتذرت لاحقا بعد حملة غضب واسعة.

“بيلد”.. على نفس الخطى

شهدت العاصمة برلين، السبت 4 نوفمبر/تشرين الثاني، مظاهرة واسعة شارك فيها الآلاف من الداعمين للقضية الفلسطينية، لكن ذلك لم يرق لصحيفة “بيلد” التي حاولت شيطنة المظاهرة، لكنها سقطت في فضيحة مدوية.

فبدل ترجمة شعار “إسرائيل تقصف، وألمانيا تموّل” الذي رفعه المتظاهرون، حوّرت الصحيفة الشعار إلى “اقصفوا إسرائيل” ووضعته في عنوان خبرها على الموقع، ولم يقم 7 صحفيين حرروا الخبر بالتأكد من حقيقة الشعار.

كما وضعت الصحيفة عنواناً جانبياً للخبر “8500 مشارك في مسيرة كارهة لليهود في برلين” رغم أن المسيرة شارك فيها إسرائيليون ويهود رافضون للعدوان على غزة.

وكتب الصحفي طارق بايي “هكذا تختلق مجموعة إكسل شبرينغر صورة عدو يجب شيطنته، اختلقت دعوة للعنف عبر تحوير شعار المظاهرة، كما قامت باختلاق رقم 8500 كارهٍ لإسرائيل”.

وتشترك وسائل إعلام مجموعة “أكسل شبرينغر” في خط تحريري واضح بالدفاع عن إسرائيل، أكثر حتى من وسائل إعلام إسرائيلية، وسبق لها عام 2021 أن طالبت الصحفيين غير الموافقين على رفعها للعلم الإسرائيلي على بنايتها أن يبحثوا عن عمل آخر.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *