يقول تقرير نشرته صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية إن حركة مقاطعة العلامات التجارية الكبرى تزايدت منذ أن بدأت إسرائيل غزوها لقطاع غزة، وإن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أكسب هذه الحركة زخما سريعا، وإن المصنعين وتجار التجزئة يشعرون بالفعل بتأثيرها.
وأوضح التقرير أن النشطاء المؤيدين للفلسطينيين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات لاستهداف شركات مثل ماكدونالدز، وكوكا كولا، وباركليز، وتيسكو بسبب صلاتها المزعومة بالجيش الإسرائيلي.
وأضاف أن تحديد الشركات الكبيرة تم من خلال مواقع الويب، مثل تلك التي تديرها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي إس)، بالإضافة إلى التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، بسبب دعمها أو استثمارها أو روابطها بإسرائيل.
العلامات الأكثر شيوعا
والعلامات التجارية المذكورة تشمل ستاربكس وماكدونالدز وكوكا كولا وفرعها كوستا كوفي وأمازون وغوغل، ومارس، ونستله، وزارا، وباركليز، وبن آند جيري، وليدل، تيسكو، ويتروز، إم آند إس وكنتاكي فرايد تشيكن. ولم تستجب معظم هذه الشركات لطلب صحيفة “صنداي تايمز” للتعليق على مزاعم صلاتها بالجيش الإسرائيلي.
وأظهر استطلاع أجرته شركة يوغوف لصالح “صنداي تايمز” وشمل 2053 من البالغين في المملكة المتحدة أن 5% من البالغين في بريطانيا يقاطعون الآن علامة تجارية واحدة على الأقل اشتروا منها سابقا بسبب الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وكان الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما أكثر مشاركة، في حين كانت ماكدونالدز وستاربكس وكوكا كولا هي العلامات التجارية الأكثر شيوعا التي تم ذكرها.
وأورد التقرير أن نساء يحملن دمى ملفوفة بأكفان ملطخة بالدماء تظاهرن خارج منافذ برغر كنج وماكدونالدز وستاربكس خلال مسيرة لدعم الأمهات الفلسطينيات في روتردام الشهر الماضي.
لا شكرا
وذكر أن تطبيقا للهواتف الذكية، يسمى “لا شكرا- No Thanks”، تم إنشاؤه في نهاية العام الماضي، يدرج 1273 شركة يقول إنه ينبغي تجنبها، وهو تطبيق يكتسب زخما بين المتسوقين البريطانيين.
وأسس التطبيق في المجر خريج علوم الحاسوب أحمد باشباش (25 عاما)، والذي قُتل شقيقه إبراهيم (29 عاما) في 31 أكتوبر/تشرين الأول في شمال غزة.
وتم تنزيل هذا التطبيق 187 ألف مرة في المملكة المتحدة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، و2.9 مليون مرة في جميع أنحاء العالم، وهو يمكّن العملاء من مسح المنتج ضوئيا، ثم يتم إخبارهم إلى أي مدى تدعم الشركة المصنعة إسرائيل. وعلى “إنستغرام”، يشجع الآباء والأمهات والمؤثرون الداخليون متابعيهم على تنزيله.
ونقلت “صنداي تايمز” عن باشباش قوله إنه اختار الشركات التي يجب مقاطعتها بناء على محتوى المواقع الإلكترونية للشركات والتعاون والمقابلات الإعلامية السابقة. وأضاف أن المعلومات قام بجمعها فريق من 7 متطوعين.
وتم إنشاء التطبيق في 10 أيام، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وشمل في البداية 200 شركة. وبعد فترة وجيزة، تم حظره من متجر غوغل الافتراضي، لأنه أعلن عن نفسه كأداة “لمعرفة ما إذا كان المنتج الذي بين يديك يدعم قتل الأطفال في فلسطين”. وقد أعيد مرة أخرى إلى المتجر منذ ذلك الحين.
تجارب وتصريحات
وأورد التقرير تجارب وتصريحات لبعض المستهلكين والباعة لإلقاء ضوء أوضح على ما يجري في حركة المقاطعة.
وفي أحد مقاهي ستاربكس بوسط لندن، تشرح إحدى النادلات أنه تم تقليص ساعات عملها من 35 ساعة في الأسبوع إلى 15. وقالت إن السبب هو المقاطعة المؤيدة للفلسطينيين لسلسلة المقاهي الأميركية.
وتضيف النادلة “الوضع هادئ للغاية بسبب المقاطعة”، وهي تشير إلى المقهى، حيث يصطف 6 أشخاص لتناول القهوة صباح يوم السبت، مشيرة إلى أنهم كانوا يستقبلون في وقت الغداء، 500 شخص في المتجر، وتقلص العدد الآن إلى حوالي 300 شخص.
وقال التقرير إن إدراج “ستاربكس” في قائمة المقاطعة تم لأن رئيسها التنفيذي السابق ومساهمها الرئيسي هوارد شولتز يقال إنه يستثمر “بكثافة في الاقتصاد الإسرائيلي”.
احتجاجات على المقاطعة
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “ستاربكس” لاكسمان ناراسيمهان، في حديثه إلى المستثمرين خلال مكالمة أرباح الربع الأول من عام 2024، إن الأحداث في الشرق الأوسط أثرت بالفعل على المبيعات الأميركية، على سبيل المثال، “مدفوعة بتصورات خاطئة حول موقفنا”.
وقال متحدث باسم “ستاربكس “على الرغم من التصريحات الكاذبة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم تساهم هذه الشركة أبدا في أي عملية حكومية أو عسكرية بأي شكل من الأشكال”.
لكن مثل هذه الاحتجاجات لم تردع المقاطعين. وقالت عاملة مقهى “ستاربكس” في لندن، التي كانت ترتدي الحجاب “لم يعد المسلمون يأتون”.
وتم إدراج ماكدونالدز في تطبيق “لا شكرا” لأنه، في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قال صاحب الامتياز الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي إنه “تبرع وما زال يتبرع بعشرات الآلاف من الوجبات لوحدات الجيش الإسرائيلي والشرطة والمستشفيات والمقيمين في جميع أنحاء قطاع غزة وكافة قوات هذا الجيش”.
نأت عن وكيلها
ومع ذلك، قالت ماكدونالدز في وقت لاحق إن هذا القرار تم اتخاذه بشكل مستقل دون موافقتها، وإن صاحب الامتياز لم يعد جزءا من العمل.
وقال داريوس فريمبونغ (22 عاما)، من إسيكس شمال شرق لندن، إنه كان ينفق 18 جنيها إسترلينيا في الأسبوع في “ستاربكس”، لكنه توقف عن ذلك، مضيفا “أصدقائي يقاطعون، لذا فأنا أسير على خطاهم”.
وقالت أستاذة التسويق في كينغز كوليدج لندن، والخبيرة في أخلاقيات المستهلك غيانا إم إيكهاردت “عندما تأتي الرسائل من أشخاص تعرفهم، وليس بالضرورة من الإعلانات، فإنها تؤثر على سلوك الشخص بدرجة أكبر بكثير لأنها تأتي من مصدر موثوق.”
وقام ليو هودجز (24 عاما)، وهو مدير حسابات يعيش في شرق لندن، باستبدال متجر ليدل الأسبوعي الخاص به بمتجر “أسدا-USDA” بسبب الاستثمار المفترض للمالك في الشركات الإسرائيلية الناشئة، كما أنه يتجنب العلامات التجارية للوجبات السريعة بما في ذلك ماكدونالدز وكنتاكي فرايد تشيكن بسبب صلاتها الإسرائيلية المزعومة.
وقال “لقد كان الأمر كاشفا للغاية عندما كنت أقوم ببعض أبحاثي، حول مدى مشاركة الشركات المختلفة في إسرائيل”. وكان يحصل على معلوماته من الموقع الإلكتروني لحركة المقاطعة. وأضاف “المقاطعة هي إحدى الطرق النشطة التي أشعر بأنني أستطيع من خلالها المساعدة في إحداث تغيير، حتى لو كان هذا الاختلاف صغيرا”.
موسيقيون ومغنون
واتهمت مجموعة “باركليز”، وهي مجموعة يقودها موسيقيون، البنك بالاستثمار في الشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة، وهو ما ينفيه البنك.
وقال باركليز إنه يدرك “المعاناة الإنسانية العميقة” الناجمة عن الصراع في غزة.
وفي مجال الأنشطة الفنية، وكذلك في الشوارع الرئيسية، تكتسب عمليات المقاطعة زخما أيضا. فقد تمت مقاطعة مهرجان الهروب الكبير، في برايتون، الذي ساعد في إطلاق مسيرة مغني الراب ستورمزي، بثلث عروضه هذا الشهر، لأن راعيه كان بنك باركليز.
وفي الأسبوع الماضي، انسحبت مغنية الروك الأيرلندية من مهرجان لاتيتيود، بسبب رعاية باركليز لهذا الحدث. وقالت “لن أسمح لعملي الثمين، وموسيقاي التي أحبها كثيرا أن تنام مع العنف”.
وفي الشهر الماضي، أسقط مهرجان هاي الأدبي في ويلز الراعي الرئيسي له، وهي شركة إدارة الاستثمار بيلي غيفورد، بعد مقاطعة المتحدثين بسبب علاقات الشركة بإسرائيل وشركات الوقود الأحفوري.