قصة نجاة عائلة ليبية من الفيضانات المميتة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

تناول تقرير لصحيفة واشنطن بوست قصة نجاة عائلة ليبية من الفيضانات المميتة التي اجتاحت مدينة درنة وبلداتها وأسفرت عن مقتل الآلاف من أهلها وتدمير عشرات المنازل بفعل الفيضانات التي لم تشهد المدينة مثلها من قبل.

ويصور التقرير الجدران البيضاء لمنزل علام سعداوي الملطخة باللون الأحمر من بصمات الأيدي الموحلة التي تركها ضيوف حفل زفافه وراءهم، متشبثين بحياتهم الغالية بينما ارتفعت مياه الفيضانات من حولهم. فقد كانت عائلته تخطط للحفل منذ أسابيع، حيث اشترى والده ميلود، 70 عاما، أطباقا فضية للطعام وأكوابا جديدة للشاي المحلى.

لكن في يوم الجمعة غطاهم الطمي الأحمر الذي خلفته العاصفة “دانيال” وراءها عندما هبت على الوادي وعمت بلدة سوسة التي يبلغ عدد سكانها 8 آلاف نسمة في شرق ليبيا، حتى أن الأمر احتاج 15 رجلا لإزالة طبقات الأوساخ من الأرضيات الرخامية، كما قالت الأسرة. أما عن الصدمة فسيكون من الصعب محوها. وقال نزار، شقيق علام، وهو واقف في ما تبقى من مطبخهم “أصبحنا نخاف المطر الآن”.

ولفت تقرير واشنطن بوست إلى أنه في درنة، المدينة الأكثر تضررا، عثر على عروسين ميتين تحت سلمهما. وكانت العروس في ثوب الزفاف والعريس في بدلته. وخارج مستشفى الولادة يوم الخميس، كان هناك شقيقان يبحثان عن أختهما ومولودها الجديد بعد جرف منزلهما.

وعن حجم المأساة التي منيت بها درنة، قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إن مندوبيها تجولوا في 3 مراكز صحية في المدينة ووجدوا أحدها معطلا بسبب وفاة جميع أفراد طاقمها الطبي تقريبا. وقالت المنظمة إن المركزين الآخرين كان يعملان مع أطباء متطوعين من طرابلس، لكنهما طلبا المزيد من الدعم.

وأشارت الصحيفة إلى أن المزاج في المجتمعات الساحلية الأخرى كان أهدأ، حيث واصل السكان عملية التنظيف وقامت الحفارات بتمشيط الأنقاض بحثا عن الجثث في سوسة، واسترجعت أسرة سعداوي النشاط الإيجابي والسرور الذي ساد المنزل مساء ذلك الأحد، والذي بدا وكأنه منذ زمن بعيد.

وكان الأقرباء مكتظين في كل غرفة، وكان الأطفال متحمسين لرؤية أبناء عمومتهم والكبار يستعدون لتجهيز الوليمة، حيث ذبحوا 13 خروفا للزفاف الذي كان مقررا يوم الخميس، ثم أشعلوا الشوايات عندما حل المساء وأكلوا معا تحت أشجار الرمان في فناء منزلهم.

صور جوية لدرنة من مكتب الجزيرة في ليبيا (الجزيرة)

لكن فرحتهم لم تكتمل حيث هطلت الأمطار الغزيرة على أسطح البلدة الخرسانية المسطحة وبساتينها الخضراء الواسعة. وفي الساعة 11.30 مساء تدفقت المياه على الوادي واقتحمت بوابات المنازل الأمامية. ويتذكر نزار، 40 عاما، قائلا “لقد حدث ذلك في ثوان”. وانقطعت الأضواء وتوقفت الموسيقى وتجمد الأطفال.

ومع مساء الجمعة أحصت سلطات سوسة 10 وفيات و50 مفقودا و200 مصاب. وانزلاق عشرات المنازل إلى البحر أو هدمتها المياه.

وفي منزل أسرة سعداوي غطت بصمات الأيدي الموحلة كل الجدران تقريبا، وكلما ارتفعت المياه داخل البيت سارعت الأسرة في صعود السلالم، وكانت بعض بصمات الأيدي لأطفال صغار، حيث كان الكبار يمسكونهم ويدفعونهم إلى أعلى. ويروي نزار وكل جسمه مبلل وفي حالة صدمة “الأمر بدا وكأنه حلم”.

وتابع تقرير الصحيفة تصوير المشهد يوم الجمعة، حيث كانت الذكريات في كل مكان. فترى هنا حقيبة مليئة بالنقود التي كان من الممكن أن تكون هدية الزفاف، وهناك كانت كراسي الضيوف القرمزية الحمراء مكدسة على السطح.

ويعيش ميلود الآن في أنقاض بيت كان من المفترض أن يجلب الفخر للعائلة. لكن أطفاله ما زالوا أحياء، وهو أهم ما في الأمر. وقال وهو يلقي نظرة خاطفة من خلال جدار المطبخ المكسور على الموقد المطمور في طين الفناء إن “هذه الأشياء لن تعني شيئا إذا أصيبوا”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *