أكد قائد الأسطول الخامس للبحرية الأميركية اللواء جورج ويكوف أن الحوثيين لم تردعهم بعد حملة الضربات التي تقودها الولايات المتحدة وتهدف إلى تدمير قدراتهم، وما زالوا يواصلون مهاجمة السفن التجارية الدولية.
وأوضح ويكوف في مقابلة حصرية مع موقع “المونيتور”-الصادر من واشنطن والمختص بشؤون الشرق الأوسط- إن الضغط الدبلوماسي يمكن أن يدفع الحوثيين، في نهاية المطاف، إلى وقف هجماتهم الجريئة على سفن الشحن التجارية الدولية.
وأشار الكاتب جاريد زوبا، الذي أجرى المقابلة، إلى أن ويكوف، الذي يقود قوات التحالف البحري برئاسة أميركا في إطار عملية “حارس الازدهار” ضد الحوثيين، كان متفائلا بشأن “الانتصارات” التي حققتها أطقم المدمرات والطيارين المقاتلين لمجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس أيزنهاور”، والتي أسقطت العشرات من المسيرات الحوثية والصواريخ المضادة للسفن، مما يمثل سابقة تاريخية في عصر حرب المسيرات.
وأكد ويكوف أيضا، عندما سئل عما إذا كان رد الجيش الأميركي ناجحا “على المستوى التكتيكي”، أن هذه الجهود فعالة وأنه لم يشعر بالفخر خلال 34 عاما من عمله في البحرية الأميركية أكثر مما يشعر به اليوم، ولم يشاهد مثل هذه الجهود التي تبذلها القوات البحرية للتحالف الدولي.
اعتراف بأن التقدم لا يزال بعيد المنال
ومع ذلك، يقول الكاتب إن ويكوف أكد أن هجمات التحالف لم تردع الحوثيين، معربا عن أمله في أن توفر ضرباتهم على الأقل بعض المساحة والوقت لاتخاذ القرار، وتسمح للجهود الدبلوماسية والمجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم على السفن.
وأضاف أن ويكوف اعترف بأن علامات التقدم لا تزال بعيدة المنال، ومن الصعب القول ما إذا كان التحالف قد أبطأ قدرتهم على شن الهجمات أم لا.
وقال الكاتب إن الحوثيين شنوا أكثر من 60 هجوما على سفن الشحن المدنية والسفن الحربية المتحالفة مع الولايات المتحدة بصواريخ موجهة بدقة وطائرات مسيرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ووصفوا هجماتهم بأنها رد انتقامي على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
عوائق غير مسبوقة
وأوضح أن الدفاع عن الشحن البحري الدولي مهمة تقليدية لطالما اضطلعت بها القوات البحرية الأميركية وحلفاؤها، ولكن القادة العسكريين الأميركيين يواجهون مجموعة من العوائق غير المسبوقة تتمثل في وجود جهة فاعلة غير حكومية مسلحة بصواريخ موجهة بدقة، مما يهدد نقطة اختناق رئيسية في الاقتصاد العالمي.
ويعترف قادة البحرية الأميركية الذين يشرفون على الضربات بأنهم ببساطة ليس لديهم معلومات جيدة حول حجم المخزون الذي تراكم لدى الحوثيين على مدى العقد الماضي. ولطالما أعاقت الفجوة الاستخباراتية الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لاعتراض خطوط إمدادات الحوثيين.
وأكد ويكوف أن المقاتلين الحوثيين يعدلون تقنياتهم ويلجؤون إلى المزيد من الحركة، ويحاولون أن يكونوا أكثر خداعا في أفعالهم.
لديهم ترسانة كبيرة
ويقول مسؤولو الدفاع الأميركيون إن الحوثيين يحتفظون بترسانة كبيرة، ويبدون استعدادا للتصعيد. وفي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أرسل الحوثيون قاربا متفجرا مسيرا إلى ممرات الشحن التجارية بعد أيام فقط من توجيه بنادقهم نحو مروحيتين تابعتين للبحرية الأميركية، وحاولوا هذا الشهر نشر مسيرة تحت البحر دمرتها الضربات الأميركية بشكل استباقي.
وقال ويكوف إن هناك العديد من المجالات الجوية، البرية، والبحرية التي يمكن للحوثيين أن يعرّضوا فيها جنوب البحر الأحمر للخطر.
أميركا تتجنب استهداف قادة الحوثيين
وأشار الكاتب إلى أنه، وفي إطار عزمها على احتواء انتشار الحرب الإسرائيلية في غزة وتجنب صراع إقليمي شامل، تجاهلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حتى الآن دعوات كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين السابقين لاستهداف قيادة الحوثيين بشكل مباشر.
وبدلا من ذلك، ركزت الحملة البحرية الحالية على تقويض أسلحة الحوثيين مع تعطيل اتصالاتهم، وقدراتهم على جمع المعلومات الاستخبارية، والقيادة والسيطرة.
وقال ويكوف إنه من منظور إستراتيجي، يتعين على المجتمع الدولي أن يفعل الكثير، وهذا يمتد إلى ما هو أبعد من البعد العسكري.
جر أميركا مرة أخرى للمنطقة
وأشار إلى أن المواجهة العسكرية الأميركية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق الناتجة عن الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل اجتذبت أصولا بحرية أميركية كبيرة في وقت تسعى فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى تقليص وجوده طويل الأمد في الشرق الأوسط تحسبا لمواجهة مع الصين في العقود القادمة.
وفي محاولة للتعويض عن تراجع وجوده في الأعوام الأخيرة، سعى الأسطول الخامس إلى تعزيز التعاون الأمني البحري متعدد الجنسيات، وبشكل رئيسي من خلال القوات البحرية المشتركة المتمركزة خارج البحرين.
لا إجابة على مدة استمرار العملية البحرية
واعترف ويكوف بأنه لا يزال يتعين تسوية التفاصيل الرئيسية، مثل ما إذا كانت عملية “حارس الازدهار” بقيادة الولايات المتحدة وعملية “أسبيدس” الموازية التابعة للاتحاد الأوروبي بقيادة اليونان ستقسمان مناطق من الممرات المائية للقيام بدوريات، أو تكلفان أساطيل الدول المختلفة بالتركيز على حماية السفن التجارية التابعة لدولها.
وقال إنه واثق من أنه في وقت قصير، عندما يبدأ الشركاء الأوروبيون في التدفق إلى المنطقة، ستكون القوات الدولية قادرة على تحسين تأثيرها.
وفيما يتعلق بالمدة التي يتوقع أن تستمر فيها المهام البحرية، قال ويكوف إن هذا يعتمد حقا على المدة التي سيقرر فيها الحوثيون مواصلة هجماتهم في الممرات البحرية.