يقول الباحث بالمجلس الأطلنطي أدريان كاراتنيكي إن تاريخ أوكرانيا المستقلة شهد منذ تفكك الاتحاد السوفياتي السابق في 1991، الكثير من الخيانات التي هدفت إلى تخريب الدولة الأوكرانية والتسلل إلى مؤسسات أمنها القومي.
وكتب كاراتنيكي تقريرا مطولا عن الأوكرانيين الذين قال إنهم تعاونوا مع روسيا ضد بلدهم وساعدوها على قتل مواطنيهم، مشيرا إلى أن أسماء “الخونة” المشهورين والمتعاونين مع “العدو” يتردد صداها عبر التاريخ، والآن يتم تجديد صفوفهم وسط الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال إن بعض من خانوا بلدهم ضللتهم الرواية الإمبراطورية للكرملين حول وحدة البلدين روسيا وأكرانيا، والتي تعود إلى قرون ووجدت أتباعا راغبين، كما وجدت الإمبراطوريات السابقة القوية أتباعا جددا بين شعوبها المحتلة، كما أُعجب آخرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسياساته الاستبدادية ونجاحات روسيا الاقتصادية في العقد الأول من حكمه.
على كشوف الرواتب
وأشار الكاتب إلى أن بعض الأوكرانيين عبروا الخط لدعم المحاولات الروسية لتدمير أوكرانيا بنشاط. وسجل بعضهم بكشوف رواتب الكرملين كجواسيس أو خبراء تجسس أو مخبرين أو وكلاء نفوذ، مضيفا أن العديد من المتعاونين يوجدون اليوم في الأجزاء التي تحتلها روسيا من أوكرانيا.
وأوضح أن بعض مؤيدي روسيا هم صحفيون أوكرانيون وجدوا وظائف ذات رواتب جيدة في وسائل الإعلام الموالية لروسيا، والتي غالبا ما كانت تمولها الدولة الروسية والأثرياء الروس المرتبطون بالكرملين، وأخذ هذا الطريق بعضهم إلى مناصب بارزة كدعاة في روسيا، حيث يحرضون الآن على الإبادة الجماعية لشعبهم.
المساعدة في إدارة الاحتلال
ولا يزال آخرون، يقول الكاتب، من الإداريين المحليين والإقليميين في المناطق التي تحتلها روسيا، ممن أعادوا توجيه مهاراتهم إلى إدارة الاحتلال، لكن شكل الخيانة الأكثر تعقيدا يدور حول الأوكرانيين الذين تم تجنيدهم في الوحدات العسكرية الروسية أو التي تسيطر عليها روسيا للقتال ضد مواطنيهم.
وأورد الكاتب أنه في يوليو/تموز 2022 أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أكثر من 650 من مسؤولي الأمن الأوكرانيين يخضعون للتحقيق للاشتباه في ممارستهم خيانات، بما في ذلك 60 متعاونا يعملون لصالح الروس في “الأراضي المحتلة”.
مئات الأسماء
وأضاف أن مصدرا آخر هو منظمة تشيسنو غير الحكومية الأوكرانية، التي تتعاون مع المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا لتجميع قائمة بالخونة المزعومين. وحتى الآن، تحتوي قائمة تشيسنو على أكثر من 1200 اسم للأوكرانيين.
وتشمل القائمة أشخاصا أدانوا بصوت عال الغزو الروسي لعام 2022 لكنهم يستخدمون لغة غامضة بشأن غزوها شبه جزيرة القرم ودونباس عام 2014.
وذكر الكاتب العديد من أسماء الصحفيين “الذين يعملون ضد بلدهم”، ويبررون الضم الروسي لشبه جزيرة القرم، ويضخمون المظالم المزعومة لمن يسمون بالانفصاليين الذين توجههم روسيا في شرقي أوكرانيا.
وأشار إلى إغلاق زيلينسكي عام 2021 العديد من وسائل البث المرتبطة بموسكو، وإلى هروب عدد من الإعلاميين إلى روسيا، حيث يقومون بالدعوة إلى أن تكون موسكو أكثر قسوة ضد أوكرانيا.
تدميرها بدلا من السيطرة عليها
وأشار كاراتنيكي إلى أن روسيا بعد دخولها أوكرانيا في 2022، لم تسع قط إلى إنشاء أي شيء يشبه ما تسمى “لجنة التحرير الوطني”، وهي طريقة مألوفة من الحقبة السوفياتية لسيطرة الكرملين على الدول الأجنبية، على الرغم من تقارير المخابرات الغربية التي تفيد بأن روسيا تسعى إلى مثل هذا السيناريو. وقال إن هدف بوتين لم يكن قط السيطرة على الدولة الأوكرانية، بل تدميرها بالكامل.
وأشار أيضا إلى أنه في الحرب المستمرة، فإن الخونة الأكثر تأثيرا هم أولئك الذين يتسللون إلى أجهزة الأمن في كييف ويقدمون معلومات خاطئة عن التحركات الروسية. وذكر أسماء بعض هؤلاء.
وقال إنهم ساعدوا في تخريب الدفاع الأوكراني وتبادلوا المعلومات الاستخباراتية مع موسكو، مما سمح لروسيا بالاستيلاء بسرعة على مساحات شاسعة من جنوبي أوكرانيا في المراحل الأولى من الهجوم الروسي عام 2022، مضيفا أن كييف اعتقلت العديد منهم.