نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأميركية مقالا طويلا يتناول تأثير حرب غزة على العالمين الإسلامي والعربي، قائلة إن هذه الحرب خلقت جبهة إسلامية جديدة ربما تكون هي التحدي الأكبر الذي يواجه أميركا.
وأوضح المقال الذي كتبه توبي ماتيسين، وهو محاضر أول في الدراسات الدينية العالمية بجامعة بريستول بالمملكة المتحدة، أن حرب غزة لم تعد مقتصرة على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.
وأشار إلى امتداد هذه الحرب ومشاركة ما يُسمى بـ “محور المقاومة” الذي يضم إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن فيها، وتجاوزها ذلك إلى أن أصبحت الآن وبعد 4 أشهر من بدايتها قوة توحيد قوية للسنة والشيعة وأيقظت جبهة إسلامية شاملة تضم الجماهير العربية السنية، التي تعارض بأغلبية ساحقة، التطبيع العربي.
تحدٍ إستراتيجي
وأضاف المقال أنه بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها، يشكل هذا التطور تحديا إستراتيجيا يتجاوز بكثير مواجهة الفصائل العراقية والحوثيين بضربات مستهدفة. فمن خلال الجمع بين منطقة منقسمة منذ فترة طويلة، تهدد الحرب في غزة بمزيد من تقويض النفوذ الأميركي، وعلى المدى الطويل، يمكن أن تجعل العديد من البعثات العسكرية الأميركية مقرّات لا يمكن الدفاع عنها.
وقال إن هذا التقارب الجديد يثير أيضا عقبات كبيرة أمام أي جهود تقودها الولايات المتحدة لفرض اتفاق سلام من أعلى إلى أسفل يستبعد الإسلاميين الفلسطينيين.
دعم واسع لإستراتيجية المقاومة المسلحة
وأورد الكاتب أن استطلاعات الرأي ووسائل التواصل الاجتماعي العربية تظهر دعما عربيا كبيرا لحركة حماس وإستراتيجيتها في المقاومة المسلحة، وتراجعا كبيرا في دعم الولايات المتحدة والأنظمة المرتبطة بها ارتباطا وثيقا.
وتظهر نفس استطلاعات الرأي الآن، وفقا للمقال، أن نسبة ساحقة من السكان -أكثر من 90%- تعارض إقامة علاقات مع إسرائيل، مضيفا أن مؤشر الرأي العربي لشهر يناير/كانون الثاني الماضي، وهو مسح أجري في الدوحة شمل 16 دولة عربية، يظهر اتفاق أكثر من 3 أرباع المستطلعين على أن وجهات نظرهم بشأن الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية منذ بدء الحرب.
ضغط شعبي واسع من أجل فلسطين
ونصح ماتيسين الدول العربية الموالية للغرب بأن تسعى إلى سد الفجوة المتسعة بين سياساتها وتعاطف مواطنيها، قائلا إنه بعد سنوات من الإهمال ستضغط هذه الجماهير وبشكل عاجل من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية، الأمر الذي يهدد بإثارة موجة جديدة من الانتفاضات العربية.
وأكد أنه من الواضح بشكل متزايد أنه سيكون من المستحيل على واشنطن وقف التصعيد الإقليمي ما لم تتمكن من تأمين وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الاحتلال، وأخيرا إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، مضيفا أنه في غياب خطوات ملموسة ذات مصداقية في هذا الاتجاه، سيتواصل الضغط الشعبي على الحكومات في المنطقة.
وختم ماتيسين مقاله بالتأكيد على أنه بدون الحل العادل والواسع النطاق للقضية الفلسطينية، لن يحقق الشرق الأوسط أبدا سلاما دائما أو نوعا من التعاون السياسي والاقتصادي الذي طالما حلم به الكثيرون، مشيرا إلى أن البديل هو حلقة لا تنتهي من العنف، وتراجع النفوذ الغربي، واندماج المنطقة بطريقة مختلفة تماما لما يريده الغرب، بل ومعادية بشكل أساسي له.