يقول تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن أوكرانيا تواجه أسابيع صعبة في معركتها لوقف التقدم الروسي في ساحة المعركة، على الرغم من إقرار مشروع قانون تمويل أميركي لكييف طال انتظاره هذا الأسبوع.
ونقل التقرير الذي أعده مراسلو الصحيفة من كييف والعاصمة الليتوانية ريغا، عن مسؤولين وجنود ومحللين عسكريين أوكرانيين قولهم إنه من غير المرجح أن يغير تسليم هذه المساعدات بشكل كبير وضع أوكرانيا على خط المواجهة.
وذكر التقرير أن حزمة الأسلحة والذخائر التي وافق عليها مجلس النواب الأميركي ستبدأ في التدفق إلى أوكرانيا خلال الأيام المقبلة إذا وافق مجلس الشيوخ الأميركي عليها هو الآخر هذا الأسبوع، كما هو متوقع على نطاق واسع، وذلك بعد شهور من التأخير تركت القوات الأوكرانية تفتقر إلى الأسلحة الحيوية في مواجهة التقدم الروسي.
وضع القوات الأوكرانية ساء كثيرا
وحذر القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية أولكسندر سيرسكي هذا الشهر من أن الوضع “ساء بشكل كبير” بعد أن كثفت القوات الروسية عملياتها الهجومية على عدة نقاط على خط المواجهة البالغ طوله ألف كيلومتر منذ الاستيلاء على مدينة أفدييفكا الصناعية في فبراير/شباط الماضي.
وأورد تقرير فايننشال تايمز أن الجيش الروسي تمكن من تعزيز قبضته على ما يقرب من 20% من الأراضي الأوكرانية التي احتلها، وأخذ زمام المبادرة في ساحة المعركة.
وقالت القوات الأوكرانية على خط المواجهة هذا الشهر إنها بالكاد تستطيع المحافظة على مواقعها في مواجهة هجمات روسية لا هوادة فيها ولم تتمكن من الرد عليها بالمثل.
إبطاء التقدم الروسي وليس وقفه
وقال مسؤول أوكراني كبير للصحيفة إن تدفق الأسلحة، وخاصة قذائف المدفعية والذخائر التي تشتد الحاجة إليها لأنظمة الدفاع الجوي، “سيساعد على إبطاء التقدم الروسي، ولكن لا يوقفه”.
وأشار التقرير إلى أن الأوكرانيين ليسوا تحت أي أوهام بأن المساعدة الأميركية ستستمر حتى نهاية الحرب، إذ قال ضابط أوكراني سابق يدير المجموعة التحليلية “فرونتليجانس إنسايت” إن هذه المساعدات الكبيرة ستشتري لهم وللاتحاد الأوروبي وقتا، حوالي عام واحد.
وقال روب لي، المحلل العسكري وزميل كبير في “برنامج أوراسيا” التابع لـ”معهد أبحاث السياسة الخارجية” الروسي، إنه حتى مع المساعدة الأميركية الجديدة “ستظل روسيا تتمتع بميزة مدفعية، وإن لم تكن كبيرة”.
وقال رسلان بوخوف مدير “مركز تحليل الإستراتيجيات والتقنيات”، وهو مركز أبحاث دفاعي في موسكو، إن استفادة أوكرانيا من الأسلحة الأميركية المتقدمة ستعتمد على كمية الأسلحة الموردة.
إغلاق فجوة التفوق في الذخيرة
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن قواته أصبحت الآن قادرة على إطلاق قذيفة مدفعية واحدة مقابل كل 10 قذائف يطلقها الروس، وسيتم الآن إغلاق هذه الفجوة جزئيا ولكن ليس بالكامل.
وتوقع أندري زاغورودنيوك، مدير “مركز إستراتيجيات الدفاع الأمني” -الذي يتخذ من كييف مقرا له- ووزير الدفاع الأوكراني السابق، أن تكون المساعدات الأميركية كافية لوقف الزخم الروسي، لكنها لن تعالج سوى تحد رئيسي واحد يواجه أوكرانيا، معترفا بأن هناك تحديا كبيرا آخر وهو نقص القوى البشرية.
وأعرب روب لي عن اعتقاده بأن القوى العاملة قد تكون المفتاح للوضع الذي ستكون عليه الحرب في 2025.
وقد اتخذت أوكرانيا خطوات لمحاولة التخفيف من حدة الوضع. ووقع زيلينسكي هذا الشهر قانونا يخفض سن التعبئة إلى 25 عاما من 27 عاما، بينما أقر البرلمان الأوكراني مشروع قانون جديد بشأن التجنيد الإجباري يهدف إلى تجديد حيوية القوات المنهكة والمتناقصة. وقال محللون إن حزمة المساعدات الأميركية ستشتري بعض الوقت لمعالجة نقص القوى العاملة.
الدفاع عن البنية التحية
وقال مسؤول إن الذخائر الأميركية التي من المرجح أن يتم تسليمها في الأيام والأسابيع المقبلة، قد تساعد أيضا في الدفاع بشكل أكثر فعالية عن البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا والتي تضررت بشدة أو دمرتها الصواريخ والمسيرات الروسية في الأسابيع الأخيرة، بعد نفاد الصواريخ الاعتراضية في كييف.
وستساعد صواريخ باتريوت في الدفاع عن نفس الأراضي الأوكرانية من الهجمات الجوية الروسية البعيدة المدى، في حين يمكن أيضا إرسال أنظمة الدفاع الجوي الأميركية المحمولة، وستساعد القوات على طول خط المواجهة، حيث تهاجم الطائرات الروسية بشكل متزايد المواقع الأوكرانية وتسوي المباني السكنية بالأرض.
سباق حول بلدة تشاسيف يار
وقال لي “من الإنصاف التساؤل عما إذا كانت هذه الذخيرة ستصل في الوقت المناسب لمساعدة أوكرانيا على السيطرة على تشاسيف يار”، في إشارة إلى البلدة الشرقية الإستراتيجية التي تقع على منحدر تل على بعد 15 كيلومترا فقط غرب باخموت، المدينة التي استولت عليها القوات الروسية في مايو/أيار الماضي.
ورجح آخرون أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أمر قواته بالاستيلاء على تشاسيف يار قبل 9 مايو/أيار المقبل، عندما تحتفل موسكو تقليديا بانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية.
وقال قادة أوكرانيون إن خسارة أوكرانيا لشاسيف يار ستسمح للقوات الروسية “بالسيطرة على النيران” على المدن الإستراتيجية القريبة، ومنحها موطئ قدم يمكنها من شن هجمات جديدة في عمق أوكرانيا.
وردا على سؤال عن المدة التي ستستغرقها الحرب والمدة التي يتوقع أن يمولها الأميركيون للدفاع عن أوكرانيا، اعترف زيلينسكي أمس الأحد بأن جيشه “فقد المبادرة” في الأشهر الأخيرة. وقال “من اللحظة التي نضع فيها أيدينا على أنظمة الأسلحة هذه، يمكننا التحدث عن الجدول الزمني”.