قال مدير “مجموعة الأزمات الدولية” في الأمم المتحدة ريتشارد غوان إن استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) 3 مرات ضد قرارات المجلس، التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، دفع خصومها لاتهامها وحلفائها الأوروبيين بأنهم لا يهتمون بمعاناة الفلسطينيين في غزة بقدر اهتمامهم بمعاناة المدنيين الأوكرانيين.
وأوضح غوان -في تقرير نشره موقع مجموعة الأزمات الدولية- أن روسيا، على وجه الخصوص، أثارت غضب المسؤولين الأميركيين بعزفها على وتر المعايير المزدوجة، وتبادل ممثلو البلدين الاتهامات بشأن ذلك.
وذكر أنه يُفترض أن المنظمة الأممية معقل للمثل العليا، لكنها أيضا مكان للسياسة الوضيعة. ويستطيع السفراء أن يدينوا بشدة الإخفاقات الأخلاقية لبعضهم بعضا، بينما يعقدون صفقات حين تتوافق مصالحهم.
ضرر
ورغم أن استحضار روسيا للمعايير الأميركية المزدوجة قد يكون أمرا ساخرا -يتابع غوان- فإن العديد من المراقبين الغربيّين يتفقون على أن واشنطن قد ألحقت الضرر بنفسها دبلوماسيا بسبب أسلوب إدارتها لما يجري في غزة.
فمنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، حرص المسؤولون الأميركيون في نيويورك على وصف روسيا بأنها قوة “إمبريالية”، وحشدوا دعما كبيرا لكييف داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما الآن، فتتلقى الولايات المتحدة نقدا لاذعا حتى ممن وقفوا إلى جانبها في أزمة أوكرانيا، إذ يتهمون واشنطن بالتحريض على استمرار “العنف الاستعماري الإسرائيلي” وتجاهل دعوات الجمعية العامة لوقف إطلاق النار.
ويتابع غوان أنه نتيجة لذلك كان للأزمة في غزة تأثير مثبط على المناقشات المتعلقة بأوكرانيا في الأمم المتحدة؛ فعندما اجتمع وزراء الخارجية الأوروبيون في الأمم المتحدة أواخر فبراير/شباط الماضي لإحياء الذكرى السنوية الثانية للحرب الروسية، كان من الملحوظ أن أوكرانيا لم تتقدم بمقترح قرار للجمعية العامة بمناسبة هذا الحدث، كما فعلت عام 2023.
ويعترف الدبلوماسيون الغربيون بأن من أهم أسباب ذلك تأكد الأوكرانيين بأنهم سيجدون صعوبة في حشد أكبر عدد من الأصوات لدعم كييف في الجمعية كما فعلوا عام 2022.
استخلاص الدروس
وأضاف غوان أن محادثات الأمم المتحدة بشأن قضايا أخرى مثل أوكرانيا مستمرة خارج مجلس الأمن، ويوضح أنه من السابق لأوانه قول إن الأمم المتحدة قد عادت إلى وضعها الطبيعي.
وتابع أنه ما دام أنه لم يُتوصل إلى “نهاية حاسمة للأعمال العدائية ضد فلسطين” ووضع أفق أو إطار سياسي لإنشاء دولة فلسطينية، فإن مجلس الأمن والجمعية العامة سوف يستمران في الخلاف حول “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وتساءل غوان عما إذا كان صناع السياسات قادرين على استخلاص أي دروس بناءة من المناقشات الدائرة حول المعايير المزدوجة التي تتبعها الولايات المتحدة في ما يتصل بغزة وأوكرانيا وغيرهما من الأزمات.
وعبّر مدير مجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدة عن أمله أن يؤدّي تسلسل الأزمات اليوم إلى إلهام بعض أعضاء الأمم المتحدة لاستثمار مزيد من الطاقة في منع الصراعات وحماية المدنيين، كما فعلت تجاه الإبادة الجماعية في رواندا خلال التسعينيات.
غير أنه استدرك بالقول إن البيئة الجيوسياسية تغيّرت، ومن الصعب رؤية الولايات المتحدة والصين وروسيا تضع خلافاتها الإستراتيجية جانبًا من أجل تنفيذ إصلاحات حقيقية.