رام الله- تشترط المقاومة الفلسطينية في غزة إدراج اسم الأسير عبد الله البرغوثي الذي أكمل، الثلاثاء، عامه الـ21 في السجون الإسرائيلية، وغيره من الأسرى أصحاب المحكوميات العالية، ومنهم الأسير المعروف ثائر حماد، ضمن صفقة تبادل مع إسرائيل لإتمامها.
وتعلّق عائلة البرغوثي -الذي تجاوزته جميع الصفقات السابقة- آمالا كبيرة على هذه الصفقة، فالأسير ليس من ذوي الأحكام العالية وحسب؛ وإنما صاحب أعلى حكم في تاريخ السجون والاحتلال الإسرائيلي وصل إلى 67 مؤبدا.
تقول زوجته فائدة البرغوثي للجزيرة نت “أملنا كبير هذه المرة، شروط المقاومة واضحة وكلنا ثقة أنها لن تتراجع عنه”.
آمال متأرجحة
أما عائلة الأسير ثائر حماد، فتعلم يقينا أن الإفراج عنه لن يكون إلا ضمن صفقة أسرى تفرض فيها المقاومة الفلسطينية شروطها، وهو ما جعلها تعيش فرحة كبيرة في الأيام الأولى من معركة الطوفان الأقصى.
لكن ذلك تغير في ظل محاولات إسرائيل التلاعب بشروط الصفقة، والخوف من رفضها الإفراج عن أي أسير متهم بقتل إسرائيليين، حسب أكرم شقيق الأسير.
وتابع أكرم متحدثا للجزيرة نت “في الوقت الحالي ليس لدينا توقعات عالية بالإفراج عنه ضمن الصفقة، ففي البداية كان الحديث عن الإفراج عن جميع أسرى المؤبدات، ثم الحديث عن بعض منهم”.
وحتى في حال إتمام الصفقة والإفراج عن ثائر، فإن العائلة لديها تخوف أكبر من أن يكون الإفراج مشروطا بالإبعاد خارج فلسطين. يقول شقيقه إن “ذلك سيكون فيه ظلم كبير بحق الأسرى الفلسطينيين، بينما يعود المحتجزون الإسرائيليون إلى عائلاتهم وبيوتهم”.
التأرجح بين الأمل والخوف الذي تعيشه عائلتا البرغوثي وحماد في ظل الحديث عن صفقة تبادل أسرى يمكن أن يتم التوصل إلى بنودها قبل شهر رمضان، هو حال مئات عائلات الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبدات، الذين يصل عددهم حسب المؤسسات التي تتابع قضايا الأسرى إلى 579 أسيرا، إلى جانب 20 أسيرا يتم تداول ملفاتهم في المحاكم الإسرائيلية حاليا ويتوقع الحكم عليهم بالمؤبد، ما يرفع العدد إلى نحو 600 أسير.
البرغوثي وحماد
وعبد الله البرغوثي، الذي عُرف كأبرز مهندسي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية، وتضعه إسرائيل على قائمة أخطر الأسرى في سجونها.
وخضع الأسير الفلسطيني خلال اعتقاله الطويل لإجراءات عقابية إلى جانب حكمه بالسجن 67 مؤبدا. فهو من الأسرى القلائل الذين قضوا فترة تحقيق تجاوزت المدة المسموح بها في القانون الإسرائيلي، واستمرت لـ5 أشهر متواصلة. بعدها حُوّل للعزل الانفرادي 10 أعوام متواصلة لم يخرج منها إلا بعد خوضه إضرابا طويلا عن الطعام.
حُرم البرغوثي من الزيارة بشكل دوري، فكما تقول الزوجة إنها تمكنت هي وأبناؤها الثلاثة من زيارته 5 مرات فقط طوال هذه السنوات، بينما لم يُسمح لوالده ووالدته بزيارته سوى مرة واحدة، ولمدة لا تزيد عن ربع ساعة العام الفائت.
حماد هو -أيضا- من الأسرى الذين تحتجزهم إسرائيل في ظروف سيئة وتصنفهم ضمن الأكثر خطرا، وهو صاحب واحدة من العمليات النوعية التي نفّذها ببندقية قديمة قتل خلالها 11 جنديا في 3 مارس/آذار 2002، وسُمّيت بعملية “عيون الحرامية”. وقد اعتقله الاحتلال بعد مرور سنتين ونصف السنة على تنفيذها، وحكمت عليه بالسجن 11 مؤبدا.
احتمالات نجاح الصفقة
والأسرى أصحاب الأحكام الأعلى في السجون بعد البرغوثي هم: الأسير إبراهيم جميل حامد (محكوم بالسجن 54 مؤبدا)، ثم حسن عبد الرحمن سلامة من قطاع غزة، وهو من قدامى الأسرى حيث اعتقل في 1996، ومحكوم بالسجن 48 مؤبدا و20 عاما.
وهناك الأسير محمد عطية أبو وردة (المحكوم 48 مؤبدا)، ومحمد حسن عرمان (محكوم بالسجن 36 مؤبدا)، وعباس محمد السيد (35 مؤبدا و150 عاما)، ووائل محمود قاسم (محكوم بالسجن 35 مؤبدا و50 عاما)، وأنس غالب جرادات (35 مؤبدا و35 عاما)، وسعيد حسام الطوباسي من مخيم جنين، ويواجه حكما بـ31 مؤبدا و50 عاما.
وعن إمكانية تحرير هؤلاء الأسرى بالكامل ضمن الصفقة المرتقبة، يقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس إن المقاومة تملك ثمن الإفراج عنهم، وإسرائيل تدرك ذلك جيدا لذلك هي تسعى إلى تصعيد الاعتداءات على القطاع من خلال المجازر والتجويع وقمع الأسرى، للضغط على المقاومة حتى تدفع هذا الثمن، مقابل التخفيف من هذه الاعتداءات وليس الإفراج عن الأسرى.
وعن شكل الصفقة التي يمكن أن يتم من خلالها الإفراج عن ذوي الأحكام العالية، يضيف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن “إسرائيل ستسعى بالتأكيد لإبعادهم خارج البلاد، وهذا أمر تفاوضي يمكن التوصل لحل له”.
ويرى قدورة أن الحل الأمثل يكمن في اعتماد صيغة الصفقة التي تمت في 1985 حيث تم “تخيير” الأسرى بالإفراج عنهم والبقاء داخل فلسطين، أو الإبعاد خارجها، وفي بعض الأحيان يكون الإبعاد هو الأفضل لبعض الأسرى الذين لا يوجد ضمانات بعدم التعرض لهم بعد الإفراج عنهم، ومن بين هؤلاء البرغوثي الذي يحمل الجنسية الأردنية.