طهران- حالة من الانقسام الحاد ظهر بها الإعلام الناطق باللغة الفارسية في تغطيته لعملية “طوفان الأقصى”، لا سيما بين إعلام الداخل الإيراني والإعلام الناطق بالفارسية خارج البلاد، والذي تقوده المعارضة الإيرانية.
وخلال الأيام الماضية، لوحظ أن الإعلام في داخل إيران يشترك في نظرته للقضية الفلسطينية بشكل عام وتغطيته لعملية “طوفان الأقصى” بشكل خاص.
ورغم كل الخلافات في الاتجاهات بين التيارين المحافظ والإصلاحي، فإنهما يتحدان في الموقف تجاه القضية الفلسطينية.
وفي التغطية خلال الأيام الماضية، استخدمت وسائل إعلام كلا التيارين في إيران الأسماء والمصطلحات والروايات الفلسطينية ذاتها، وخصصت لـ”المقاومة” حيزا كبيرا في مساحاتها.
عناوين
وما زالت عناوين الصحافة المقربة من التيار المحافظ الرئيسية تتمحور في إطار “طوفان الأقصى”، بينما عادت الصحافة الإصلاحية إلى العناوين الرئيسية العامة رغم استمرارها في تغطية ما يحدث في غزة.
ومن جانب آخر، هناك إعلام ناطق بالفارسية خارج إيران تقوده المعارضة، أهمه شبكة “إيران إنترناشونال” وقناة “بي بي سي” وشبكة “صوت أميركا” وقناة “من وتو” وإذاعة “الغد” (فردا بالفارسية).
واللافت في الأمر أن كل هذه الصحف والمحطات التلفزيونية والإذاعية والمواقع الإلكترونية والوكالات الخبرية، تدعم الاحتلال الإسرائيلي من خلال تبنيها لروايته واستضافة أصوات تصف فصائل المقاومة “بالإرهاب”.
تبني رواية الاحتلال
قناة “بي بي سي” الناطقة بالفارسية -على سبيل المثال- التي تبث من العاصمة البريطانية لندن، تسمي مقاتلي المقاومة بـ”المليشيات”، واستضافت مسؤولا في القناة دافع عن تجنب “بي بي سي الفارسية” استخدام كلمة “الإرهاب” لوصف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائلا إنهم ينقلون الأخبار ولا ينحازون لتصنيفات معنوية.
أما شبكة “إيران إنترناشونال” التي نقلت مقرها الرئيس في فبراير/شباط الماضي من لندن إلى العاصمة الأميركية واشنطن لأسباب تقول إنها “تتعلق بأمن موظفيها”، ارتدى عدد كبير من موظفيها ملابس باللون الأسود حدادا على قتلى الاحتلال الإسرائيلي، وهي تواظب على نشر مقاطع فيديو من مواطنين إيرانيين وأجانب تقول إنها حملات تضامن مع إسرائيل.
قلب الحقائق
ويرى رئيس تحرير مؤسسة الرؤية الجديدة للدراسات الإستراتيجية في طهران محمد علي صنوبري، أنه لا يوجد إعلام ناطق بالفارسية خارج إيران يمارس المهنة باستقلالية، قائلا إن هذه القنوات تابعة لدول معادية للقضية الفلسطينية وهذا ما نشهده بوضوح من خلال كيفية تعاطيها لعملية “طوفان الأقصى”.
ويضيف صنوبري للجزيرة نت، أن قنوات مثل “بي بي سي الفارسية” و”إيران إنترناشونال” لا يمكن تصنيفها ضمن الركن الرابع للديمقراطية؛ بمعنى أن يكونوا الفاعل الوسيط بين الواقع، والميداني، والشعب، والسلطات.
ويتابع أن هذه القنوات تتخذ سياسة “قلب الحقائق” لخدمة أجهزة المخابرات في الدول التي تدعمها ماديا.
بدون تأثير
في السياق، يشير المحلل السياسي والخبير في مجال الإعلام مختار حداد، إلى أن الإعلام الناطق بالفارسية خارج إيران يستخدم العناوين نفسها التي يستخدمها إعلام الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول للجزيرة نت، إن ممولي هذه القنوات يستهدفون الشعب الإيراني لكنهم لم يؤثروا إلا على فئة قليلة جدا “بينما لا يوجد بين الإعلام الناطق بالفارسية في داخل إيران أي تفاوت من حيث تغطيته وتناوله للقضية الفلسطينية و”طوفان الأقصى” تحديدا.