قال طبيب أميركي رفض الإخلاء من جنوب غزة أول أمس الجمعة إنه بقي متضامنا مع زملائه الذين لم يتمكنوا من المغادرة، داعيا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المساعدة في ضمان سلامة العاملين في المجال الطبي الذين يعالجون المرضى المتضررين من الحرب.
وكتبت مراسلة صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية كيم بيلوير تقريرا عن طبيب يُدعى آدم حموي وزملائه المتطوعين المحاصرين في غزة بعد أن استولت القوات الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال حموي (53 عاما)، الجراح المختص السابق بإصابات الحرب بالجيش الأميركي، في بيان لـ”واشنطن بوست”: “لم أشهد أبدا في حياتي المهنية مستوى الفظائع واستهداف زملائي الطبيين كما شهدت في غزة”.
ليسوا آمنين
وأضاف حموي في بيانه أنه يريد أن يعرف بايدن أن الأطباء ليسوا آمنين، وأنه كطبيب، لا يمكنه التخلي عن بقية أعضاء فريقه، وكجندي سابق، لا يمكنه التخلي عن زملائه الأميركيين.
وكان حموي قد سافر إلى قطاع غزة مع الجمعية الطبية الفلسطينية الأميركية ومقرها فرجينيا، وهي مهمة تنسقها منظمة الصحة العالمية، ووصل فريقه المكون من 19 شخصا، بمن فيهم مواطنون أميركيون ومواطنون من دول أخرى، إلى المنطقة عبر معبر رفح الحدودي في الأول من مايو/أيار الجاري لدعم المستشفى الأوروبي في خان يونس القريبة من رفح جنوبي قطاع غزة.
وكان من المقرر أن يغادر حموي وزملاؤه -الذين وصلوا حاملين حقائب مليئة بالإمدادات بما في ذلك أدوية التخدير التي تشتد الحاجة إليها- غزة يوم 13 مايو/أيار الجاري، ولكن بعد وقت قصير من وصولهم، شنت القوات الإسرائيلية عملية في رفح للاستيلاء على المعبر الحدودي مع مصر. وتم إغلاق الحدود وأصبح الأطباء محاصرين.
وقال حموي إنهم يشعرون بالقلق من أن المستشفى الأوروبي سيعاني من مصير مماثل لمستشفى الشفاء وناصر، في إشارة إلى أكبر مستشفيين في غزة دمرتهما الغارات العسكرية الإسرائيلية.
الأميركيون فقط
يُذكر أن حموي واحد من 3 متطوعين طبيين أميركيين بقوا في غزة، بينما تم إجلاء زملاء آخرين عبر معبر كرم أبو سالم، بمساعدة السفارة الأميركية في القدس. وتم منح المواطنين الأميركيين فقط الإذن بالمغادرة.
وقال حموي في رسالة نصية في وقت مبكر من يوم السبت إن 11 عضوا في الفريق من دول أخرى، بالإضافة إلى اثنين من المقيمين الدائمين في الولايات المتحدة، لم يُعرض عليهم الخروج.
وأوضح أنه عندما جاءته المكالمة للإخلاء، طُلب منه الاختيار بين الإخلاء وترك فريقه وراءه أو البقاء مع الفريق. وقال في بيانه إن ضميره لا يسمح له بترك فريقه وراءه، وتابع “لم يكن هذا ما تعلمته. هذه ليست عقيدة الجنود. نحن لا نترك الأميركيين وراءنا. هذا مخالف لقيمنا كأميركيين”.
وكان حموي، الذي يعيش في نيوجيرسي، من بين الأطباء الذين نسبت السيناتورة تامي داكويرث الفضل لهم علنا في إنقاذ حياتها في العراق في عام 2004.
مجموعة أخرى
ولدى الجمعية الطبية الفلسطينية الأميركية مجموعة أخرى من المتطوعين ينتظرون في مصر لإبدال فريق حموي، لكن إسرائيل قيدت بشدة دخول عمال الإغاثة الأجانب إلى غزة منذ أن أغلقت حدود رفح.
ولا يعرف حموي وزملاؤه متى قد تُتاح لهم فرصة المغادرة، وقد اعتذر في بيانه، لعائلته عن عدم العودة، قائلا: “أعلم أنه من المؤلم أنني لن أعود إلى المنزل في نهاية هذا الأسبوع، وأنا آسف، لكنني أعلم أنكم فخورون بأنني أتمسك بقسمي لعدم ترك أي شخص ورائي أبدا”.
وفي رسالة إلى “واشنطن بوست”، قال حموي “إذا غادر كل المواطنين الأميركيين، فماذا يعنيه هذا بالنسبة لنا كدولة؟ نحن لسنا كذلك”.