سلّطت صحيفة إيطالية الضوء على تداعيات وقف المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، إذ تعتمد كييف حاليا على الدعم الخارجي لتغطية نحو 66% من احتياجاتها العسكرية، مما يجعل أي توقف مفاجئ تهديدا لقدرتها على مواصلة القتال.
وقالت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” في تقرير للكاتب لورينسو كريمونيزي إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، واحتمال وقفها نهائيا، قد تكون له عواقب وخيمة وتأثيرات مدمرة على مسار الحرب الحالية، متسائلا عن مدى قدرة دول الاتحاد الأوروبي على تعويض النقص وتعزيز موقف كييف.
إستراتيجيات عسكرية منعزلة
وقد أوضح الكاتب أن جوهر مشكلة الاتحاد الأوروبي على الصعيد العسكري، والعوامل الرئيسية التي تفسر تخلف الأوروبيين نسبيا عن الولايات المتحدة والصين وروسيا، يكمن في الانقسامات الداخلية العميقة، وغياب الصناعات الدفاعية المتطورة، واعتماد إستراتيجيات عسكرية لا تزال خاضعة للمصالح الوطنية لكل دولة على حدة، مع تنسيق مشترك محدود.
وأضاف أن بعض الجيوش الأوروبية (مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا ودول البلطيق والنرويج وفنلندا) تعمل على دراسة ساحات المعارك في أوكرانيا، لكن قدرات هذه الجيوش على تقديم الدعم المطلوب تبقى محدودة مقارنة بما تقدمه الولايات المتحدة.
وأشار الكاتب إلى أن هناك أنواعًا من الأسلحة الأميركية التي لا تنتجها أوروبا، مثل قطع الغيار والذخائر الخاصة بالمدرعات برادلي، والتي تُعد سلاحا حيويا للمشاة في مختلف جبهات القتال في دونباس.
كما أن صواريخ هيمارس وأتاكمز غير متوفرة في الاتحاد الأوروبي، وتنتج المصانع العسكرية الأميركية قذائف المدفعية القياسية من عيار 155 ملم وفقا لمواصفات الناتو، وتحتاج أوكرانيا إلى أكثر من مليون ونصف المليون قذيفة منها سنويا.
سياسات دفاعية غير مواتية
نقل الكاتب عن أرمن بابيرغر، الرئيس التنفيذي لمجموعة راينميتال، أكبر شركة للصناعات العسكرية في ألمانيا، قوله إن المستودعات والمخازن العسكرية الأوروبية لا تزال شبه فارغة.
وأوضح الكاتب أن الصناعات الدفاعية الأوروبية لم تتمكن بعد من تعويض الأسلحة التي أُرسلت إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، وذلك بسبب سياسة تخفيض ميزانيات الدفاع التي تعتمدها حكومات الاتحاد الأوروبي منذ انتهاء الحرب الباردة.
يمكن لأوروبا الشراء لأوكرانيا
ووفقًا للخبير العسكري الأوكراني أوليغ كاتكوف، يمكن للدول الأوروبية شراء الأسلحة التي يعتزم ترامب منعها عن أوكرانيا.
ويعمل الاتحاد الأوروبي منذ أسبوعين على إقرار حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا تتجاوز قيمتها 20 مليار يورو، وقد اعتبرت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية أن أوروبا قادرة ماليا على سد الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة إذا قررت وقف المساعدات بشكل كامل.
وختم الكاتب بأن المستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرتس، يبدو عازما على تحقيق “الاستقلال العسكري الكامل” للاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة، لكن الأشهر الستة المقبلة على الجبهة الأوكرانية ستكون حاسمة في اختبار هذه الطموحات.