نشرت صحيفة “الكونفيديسيال” الإسبانية تقريرا يقول إن الجبهة الأوكرانية توقفت مؤقتا بعد هجوم مضاد لم يُحقق التقدّم الذي توقعته بعض الحكومات الغربية. وفي هذه الحالة، تتزايد المخاوف من أن يؤدي هذا “الجمود” إلى إضعاف معنويات القوات الأوكرانية.
ونقلت كاتبة التقرير مونيكا ريدوندو عن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني، أنه كما حدث في الحرب العالمية الأولى “وصلنا إلى مستوى التكنولوجيا الذي يضعنا في طريق مسدود. وعلى الأرجح لن يكون هناك تقدم عميق”.
تأخر المساعدات العسكرية
ونسبت ريدوندو إلى أحد الجنود اسمه “يان شيبولا” قوله إن العملية العسكرية الأوكرانية لم تسفر عن النتائج الفورية التي كانت متوقعة، موضحا أن أحد أسباب ذلك يكمن في أن الغرب لم يرسل مساعدات عسكرية “في الوقت المحدد”، في إشارة إلى دبابات ليوبارد التي وصلت الربيع الماضي.
وأضاف شيبولا أنه “لا ينبغي الاستهانة بالتقدم الذي أحرزته أوكرانيا. فقد تم تدمير أسطول البحر الأسود تقريبا، وتم إجلاء بقاياه من شبه جزيرة القرم. كما عبر البحارة الأوكرانيون نهر الدنيبر وأقاموا رأس جسر على الجانب الروسي”. ووفقا له، “يخسر العدو عددا قياسيا من المعدات والجنود كل يوم”.
قد تتزايد الضغوط على أوكرانيا
ولفتت الكاتبة الانتباه إلى أن وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا حذر، قبل بدء الهجوم المضاد، من خطورة وضع كل التوقعات على نتائج العملية العسكرية، ذلك أنه إذا فشلت فإن المساعدات الغربية قد تصبح موضع شك، وقد تتزايد الضغوط على أوكرانيا للتفاوض مع روسيا للموافقة على وقف الحرب.
وحسب مارك كانسيان، كبير مستشاري برنامج الأمن الدولي بـ”مركز الدراسات الإستراتيجية”، تقول ريدوندو، فإن “الهجوم الفاشل من شأنه أن يخلق مخاوف من استمرار هذه الحرب بتكلفتها وما ينطوي عليها من معاناة إلى أجل غير مسمى”.
وقالت الكاتبة إنه ومنذ بداية الحرب، اتسم الأوكرانيون -جيشا وشعبا- بالروح المعنوية العالية للغاية والأمل الكبير في أن يتمكنوا من هزيمة روسيا واستعادة أراضيهم.
الجمود محبط
لكن ليانا فيكس، المؤرخة وعالمة السياسة والخبيرة الأمنية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أشارت إلى أن “الجمود بالطبع محبط للقوات الأوكرانية، خاصة أن روسيا تقوم بإعداد أحزمة ألغام تبطل المزايا التكنولوجية لأوكرانيا والهجمات الصاروخية في الشتاء”.
وبالنسبة للغرب وأوكرانيا، تقول الكاتبة، “فإن هذه اللحظة تعني الاستعداد لحرب طويلة يمكن أن تمتد حتى عام 2024 أو 2025، في ظلّ الإخفاق في وضع حد للتقدّم الروسي من خلال هجوم مضاد ناجح وإجبار روسيا على التفاوض”.
ورجح التقرير استمرار الصراع، قائلا إن أحدث التقارير الصادرة عن “معهد دراسة الحرب” تشير إلى أن روسيا حققت إنجازات أكبر على الجبهة من أوكرانيا رغم ارتفاع عدد الخسائر. كما أدت الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى تشتيت انتباه القوى الغربية.
ملامح الوضع الحالي
يُركّز المحللون على شحنات الأسلحة الموجّهة من الولايات المتحدة وأوروبا إلى أوكرانيا. ويشير بعض المحللين إلى أن “الجمود” الحالي يرجع إلى حقيقة أن الكثير من المساعدات لم تصل في الوقت المناسب.
وحسب القائد فاليري زالوجني، فإن هناك عوامل أخرى تفسّر الوضع الحالي في ساحة المعركة، فطائرات الاستطلاع المسيّرة مع كونها أداة إستراتيجية لتحليل التضاريس إلا أنها جعلت الهجمات المفاجئة واسعة النطاق مستحيلة. كانت هذه هي الورقة الرابحة لأوكرانيا في العام الماضي، عندما استعادت خاركيف في عملية لم يتوقعها الروس.
كما أن التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي على نطاق غير مسبوق يعيق قدرة أوكرانيا على استخدام الذخائر عالية الدقة التي يوفرها الغرب، والتي تعتمد على هذا النظام. وأخيرا، كان من الصعب للغاية على القوات الأوكرانية أن تخترق الخطوط الدفاعية الروسية، التي تم الاستعداد لها منذ أشهر والمدعومة بحقول ألغام عميقة تمنع المناورات الآلية على الأرض.
أكثر ما تخشاه أوكرانيا
وأشارت الكاتبة إلى أن الروح المعنوية للقوات الأوكرانية، سواء في المعارك القاسية مثل معارك باخموت أو في المعارك الأخرى في جنوب وشرق البلاد، هي العامل الرئيسي الذي ميّز أول عامين تقريبا من الحرب. مع ذلك، أكثر ما يخشاه المحلّلون العسكريّون وأوكرانيا هو أن يؤدي الجمود في الحرب إلى وقف المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة وأوروبا.
أما روسيا، تقول ريدوندو فهي تواجه تحديا مماثلا لكنها تحظى بمساعدة حلفاء آخرين، وتنسب إلى المحللة ليانا فيكس توضيحا بأن “موسكو تتكبّد خسائر فادحة في الذخيرة والجنود لكنها تستطيع الاعتماد على دعم كوريا الشمالية وإيران وزادت ميزانيتها وحوّلت اقتصادها نحو الإنتاج الحربي، مما منحها ميزة في توفر الموارد”.