سقوط “إف-35”.. هل ينال من سمعة المقاتلة الأميركية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

واشنطن – بعد أن هبط بمظلة الأمان في حديقة أحد المنازل بولاية كارولينا الجنوبية، اتصل قائد طائرة “إف-35” تابعة لقوات مشاة البحرية الأميركية “المارينز” بخدمة الطوارئ الطبية (خدمة 911)، طالبا سيارة إسعاف لنقله للمستشفى.

وفي تسجيل صوتي نُشر للمكالمة، قال الطيار إنه “غير متأكد” من مكان طائرته التي تبلغ قيمتها 160 مليون دولار.

وفور الإعلان عن سقوط المقاتلة، أوقفت البحرية الأميركية كل رحلات الطائرات المقاتلة لمدة يومين. وليس من الواضح حتى الآن كيف ولماذا استمرت المقاتلة في الطيران بعد هبوط قائدها.

وقال بيان لسلاح مشاة البحرية إن برنامج التحكم في الطيران ربما ساعدها على البقاء في الجو ومستوية لفترة طويلة بدون الطيار، مضيفا أن “هذه التكنولوجيا مصممة لإنقاذ طيارينا إذا كانوا عاجزين أو فقدوا الوعي”.

هل رأى أحدكم الطائرة؟

المثير للدهشة، والذي استدعى الكثير من الأسئلة، تعلق بعدم العثور على حطام الطائرة لأكثر من 24 ساعة بعد سقوطها. وطلبت السلطات الأميركية من المواطنين في هذه المنطقة بإبلاغ السلطات حال عثورهم على الطائرة المفقودة.

واعتبر مراقبون أن عملية البحث تعقدت بسبب قدرات الطائرة المضادة للرادار والتكنولوجيا، والتي تمسح نظام اتصالات الطائرة إذا قفز منها الطيار، والخوف من أن تقع في أيدي الأعداء.

ووجد حطام الطائرة في مقاطعة ويليامزبرغ الريفية في منطقة غابات تبعد حولي 97 كيلومترا من موقع سقوط الطيار، ويجري البنتاغون حاليا تحقيقا لمعرفة تفاصيل وأسباب ما جرى.

مميزات وقدرات

وفقا لموقع شركة “لوكهيد مارتن” المنتجة للطائرة، تُعد هذه الطائرة أكثر الطائرات فتكا وقابلية للبقاء في الجو في العالم.

واحتاجت الشركة إلى 10 سنوات قبل أن تخرج أول طائرة من طراز “إف-35” إلى النور، أُضيف إليها 10 سنوات أخرى، حيث بدأ الإنتاج والتطوير الموسع للطائرة بالتعاون مع حلفاء واشنطن من دول حلف الناتو، ومن ثم شرعت الولايات المتحدة بالتدريج في تسليم إنتاجها إلى تلك الدول. وتجاوزت تكلفة المشروع بأكمله التريليون دولار.

وحصل عدد من حلفاء واشنطن، منهم اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وسنغافورة وإيطاليا وبريطانيا وإسرائيل، على المئات من هذه الطائرات.

وتم تجميد طلب دولة الإمارات لشراء هذه المقاتلة بعد وصول جو بايدن للحكم عام 2021، كما خرجت تركيا من برامج التصنيع المشتركة لهذه المقاتلة، وألغت واشنطن خطط بيع المقاتلة لتركيا عقب إقدام أنقرة على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية المتقدمة من طراز “إس 400”.

وتحتوي طائرات “إف-35” على محرك طور خصيصا من أجلها، بإمكانه الوصول إلى سرعة ألفي كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تتجاوزها بسهولة طائرات أخرى لكن بدون أن تمتلك قدرة “إف-35” على المناورة والاختفاء بينما تحتفظ بسرعتها العالية.

وتعد قدرة المقاتلة الفائقة على التخفي والتهرب من رادار العدو أهم نقاط جاذبيتها، وهو ما يدفع لزيادة رغبة المزيد من الدول على اقتنائها. وتُخضع الحكومة الأميركية الجزء الفني المتعلق بتكنولوجيا المقطع العرضي للرادار لحراسة وسرية مشددة.

ويمكن للكاميرات الصغيرة المثبتة حول الطائرة عرض صورة فورية بزاوية 360 درجة للعالم من حولها حتى أثناء العمليات الليلية، طبقا لما تقوله شركة لوكهيد مارتن المصنعة.

تحقيق بشأن المقاتلة

وكشفت تحقيق لمكتب المسائلة الحكومية (GAO) مشكلات وعيوب ضخمة في الطائرة الأقوى في عالم اليوم، وأشار إلى أن البنتاغون لا يستطيع أن يستخدم أسطول الطائرات المقاتلة من طراز “إف-35” إلا بنسبة 55% من الوقت، حيث إن مشكلات الصيانة تُبقي الطائرة على الأرض. وتعد هذه النسبة صادمة للبنتاغون الذي استهدف استخدام هذه المقاتلات بنسبة 85% إلى 90% من الوقت.

ونُشر التقرير الصادر عن مكتب المساءلة الحكومية (هيئة رقابية مستقلة تابعة للكونغرس) بعد أيام فقط من تحطم الطائرة، بعدما أثيرت تساؤلات حول كيفية اختفائها لمدة يوم قبل تحديد موقع حطامها.

وكشف التحقيق عن عدة نتائج صادمة منها:

  • أن معظم المخصصات المالية المستقبلية ستذهب لتشغيل وصيانة وإصلاح الطائرة.
  • تواجه وزارة الدفاع مشكلات صيانة مكلفة للغاية لطائرة “إف-35”.
  • هناك تأخير في إنشاء مستودعات الخدمة والمرافق لإكمال الإصلاحات الأكثر تعقيدا.
  • عدم كفاية المعدات للحفاظ على تشغيل الطائرات.
  • تأخيرات الصيانة والإمداد التي تؤثر على جاهزية الطائرات.

ولهذه الأسباب، يعتزم البنتاغون نقل المزيد من مسؤوليات الصيانة من الشركات المتعاقدة والمقاولين إلى الحكومة التي ليس لديها أي خطة لتحقيق هذا الهدف.

ورغم الحادثة وتقرير مكتب المساءلة الحكومية، من المتوقع أن تستمر حصة “إف-35” من أسطول الطيران العسكري الأميركي في النمو.

ويمتلك الجيش الأميركي حاليا 450 طائرة من هذه المقاتلة يتم استخدامهم من قبل القوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية، ويخطط البنتاغون لشراء ما يقرب من ألفي طائرة أخرى بحلول منتصف عام 2040، بتكلفة 1.7 تريليون دولار على مدار هذه السنوات، بما في ذلك 1.3 تريليون دولار لصيانة الطائرات.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *