“زعزع استقرارهم”.. تعرّف على الشهيد “أبو شجاع” قائد كتيبة نور شمس

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

طولكرم- بعد 10 ساعات من الاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، أُعلن استشهاد محمد جابر “أبو شجاع” قائد كتيبة مخيم “نور شمس” في طولكرم شمال الضفة الغربية، بعد استهداف الجيش الإسرائيلي له بشكل مباشر مع مجموعة من المقاومين الذين تحصنوا داخل أحد المنازل.

وفي عملية عسكرية وصفت بأنها “الأعنف والأوسع”، واستمرت 24 ساعة، استهدف بها جيش الاحتلال مخيم نور شمس، اقتحمت عشرات الآليات العسكرية بينها جرافات ضخمة من نوع “دي 9” المخيم مساء الخميس، وشرعت بعمليات تجريف واسعة في شوارعه وبنيته التحتية، وأحدثت دمارا بمنازل المواطنين.

وما إن توغلت آليات الاحتلال في المخيم حتى انتشرت قواته بشكل كثيف فيه، واعتلى جنود القناصة منازل المواطنين في الأحياء المحيطة، ومنعوا الدخول والخروج لا سيما مركبات الإسعاف.

وفي هذه الأثناء اشتبك مقاومون من المخيم مع جنود الاحتلال بشكل مباشر، ولجؤوا إلى تفجير عدة عبوات ناسفة محلية الصنع، فيما ارتقى أحد الشبان من عائلة غنام شهيدا برصاص القناصة، وهو الثالث لعائلته بعد أن قتل الاحتلال شقيقيْه قبل 5 أشهر.

كما أُعلن عن استشهاد 3 مقاومين آخرين، أحدهم محمود العماد وهو ابن عم قائد الكتيبة، بعد أن حاصرهم جنود الاحتلال وأطلقوا قذائف الأنيرجا وقذائف صاروخية من طائرة مسيَّرة باتجاه المنزل الذي تحصن فيه المقاومون، إضافة لوابل كثيف من الرصاص الحي، واحتجز الاحتلال جثامينهم وجثمان أبو شجاع وفق ما أكد والده، فيما استشهد طفل في مخيم طولكرم القريب من مخيم نور شمس.

الهدف الكتيبة ورأسها

وصف الناشط في لجنة الخدمات بمخيم “نور شمس” إبراهيم النمر، اقتحام المخيم الأخير بأنه “الأوسع والأشد عنفا من بين 22 اقتحاما سابقا للمخيم خلال العامين الأخيرين”، حيث تعمد الاحتلال تجريف كامل بنيته التحتية وجزء كبير من منازله.
وسجلت محافظة طولكرم خلال سلسلة اقتحامات عسكرية في العامين الأخيرين استشهاد أكثر من 40 من أبنائها، نصفهم تقريبا من مخيم نور شمس.

وقال النمر للجزيرة نت، إن جيش الاحتلال استخدم خلال توغله على الأرض عددا كبيرا من الآليات العسكرية والطائرات المسيرة لتعقب ورصد المقاومين. وقال “أراد الاحتلال من هذا الاقتحام تصفية الكتيبة وإنهاء وجودها، ولا سيما رأس الهرم فيها أبو شجاع”.

وعلى غرار كتائب المقاومة ومجموعاتها المختلفة التي انطلقت بمدن الضفة الغربية خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت مدينة طولكرم بمخيميها طولكرم ونور شمس، سباقة في تشكل مجموعات مقاومة، حيث كانت كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس أبرزها.

وذاع صيت الكتيبة بعد استشهاد المقاوم سيف أبو لبدة ابن مخيم نور شمس قبل عامين، والذي تحوَّل لأيقونة النضال في المخيم وفي المدينة ككل، وبعد استشهاده عُرفت الكتيبة بشكل أكبر باستمرارها بأعمال المقاومة، لا سيما على يد قائدها أبو شجاع، الذي أفرج عنه بُعيد استشهاد أبو لبدة.

وتميزت كتيبة طولكرم بمقاومتها خارج حدود المخيم، وبالاشتباك مباشرة مع جنود الاحتلال، وتنفيذ عمليات ضد الجنود عند نقاط التماس والحواجز العسكرية الإسرائيلية، لا سيما القريبة من الجدار العنصري غربي مدينة طولكرم.

يقول النمر “عُرفت الحالة الوطنية في محافظة طولكرم ككل بأبي شجاع، الذي استطاع تثبيت المقاومة بها، لا سيما في مخيم نور شمس، وجنَّد مقاومين من داخل المخيم وخارجه من القرى والبلدات المحيطة”.

وكان أبو شجاع قد تحدث في مقابلة صحفية مصورة سابقة، وقال “عود الكتيبة سيشتد باستشهاد أيّ منا، ويزيدنا ذلك قوة وإصرارا وسنستمر”.

زعزع استقرارهم

ينتمي “أبو شجاع” محمد سامر جابر، لعائلة تهجّرت من مدينة حيفا في نكبة عام 1948، واستقرت بمخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، وهو الابن الأوسط بين 5 أشقاء، وبلغ من العمر 26 عاما، ونشأ وترعرع في المخيم وتعلم في مدارسه، لكنه لم يكمل دارسته لظروف قاهرة.

تعرض “أبو شجاع” لاعتقاله الأول في سجون الاحتلال الإسرائيلي باكرا وهو ابن 17 عاما، وأتبعه الاحتلال باعتقالين آخرين، قضى بموجبها نحو 5 سنوات في سجون الاحتلال، إلى جانب تعرضه للاعتقال مرتين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية أيضا.

وسبق أن استهدف الاحتلال شقيقيه، الأكبر عدي، بعدة اعتقالات، وأفرج عنه قبل شهرين، بينما لا يزال أحمد شقيقه الأصغر معتقلا في سجون الاحتلال منذ عامين، لكنه فقد شقيقه الآخر محمود شهيدا قبل 4 أشهر خلال اقتحام الاحتلال لمخيم نور شمس.

ويقول سامر جابر، والد الشهيد للجزيرة نت “أبو شجاع تأثر كثيرا باستشهاد شقيقه محمود، لكن ذلك لم يحد من مقاومته، وكان يقول لي دوما: ارفع رأسك بأبنائك”.

وتحت ضغط الاقتحامات والتوغلات الكثيرة لمخيم نور شمس، رفض أبو شجاع والمقاومون تسليم أنفسهم أكثر من مرة، وظل مطاردا لعامين، دهم خلالها جنود الاحتلال منزل عائلته مرات عدة وقام بتخريبه.

وقبل 5 أشهر فجّر الاحتلال منزل عائلته بشكل كامل، وقام بتشريدها بعد أن كانت تنزح إلى منازل الجيران والأقارب في المخيم مع كل اقتحام.

ووصف الإعلام العبري أبو شجاع بأنه كان من كبار المطلوبين لإسرائيل، وأنه “شخص زعزع الاستقرار بشمال الضفة الغربية”، رغم أنه تربى ببيت بسيط، إلا إن شخصيته وقدراته ميزته، وجعلت منه “رمزا وقياديا” بحسب وصفهم.

ويقول والد الشهيد “أبو شجاع” إنه وفي الدقائق الأخيرة قبيل اقتحام قوات الاحتلال للمخيم يوم أمس الخميس، كان في قمة حيويته وفرحته و”كأنه يودع الدنيا”، حتى إنه ابتاع ورفاقًه المقاومين بعض الحلويات المثلجة، وعند اقتحام الجنود للمخيم طلب من والده المغادرة، وحياه ملقيا عليه السلام والوداع الأخير.

وبمجرد استشهاد “أبو شجاع” ورفاقه المقاومين، نعتهم مساجد طولكرم ومدن أخرى بالضفة الغربية لا سيما جنين ونابلس، ودعت للإضراب الشامل الجمعة والسبت.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *