أفاد مقال نشره موقع “كاونتر بنش” الإلكتروني الأميركي أن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا ينبغي لها أن ينظر إليها على أنها عمل مفاجئ؛ ذلك لأن الحشد العسكري الإسرائيلي الضخم في غلاف غزة كان الغرض منه ضمان إحكام الحصار على قطاع غزة وإخضاعه.
وبالرغم من أن إسرائيل تحتل المرتبة 17 في مؤشر التصنيف السنوي للقوة العسكرية “غلوبال فاير” (Global Firepower)، -وهو منصة أميركية متخصصة في رصد القوى العسكرية في العالم- وتمتلك تقنيات عسكرية متقدمة من المفترض أن تحول دون وقوع هجمات مفاجئة، فإن الإخفاق في توقع هجوم حماس كان ذريعا ومتعدد المستويات، حسب وصف المقال الذي كتبه الصحفي الفلسطيني رمزي بارود.
وفي أعقاب “طوفان الأقصى” وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه في وضع “محرج” وفي مواجهة تحدٍ غير مسبوق يضطره إلى الرد. وبدلا من أن يجد مخرجا بتحمل المسؤولية وتوحيد شعبه، أو الإقرار بأن الحرب ليست هي الحل أبدا في مواجهة شعب “مقاوم ومضطهد”، واصل عناده.
زاد البلة طين
وزاد رئيس الحكومة الإسرائيلية، المحاط بوزراء متطرفين، الطين بلة بانتهاز فرصة الحرب لتنفيذ خططه المتوقفة منذ فترة طويلة لممارسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين، ليس في قطاع غزة وحدها، بل في الضفة الغربية أيضا، على حد قول بارود، وأضاف”ولولا صمود الشعب الفلسطيني ورفض مصر والأردن القوي، لكانت النكبة الثانية أمرا واقعا”.
ويقول بارود إن ذلك “الهجوم المنفرد” أثبت بالفعل أنه نقطة تحول ستغيّر قواعد اللعبة في العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإن تأثيره سيظل محسوسا لسنوات عديدة، إن لم يكن لأجيال قادمة.
ويضيف أن نتنياهو في موقف صعب حتى قبل وقوع عملية طوفان الأقصى، “فلا يلومن إلا نفسه”، مشيرا أنه عانى لتحصين موقعه على رأس هرم النظام السياسي الإسرائيلي بمساعدة الحكومة “الأكثر تطرفا على الإطلاق، في دولة يُعدّ وجودها في حد ذاته نتاجا لأيديولوجية متطرفة”.
وحتى الاحتجاجات الشعبية المناوئة له التي عمّت أرجاء إسرائيل لأشهر عدة قبل الحرب على غزة، لم تُنذره –حسب بارود- بأن وضعه سيزداد صعوبة، وأن الفلسطينيين الذين يرزحون تحت نير احتلال وحصار عسكري دائم، ربما سيجدون في أزمات إسرائيل السياسية والعسكرية فرصة.
هجرة طوعية
ويمضي الكاتب إلى القول إن السياسيين الإسرائيليين كافة، على اختلاف أطيافهم الأيديولوجية والسياسية، تفوق بعضهم على بعض في نبرة خطاباتهم التي اتسمت بالعنصرية، والعنف، وحتى التحريض على الإبادة الجماعية. بل إن وزير التراث عميخاي إلياهو اقترح “إسقاط قنبلة نووية على غزة”.
ولا يزال الزعيم الإسرائيلي يتحدث عن “الهجرة الطوعية”، وعن رغبته في إدارة غزة وفلسطين، وإعادة تشكيل الشرق الأوسط بطرق تتفق مع أوهامه الخاصة بالعظمة والقوة، على حد تعبير المقال.
وانتقد الكاتب موقف واشنطن، قائلا إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أدّت دور “المشجع الرئيس والشريك الصريح” لإسرائيل، بدلا من إنقاذها من نفسها بتذكير حكومتها بأن حرب الإبادة الجماعية على غزة تنذر بشرّ على تل أبيب كذلك.
ولقد علَّمتنا 100 يوم من الحرب على غزة –والكلام لكاتب المقال- أن القوة النارية المتفوقة لم تعُد تؤثر في النتائج عندما يتخذ شعب القرار الجماعي بالمقاومة.
“كما علّمتنا -كذلك- أن الولايات المتحدة لم تعُد قادرة على إعادة ترتيب الشرق الأوسط بما يتناسب مع الأولويات الإسرائيلية، وأن الدول الصغيرة نسبيا في الجنوب العالمي، عندما تتوحد، قادرة على تغيير مسار التاريخ”.
وختم مقاله بتأكيد أن التاريخ كتب بالفعل أن “همة” الشعب الفلسطيني انتصرت على “آلة الموت” الإسرائيلية.