قال موقع ديلي بيست إن توماس فريدمان، كاتب العمود الحائز على جائزة بوليتزر، يشجع صراعا دمويا في الشرق الأوسط باستخدام استعارات بذيئة تشبه المسلمين بالحشرات والطفيليات، ووصفه بأنه محب للحرب المبررة منها أو السيئة.
وأوضح الموقع -في عمود الكاتب بن برجيس- أن فريدمان كان المشجع الأكثر حماسا في صحيفة نيويورك تايمز لحروب جورج بوش الابن في العراق وأفغانستان، حتى ساءت سمعته بسبب دعواته الدائمة إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى “6 أشهر أخرى” لتغيير مسار الحرب وتحقيق “نتيجة لائقة” حتى سميت فترة الأشهر الستة “وحدة فريدمان”.
وقال الكاتب إنه –لمعرفته بسجل فريدمان- ما كان ينبغي له أن يتفاجأ بمساهمته الأخيرة في جعل الخطاب الأميركي حول السياسة الخارجية أكثر تعطشا للدماء وأكثر سذاجة، ولكنه مع ذلك تفاجأ.
اليساريع وبيض الدبابير
وهكذا كتب فريدمان في إحدى الصحف المرموقة في العالم أنه “يفضل التفكير” في تعقيدات الحرب والسياسة في الشرق الأوسط، واستطرد قائلا “بحسب مجلة ساينس ديلي، يقوم الدبور بحقن بيضه في يسروع حي، لتقوم يرقات الدبور الصغيرة وببطء بالتهام اليسروع (المرحلة الثانية اليرقية من مراحل نمو الحشرات) من الداخل إلى الخارج لينفجر بمجرد أن تشبع تلك اليرقات”.
وتساءل فريدمان بعد سرد هذه الحقيقة العلمية، هل هناك وصف أفضل للبنان واليمن وسوريا والعراق اليوم من كونها هي اليساريع، والحرس الثوري الإسلامي هو الدبور، حيت إن الحوثيين وحزب الله وحماس وكتائب حزب الله هي البيض الذي يفقس داخل المضيف، ويأكله من الداخل إلى الخارج؟ معلقا “ليست لدينا إستراتيجية مضادة تقتل الدبور بأمان وكفاءة دون إشعال النار في الغابة بأكملها”.
وفي المقابل، تخيل الكاتب الذي رأى التشبيه بالغ البشاعة “لو أن صحيفة واسعة الانتشار كتبت مقالة افتتاحية تقارن الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بالنمل الأبيض على سبيل المثال، وتقول إن الصعوبة التي تواجهها إيران وحماس هي أنهم يحاولون معرفة كيفية قتل النمل الأبيض (بأمان وكفاءة) دون تفجير المنزل بأكمله، فهل سيكون هذا أسوأ مما كتبه فريدمان بالفعل؟”.
ووصف الكاتب خطاب فريدمان بأنه ليس أسوأ في هذه الحالة الافتراضية منه في سياق العالم الحقيقي، لأنه يعود إلى هذا النوع من الاستعارات اللاإنسانية الاستعمارية، في وقت تسببت فيه إسرائيل بنزوح 1.9 مليون من سكان غزة، وأصدرت ضدها محكمة العدل الدولية حكما مؤقتا توصل إلى وجود خطر “حقيقي ووشيك” بحدوث “إبادة جماعية”.
وفي مثل الظروف القاسية التي تعيشها غزة واحتمال “الإبادة الجماعية” الذي أشارت إليه المحكمة الدولية، يشبه فريدمان الولايات المتحدة وإسرائيل بالأشخاص الذين يواجهون معضلة حزينة حول كيفية قتل “الدبور وبيضه” بما في ذلك “البيضة” حماس في غزة، دون حرق المنطقة بأكملها.
مواجهة إيران بعدوانية
ومع أن فريدمان -كما يقول الكاتب- ليس من محبي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويراه متطرفا للغاية، ومع أنه مناصر لحل الدولتين عندما ينتهي كل هذا، فإنه لا يدعو إسرائيل إلى الموافقة على وقف طويل الأمد لإطلاق النار، ولا يرى أن تتراجع الولايات المتحدة بشكل حاسم عن حرب إقليمية أوسع على شفا الاندلاع.
وفي مقالته الأخيرة في نيويورك تايمز قبل تفكيره حول الشرق الأوسط باعتباره غابة مليئة بالدبابير، قال فريدمان إن المشكلة في مواقف نتنياهو أنه يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لواشنطن.
ودعا الولايات المتحدة إلى أن تجمع “حلف شمال الأطلسي (الناتو) والحلفاء العرب والمسلمين الذين تحتاجهم لمواجهة إيران بطريقة أكثر عدوانية” آملا ألا يتحول هذا العمل “الأكثر عدوانية” إلى حرب شاملة.
ولأن طهران في وضع أقوى بكثير مما كانت عليه طالبان أو العراق عندما شن جورج بوش الابن حروبه أوائل القرن الـ21، فإن هذه الحرب ستكون أسوأ بكثير، وبالتالي إذا فرضت الولايات المتحدة إرادتها في “غابة” الشرق الأوسط و”واجهت إيران بطريقة أكثر عدوانية” فكم من الفظائع ستلحقه “وحدات فريدمان” بالناس العاديين الذين يحاولون أن يعيشوا حياتهم في تلك “الغابة”؟
هذا ما قد يتعين على حامل جائزة بوليتزر التوقف للتفكير فيه إذا سمح لنفسه أن يتذكر أن سكان البلدان التي تشن فيها الولايات المتحدة وإسرائيل حربا، هم بشر وليسوا يساريع تستضيف بيض الدبابير الطفيلية.