مع استمرار المجازر التي يقترفها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، والضغوط التي يمارسها الرأي العام العربي والعالمي، يرجح محللون وخبراء أن يتغير الموقف الأميركي باتجاه الضغط على إسرائيل لحملها على وقف عدوانها، لكنهم أكدوا أن ذلك يرتبط بحسابات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي يسعى للانتقام من أهل غزة بكل الطرق.
وفي هذا السياق، أشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خليل العناني، إلى إمكانية حدوث تحول في الموقف الأميركي بسبب الانعكاسات الداخلية على خلفية تكلفة ما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق المدنيين في قطاع غزة، ووجود انقسامات داخل الحزب الديمقراطي الحاكم، وهو ما قد يؤثر على حظوظ الرئيس الحالي جو بايدن في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.
ورجح العناني -في حديثه ضمن الوقفة التحليلية “غزة.. ماذا بعد؟” التي تبث يوميا على قناة الجزيرة- أن تكون زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل مرتبطة بمنح هذا الحليف وهو ما اعتبرها فرصة أخيرة لإمكانية الخروج من الأزمة التي يتخبط فيها خاصة في ظل عجز جيش الاحتلال على تحقيق إنجاز على الأرض.
ومن وجهة نظر نفس المتحدث، فإن ضغط الشارع العربي قد يؤثر على موقف حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، مشيرا إلى مصر والأردن اللتين ترتبطان بعلاقات مع إسرائيل، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ضغط ما باتجاه وقف المجازر التي ترتكب بحق أهل غزة.
غير أن العناني أشار إلى الإستراتيجية الأميركية التي تقضي بتقديم كافة أنواع الدعم لإسرائيل وعدم الحديث عن وقف إطلاق النار بغزة، ورغبتها في عدم اتساع نطاق الحرب في الإقليم، يضاف إليها الوحشية التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين بهدف الانتقام ومحاولة تحقيق مخططه بتهجيرهم خارج وطنهم.
ومن جهته، تحدث مسؤول الفريق الطبي النرويجي لقطاع غزة، الدكتور مادس غلبرت عن وجود ضغط دولي كبير يمارس على الإدارة الأميركية لتغيير موقفها، منوّها إلى أن الأميركيين الذين يتواصل معهم عبّروا له عن استيائهم الكبير من عواقب الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل. وتوقع أن تنظم لاحقا مظاهرات كبيرة في واشطن للتنديد بالمجازر التي ترتكب بحق المدنيين في غزة.
واعتبر غلبرت أن هجمات الاحتلال على سيارات الإسعاف والمستشفيات في غزة ستزيد الضغوط على واشنطن من قبل الرأي العام.
تصدع إسرائيلي
ومن وجهة نظر الخبير بالشؤن الإسرائيلية، مهند مصطفى، فإنه بدون ضغط عملي واضح ستستمر إسرائيل في عدوانها الوحشي على غزة في محاولة منها لاستعادة هيبتها التي فقدتها بسبب معركة طوفان الأقصى.
ورجح إمكانية أن يتغير الموقف الإسرائيلي في حال تزايدت الضغوط الداخلية بسبب الخسائر الكبيرة التي يتلقاها جيشهم على يد المقاومة الفلسطينية في غزة، وبسبب عدم ثقة الإسرائيليين بحكومة نتنياهو وشكوكهم في إمكانية تحقيق أهدافها من الحرب التي شنتها على قطاع غزة.
وأشار إلى أن الرأي العام الإسرائيلي يدعم حتى اللحظة الحرب على غزة، لكنه قد يتصدع كلما زادت الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي.
ومن جهة أخرى، اتهم مسؤول الفريق الطبي النرويجي الاحتلال الإسرائيلي باستهداف سيارات الإسعاف بشكل متكرر، مؤكدا أن ذلك حدث عام 2009 ويتكرر الآن في الحرب التي يشنها على القطاع.
وكشف أن ما حدث اليوم هو أن قافلة من سيارات الإسعاف غادرت باتجاه معبر رفح وكانت تحمل الإشارات الدولية، الهلال الأحمر والصليب الأحمر، وعند مغادرتها أطلق الاحتلال صواريخه عليها، مما أدى إلى إصابة أحد السائقين بجروح بليغة، وعندما عادت هذه السيارات لمستشفى الشفاء وعند باب المستشفى استهدفت مرة أخرى، مما نتج عنه شهداء وجرحى.