حوار مثير لميركل مع صنداي تايمز: وبّخت نفسي على مصافحة ترامب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

أجرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية مقابلة مع المستشارة السابقة لألمانيا أنجيلا ميركل تحدثت خلالها عن نشأتها، وحياتها السياسية، وزواجها، والانتخابات الرئاسية الأميركية، وقرارها باستقبال اللاجئين السوريين. كما تناولت المقابلة مذكراتها التي صدرت في كتاب بعنوان “الحرية”، وخوفها من الكلاب، وقضايا أخرى.

ووصفت ديكا آيتكينهيد كبيرة المحاورين بالصحيفة، ميركل بأنها قصيرة القامة في الـ70 من عمرها، ولا يبدو عليها أعراض التقدم في السن، أو أي انطباع بالغرور. ورغم أنها تتحدث الإنجليزية بطلاقة، فإنها طلبت الاستعانة بمترجمة للمقابلة عملت معها من قبل.

اقرأ أيضا

list of 2 items

list 1 of 2

لوباريزيان: نقاش متوتر حول غزة بين رئيسي وزراء فرنسيين سابقين

list 2 of 2

تايمز: رفض الحريديم التجنيد ينذر بإحداث شرخ في الحكومة الإسرائيلية

end of list

وأوضحت أن ميركل اختارت توقيت رحيلها عن المسرح العالمي بدقة شديدة. فبعد 16 عاما من توليها منصب المستشارة على مدى 4 ولايات متتالية، قالت: “هذا يكفي”. وأضافت أن التوقيت “شيء مهم للغاية في السياسة. عليك أن تختار لحظتك، فهي التي تصنع الفارق بين النجاح والفشل”.

أزمة اللاجئين السوريين

في عام 2005، تفوقت ميركل -التي كانت زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي– على جميع منافسيها الذكور الأعلى صوتا و”الأكثر صخبا” لتصبح أول مستشارة لألمانيا. وفي عهدها، ازدهر الاقتصاد، وشاركت في قيادة الجهود الدولية للتعامل مع الأزمة المصرفية العالمية بين عامي 2007-2009.

كما فتحت حدود ألمانيا أمام اللاجئين السوريين خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في بلادهم. وعملت وسيطا بين الغرب وروسيا بعد أن ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شبه جزيرة القرم في عام 2014.

وجاءت بداية النهاية في أغسطس/آب 2015، مع أزمة اللاجئين السوريين. وأمام دهشة العالم، تخلت المستشارة عن استفتاء شعبها واستشارة الحلفاء للوصول إلى إجماع قبل إعلان سياستها التي اعتادت عليها طوال حياتها، وفتحت حدود ألمانيا أمام مليون لاجئ من الشرق الأوسط.

ويقال إن السياسي الأميركي المخضرم هنري كيسنجر حذرها من أن “السماح بدخول مليون غريب يعني تعريض الحضارة الألمانية للخطر”. فأجابت “لم يكن لدي خيار آخر”، ولم تندم على القرار إذ قالت “شعرت أن قيمنا وُضعت على المحك”.

أقوى امرأة

وذكرت المحاوِرة أن لقبي الزعيمة غير الرسمية لأوروبا وأقوى امرأة في العالم لم ينبعا من فراغ. وعندما استقالت في عام 2021، اعتُبرت مسيرتها السياسية الأكثر نجاحا في العصر الحديث.

وتطرق الحوار إلى مذكراتها “الحرية”، التي تقع في أكثر من 700 صفحة لم تُبدِ في جلها أي ندم. وعن ذلك تقول: “لقد بذلت كل ما في وسعي من قدرات ما رأيته مهما بالنسبة لي”.

لقد كانت ميركل مستشارة لألمانيا الموحدة لفترة طويلة لدرجة أنه من السهل نسيان السنوات الـ35 الأولى من حياتها عندما كانت تعيش خلف الستار الحديدي في ألمانيا الشرقية. تقول ميركل نفسها إن الأهمية الكاملة لهذا النصف من حياتها لم تدركها حتى بدأت تكتب مذكراتها.

وتضيف: “في عام 1989، عندما سقط الجدار، انخرطت على الفور في العمل السياسي وبدأت للتو في القيام بالعديد من الأشياء ولم يكن لدي وقت على الإطلاق للتفكير في حياتي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشرقية)”.

ألمانيا الشرقية

“ومن خلال عملية الكتابة كان عليّ أن أفكر مليا كيف كانت شخصيتي خلال فترة الاستبداد” في ألمانيا الشرقية، مشيرة إلى أنها لم تكن من أولئك الذين كانوا يتبعون حقا خط الدولة الاشتراكية.

وتعود المحاوِرة آيتكينهيد إلى الوراء، وتحديدا إلى مولد أنجيلا كاسنر -وهو اسمها الأصلي- في مدينة هامبورغ عام 1954 في ألمانيا الغربية. وبعد 6 أسابيع من ولادتها، انتقلت العائلة إلى ألمانيا الشرقية الدولة التي لم تكن قد تجاوزت 5 سنوات من تأسيسها في ذلك الوقت.

تقول ميركل إنها تعلمت من والديها توخي الحذر والكتمان. “كانت الحياة في ألمانيا الشرقية محفوفة دوما بالمخاطر. فقد تستيقظ في الصباح دون أن تلقي بالا لما يدور في العالم. ولكن إذا تجاوزت حدودك السياسية يمكن أن يتغير كل شيء في ثوان، مما يعرض وجودك كله للخطر”، هكذا تتذكر ميركل سنواتها الأولى.

وعندما شيد حائط برلين في عام 1961 تغيرت الحياة في أسرة ميركل بشكل كبير، إذ لم تستطع تبادل الزيارات مع الشطر الغربي، وحتى المحادثات الهاتفية مع أصدقاء المدرسة كانت تتم بحذر، خوفا من أن ينصت عليها جهاز الأمن الداخلي (ستازي).

وزيرة المرأة والشباب

وعند تخرجها في عام 1978، التحقت بقسم كيمياء الكم في أكاديمية العلوم في برلين الشرقية، حيث حصلت على درجة الدكتوراه، وكانت لا تزال تعمل هناك عندما سقط حائط برلين في عام 1989. وبحلول نهاية ذلك العام، انضمت إلى حزب جديد صغير، اسمه حزب الصحوة الديمقراطية، وأصبحت سياسية متفرغة. وفي غضون أشهر، اندمج حزبها مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي كان يرأس فرعه في ألمانيا الغربية المستشار هيلموت كول.

وبعد إعادة توحيد ألمانيا، عينها كول وزيرة لشؤون المرأة والشباب في حكومته الجديدة.

ووفقا لميركل، فإن إجبارها على تعلم اللغة الروسية في طفولتها بألمانيا الشرقية، كان مفيدا في إقامة علاقة عملية مع بوتين، الذي كان يعلم جيدا أنها كانت تخاف من الكلاب حتى الموت، لكن ذلك لم يمنعه من إحضار كلبته السوداء إلى اجتماعهما في منتجع سوتشي الروسي عام 2007.

وكتبت في مذكراتها تقول: “كان بإمكاني أن أعرف من تعابير وجه بوتين، أنه كان مستمتعا بالموقف”.

ولطالما كانت ميركل تستهجن الاستعراض السياسي أو الغوغائية السياسية، حتى إنها كانت حذرة من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في البداية، ولم تكن تثق في أسلوبه الخطابي، حيث كانت ترى أن خطاباته “مملة جدا”.

وقد تزوجت مرتين، الأولى من زميلها في قسم الفيزياء بالجامعة أولريش ميركل، الذي تزوجته عندما كانت في الـ23 من عمرها.

أما زوجها الثاني فهو يواكيم سوير (75 عاما)، الذي التقت به عندما كانت في الـ30 من عمرها وكانت مطلقة بالفعل. ومع ذلك، لم ينتقلا للإقامة في المقر الرسمي المخصص للمستشارة في برلين. ولا يزال الزوجان يعيشان حتى يومنا هذا في شقتهما المتواضعة ذات الإيجار المحدود في برلين الشرقية.

أنا وترامب

وتفيد المحاوِرة أن أي شخص يرغب في معرفة تفاصيل عن حياة ميركل الخاصة من مذكراتها، سيخيب أمله.

ولعل المفارقة، أن ميركل ليس لديها أي حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، ولم تظهر كلمة “وسائل التواصل الاجتماعي” ولو مرة واحدة في مذكراتها.

وعندما سألتها المحاوِرة عن الملياردير الأميركي وقطب التكنولوجيا إيلون ماسك، أجابت بالقول: “من الأهمية بمكان أن تحافظ الدولة والسياسة على السيادة والسلطة على الخيارات التي توفرها الاتصالات”. وأردفت قائلة “علينا أن نتعلم الكثير عن هذا الأمر، فالتطورات التكنولوجية سريعة للغاية”.

وتشير آيتكينهيد إلى أن أحدا لن يندهش عندما يقرأ قولها في الكتاب، قبيل الانتخابات الأميركية: “أتمنى من كل قلبي أن تهزم (مرشحة الحزب الديمقراطي) كامالا هاريس منافسها (الجمهوري دونالد ترامب)”. لكنها علقت على النتيجة -في المقابلة- بابتسامة باردة: “نتيجة الانتخابات كانت واضحة. وهذه هي الديمقراطية”.

وتذكرت في المقالة أنها وبخت نفسها لأنها دفعت ترامب لمصافحتها أمام الكاميرات عندما التقيا في عام 2017، وأدركت بعد فوات الأوان أن “وقاحته كانت متعمدة”. واستنتجت من زيارتها لواشنطن أنه “لا يمكن أن يكون هناك عمل تعاوني في عالم متواصل مع ترامب”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *