قال الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي إن أمام تل أبيب مخرجا واحدا -ولن تختاره- رغم أنه الطريقة الوحيدة لتجنب السقوط في الهاوية التي تقف على حافتها الآن، وهو أن تقول نعم للحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الماضي.
هكذا يجب أن تتصرف الدولة التي تحكمها القوانين -كما يرى الكاتب- وهذه هي الطريقة التي ينبغي لدولة تطمح إلى أن تصبح عضوا شرعيا في أسرة الأمم المتحدة أن تتصرف بها، وكان على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يعد بذلك، لتبقى أبواب الجحيم التي توشك أن تفتح على إسرائيل، مغلقة ولو لفترة وجيزة.
إن قول نعم للمحكمة، حسب ما يراه ليفي في تعليق له بصحيفة هآرتس، لن ينقذ إسرائيل من إراقة المزيد من الدماء دون طائل فحسب، بل سيوقف كرة الثلج الدولية التي تتدحرج نحوها، وسيكون إنهاء القتال في رفح والحرب برمتها، فرصة إسرائيل الأخيرة لاستعادة مكانتها الدولية قبل الحرب.
وإذا قررت إسرائيل تجاهل الأمر -وهو أمر شبه مؤكد حسب الكاتب- فإنها بذلك تعلن نفسها دولة منبوذة، ومع ذلك ستبحث عن طرق لتجاهل الأمر وتجنيد واشنطن لتقويض القانون الدولي.
أما الآن ونحن على بعد خطوة من الهاوية -كما يرى جدعون ليفي- فهناك إجراءان عاجلان يتعين على إسرائيل اتخاذهما، إنهاء الحرب وتغيير حكومتها، وهذا بالضبط ما أمرت به أكبر محكمتين في العالم، عندما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال دولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وأمرت محكمة العدل الدولية بوقف القتال في رفح.
بيد أن إسرائيل منذ الانسحاب “المتسرع” من سيناء عام 1956، لم تذعن قط لإرادة المجتمع الدولي، وكأن العالم وقراراته لا علاقة لها بها، ولأنها منيعة ومحمية من قبل أميركا والكتاب المقدس ومركز أبحاث نووي في ديمونا، تتصرف تل أبيب دائما كما لو كان لديها ترخيص للسخرية من العالم كله، ولكن ذلك انتهى في اليوم الذي غزت فيه غزة بهذه الطريقة الوحشية التي لا رادع لها، كما يرى الكاتب.
ولتأكيد ذلك -يقول ليفي- إن رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام لم يكد ينتهي من قراءة الحكم حتى كثفت إسرائيل هجماتها على رفح، التي فر منها ما يقرب من مليون شخص إلى الشواطئ، والتي لم يبق فيها سوى مستشفى واحد يضم 8 أسرة.