طهران- عقب التقارير الغربية حول استخدام روسيا مُسيّرات إيرانية في حربها المتواصلة على أوكرانيا، كشفت طهران -لأول مرة- عن طائرة مُسيّرة هجومية جديدة تشبه إلى حد بعيد المسيّرة الروسية “لانسيت”، لكنها أحجمت في الوقت ذاته عن كشف اسمها ومواصفاتها الفنية.
وعلى النقيض من المسيّرات التي استخدمتها طهران في هجومها على إسرائيل الشهر الماضي، أو تلك التي ذاع صيتها جراء نجاعتها في إصابة أهدافها خلال الهجمات الروسية على أوكرانيا، نشرت وكالة تسنيم الإيرانية المقربة من الحرس الثوري الأحد الماضي مقطع فيديو لمسيّرة جديدة. وأكدت أنها مصممة طبقا لمواصفات “لانسيت” الروسية.
ووفقا للوكالة الإيرانية، فإن المسيّرة محلية الصنع ومصممة للتحليق فوق الأهداف ثم الانفجار، وتندرج ضمن فئة الأسلحة المتجولة ذات الاستخدام الكبير في العمليات البرية، مضيفة أنها تطلق نحو الهدف بواسطة أنظمة بصرية وحرارية، ومن خلال القيام بدوريات في السماء ترصد الهدف المطلوب ثم تدمّره.
الحرس الثوري
يكشف عن أحدث طائرة مسيرة انتحارية له
تشبه لانسيت الروسية ..كشف الحرس الثورى الايراني
عن أحدث طائرة مسيرة انتحارية له
تشبه طائرة “لانسيت” الروسية
وتندرج ضمن فئة الذخيرة المتجولة
والتي لها استخدام كبير
في القتال البري
وخاصة عمليات مكافحة الكمائن .. pic.twitter.com/j6faNNMtxP— وكالة شمس ايران (@iran_sun_news) April 28, 2024
مواصفات فنية
من ناحيته، كشف الباحث في الشؤون العسكرية محمد مهدي يزدي أن المسيّرة الإيرانية الجديدة التي أضحت بحوزة القوة البرية للحرس الثوري، “ليست الأحدث في البلاد وليست النموذج الوحيد المشابه لمسيّرتي لانسيت الروسية وهيرو الإسرائيلية”.
وأضاف أنها تتمتع بمواصفات فنية مشابهة للطرازين الروسي والإسرائيلي، بما في ذلك الطيران لمدة تقارب 60 دقيقة وعلى مدى يبلغ 40 كيلومترا كحد أقصى.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح يزدي أن هذه المسيّرة “المتسكعة” مزودة بكاميرات عالية الدقة، وموجّهة للاستخدام في مكافحة الأهداف البرية على المدى القريب، وسهلة النقل، ويمكن للمرء أن يحملها على كتفه دون عناء، مؤكدا أن وزن شحنتها التفجيرية يتراوح بين 3 و6 كيلوغرامات.
ولدى إشارته إلى توطين بلاده تكنولوجيا المسيّرات، ربط المتحدث أهمية هذه المسيّرة الصغيرة بالمهام المنوطة بها في العمليات البرية، ودقتها العالية وثمنها الرخيص مقارنة مع النماذج الأخری، ولا يستبعد تعاون طهران وموسكو في تصميمها، مستدركا أن بلاده لم تدل بمعلومات إضافية عنها.
📸🎥بالصورة والفيديو… #الحرس_الثوري يكشف عن أحدث طائرة مسيرة انتحارية له تشبه لانسيت الروسيةhttps://t.co/iR0b3pBvQp pic.twitter.com/nj7fYq1u3W
— وكالة مهر للأنباء (@mehrnewsarabic) April 28, 2024
مهمة خاصة
وبحسب الباحث، فإن وجه الشبه الكبير بين هذه الطائرة الخفيفة ومسيّرة “هيرو” الإسرائيلية يطرح كذلك فرضية صناعتها عن طريق الهندسة العكسية من النموذج الإسرائيلي الذي قد يكون وصل إيران عن طريق حلفائها في محور المقاومة.
وأوضح أن بلاده سبق أن فككت شفرات مسيّرات أميركية متطورة مثل “آر كيو- 170” بعد الاستيلاء عليها، وطوّرت نماذج مشابهة لها عبر الهندسة العكسية.
وأضاف أن هذه المسيّرة مخصصة لحرب العصابات ومكافحة الكمائن وضرب مقرات الجماعات الإرهابية والمعارضة المسلحة لا سيما في المناطق الجبلية الوعرة والأودية، مؤكدا قدرتها على تتبع العصابات المسلحة التي تتخذ من المناطق الحدودية وأراضي دول الجوار ملاذا ومنطلقا ضد الأراضي الإيرانية.
وفي حديثه عن تنفيذ بلاده خلال السنوات الماضية عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية والسورية والباكستانية ضد الجماعات التي تصنفها طهران في “قائمة الإرهاب”، يرى يزدي أن استهداف تلك الجماعات باستخدام هذه المسيّرة الدقيقة بدلا من الصواريخ قد يقلل من رد فعل الرأي العام الإقليمي وسلطات دول الجوار.
رسالة عملية
من ناحيته، يسلط الباحث في الشؤون الدفاعية والعسكرية محمد شلتوكي الضوء على القدرات الاستطلاعية للمسيّرة الإيرانية الجديدة، مؤكدا أن بلاده عانت خلال السنوات القليلة الماضية أحداثا دامية في بعض المناطق الحدودية لا سيما جنوبي شرقي إيران وشمالي غربيها، وهي تعول علی قدرات المسيّرات الصغيرة لمواجهة الانفلات الأمني.
ورأى شلتوكي -في تصريحه للجزيرة نت- أن المسيّرات الموجّهة ستطلق أيادي القوات الإيرانية في ملاحقة العناصر المسلحة واستهداف مقراتها واصطياد قادتها، علاوة على مراقبة الحدود والمشاركة في تأمينها، مؤكدا أن قدرتها على التحليق بسرعة منخفضة تمكّنها من المناورة فوق الأهداف ومراقبتها قبل الانقضاض عليها.
ورأى الباحث الإيراني أن طهران طوّرت هذه المسيّرة وأدخلتها مرحلة الإنتاج الوفير لمواجهة مخططات الأعداء الرامية إلى زعزعة الأمن عبر الجماعات المسلحة.
وباعتقاده، فإن الكشف عن المسيّرة الجديدة هو رسالة عملية إلى الجهات الراعية للجماعات المسلحة الناشطة داخل إيران أو قرب حدودها، وذلك بعد مضي فترة وجيزة علی التفجيرين الانتحاريين اللذين ضربا مدينة كرمان مطلع العام الجاري.
ورغم التعويل الإيراني على المسيّرات الصغيرة المتسكعة والمتجولة لمواجهة “العناصر الإرهابية والجماعات الخارجة على القانون”، فإن مراقبين في طهران يرون في الأسلحة الجديدة ما يقلق أطرافا خارجية من احتمالات تزويد إيران حركات المقاومة الإسلامية المتحالفة معها بنماذج منها أو نقل تكنولوجيا صناعتها إلی خارج البلاد، فضلا عن بيعها إلى بعض الدول الأخرى.