رام الله- بالتوازي مع العدوان المتواصل بالطيران الحربي على قطاع غزة، يشن الاحتلال وداعموه حربا على الإعلام والمحتوى الفلسطيني على شبكات التواصل الاجتماعي لدرجة تقييد شبه كامل للحسابات الفلسطينية.
وبينما تكشف نقابة الصحافة الفلسطينية عن انتهاكات “خطيرة ومباشرة” منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فإن مركز “صدى سوشيال” -المهتم برصد الانتهاكات على شبكات التواصل- يكشف عن آلاف البلاغات وحذف الحسابات التي وصلته.
يقول عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين عمر نزّال -للجزيرة نت- إن النقابة وثقت حتى الثلاثاء استشهاد 15 صحفيا في موجة التصعيد الأخيرة، بمن فيهم مصور وكالة رويترز في لبنان عصام عبد الله، وفقدان اثنين.
شهداء وجرحى
وأضاف نزال أن عدد الجرحى من الصحفيين تجاوز 20 حالة في غزة، بينما تعرض 40 منزلا تعود لعائلات صحفيين فلسطينيين للقصف، إضافة إلى استهداف مقرات 50 مؤسسة إعلامية.
وفي الضفة، أشار نزار إلى تسجيل عشرات الإصابات والاعتداءات المباشرة في الضفة بما فيها القدس وأراضي 48، واعتقال 4 صحفيين وإغلاق مؤسسة “جي ميديا” الإعلامية، إضافة إلى ضغط فرنسي على القمر الصناعي أوتيلسات أدى إلى حجب فضائية الأقصى.
وبالتوازي مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، تتحرك نقابة الصحفيين الفلسطينيين على المستويين العربي والدولي، في محاولة لتشكيل مواقف ضاغطة على الاحتلال وإجباره على وقف استهداف الصحفيين.
ويقول نزال إن نقابة الصحفيين شكلت خلية أزمة، وأنها ترصد الانتهاكات الإسرائيلية وتنقلها بشكل مباشر إلى الاتحاد الدولي للصحفيين والمؤسسات الحقوقية التي ترسلها بدورها للجهات المعنية بالأمم المتحدة.
وأشار إلى “تعاون جيد” من نقابة الصحفيين المصريين التي شكلت لجنة خاصة لإعادة ترويج ونشر كل ما يصدر عن نقابة الصحفيين الفلسطينيين، بما في ذلك الترجمة إلى عدة لغات.
دعم دولي
عن مواجهة حملة التضليل الإسرائيلية والتي يشارك فيها إعلام غربي ودولي، قال نزال إن الأمر تجاوز التضليل إلى ملاحقة وفصل صحفيين عبروا عن تعاطفهم مع المدنيين بقطاع غزة، كما حدث في قناة “بي بي سي” البريطانية التي أوقفت 6 من موظفيها عن العمل.
وأشار نزال إلى تأييد واسع لنقابة الصحفيين الفلسطينيين من مختلف النقابات والجهات الصحفية في العالم، بما في ذلك 600 نقابة ينتمي لها 680 ألف صحفي في أنحاء العالم “جميعها أو غالبيتها الساحقة أصدرت مواقف عبرت فيها عن رفضها لجرائم الاحتلال”.
من جهته، أفاد مركز “صدى سوشيال” -في تقرير له أول أمس ووصل الجزيرة نت نسخة منه- أن أحدث الانتهاكات من منصات شركة “ميتا” حجب روابط تُحيل القنوات الإعلامية إلى قنواتها البديلة على تليغرام.
وقال “صدى سوشيال” إن الملاحقة وصلت حد حظر استخدام مصطلح “من البحر إلى النهر” أو “from sea to river” في إشارة إلى فلسطين التاريخية، ووضعه تحت معيار “معاداة السامية” “مما يشكل محاولة خطيرة لطمس الحق الفلسطيني والرواية الفلسطينية، والانحياز العلني للرواية الصهيونية”.
ملاحقة وحذف
واستنادا لمعطيات المنصة، قال المركز إن شركة “ميتا” حذفت 795 ألف منشور على منصاتها المختلفة الأيام الثلاثة الأولى من الحرب، وأعلنت أنها حظرت عددًا من الأوسمة (الهاشتاغات) على منصة إنستغرام.
ووفق “صدى سوشيال” كان وسم #طوفان_الأقصى، وهو اسم الذي اخترته حماس للمعركة، من ضمن الأوسمة المحظورة.
وأشار المركز إلى رصد أكثر من 8 آلاف منشور تحريضي عبري (إسرائيلي) وبلغات أجنبية ضد الفلسطينيين، وصلت حد الدعوة إلى قتلهم وإبادتهم.
وتابع أن أكثر من 138 رسالة تهديد عبرية وصلت في رسائل الخاصة مستخدمين فلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية، تهدد بالقتل المباشر والملاحقة.
وعن منصة واتساب، قال “صدى سوشيال” إنها حظرت أكثر من 12 مكالمة عبر تطبيقها، وحذفت أكثر من 35 رقمًا بدعوى مخالفتهم معايير المجتمع، بعض هذه الأرقام لصحفيين ومستخدمين من قطاع غزة.
ويرى المركز في هذه الملاحقة محاولة “لطمس الرواية الفلسطينية والذاكرة الرقمية للشعوب”.
🚩منذ 7/10/2023،خلال عشرة أيام،استجابت منصات التواصل الاجتماعي مع 4450طلبًا تقدمت به النيابة العامة الإسرائيلية لإزالة المحتوى الفلسطيني،كما جاء في بيان النيابة أمس الإثنين.#أوقفوا_الإبادة_الرقمية_لفلسطين pic.twitter.com/AZrXBPRVDi
— صدى سوشال – Sada Social (@SadaSocialPs) October 17, 2023
تجاوب دون المطلوب
من جهته، قال مدير “صدى سوشيال” إياد الرفاعي للجزيرة نت إنه من أصل نحو 5200 محتوى على مختلف المنصات -طلبت إسرائيل إزالتها- تم التجاوب مع نحو 4400.
وأضاف الرفاعي أن المركز توجه ويتوجه بطلبات لتلك المنصات لمراجعة المحذوفات من جهة، وطلب حذف محتوى إسرائيلي يتضمن تحريضا على الفلسطينيين من جهة ثانية.
وتابع “مقابل تعاون شبه كامل مع الطلبات الإسرائيلية بحذف المحتوى الفلسطيني، فإنه ليس كما يجب فيما يتعلق بالمحتوى الإسرائيلي الذي نطلب إزالته”.
وبهذا الصدد، أشار الرفاعي إلى اتفاقية تعاون مع منصة “كاشف” المختصة برصد الأخبار الكاذبة، لتزويد “صدى سوشيال” بأخبار كاذبة بالإنجليزية لتقديم طلب بإزالتها.
وأشار إلى أن التضييق وتقليل الوصول بالنسبة للمحتوى الفلسطيني وصل المحتوى الإخباري “في انحياز واضح من إدارات المنصات للرواية الإسرائيلية، وهذا يعني تفرد فضاء الإنترنت بالرواية الإسرائيلية”.