ولاحظ الباحثان أن عمليات القتل التي ترتكبها إسرائيل في غزة لا تحظى بتغطية متناسبة سواء من حيث النطاق أو الوزن العاطفي، مقارنة بمقتل الإسرائيليين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويتم كذلك تقديم عمليات قتل الفلسطينيين في الأغلب كأرقام مجردة مرتفعة بشكل تعسفي. ولا يتم وصف عمليات القتل باستخدام لغة عاطفية مثل “مذبحة” أو “مروعة”.
في حين يتم تصوير عمليات قتل المدنيين الإسرائيليين على نحو ثابت كجزء من إستراتيجية حماس، في حين يتم تغطية عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين كما لو كانت سلسلة من الأخطاء التي ارتكبت لمرة واحدة، والتي ارتكبت في الواقع آلاف المرات، على الرغم من وجود أدلة عديدة تشير إلى نية إسرائيل المسبقة بإيذاء المدنيين والبنية التحتية المدنية.
هوة
وخلص الباحثان في الدراسة إلى أن الصحف الثلاث الكبرى نادرا ما راعت الأبعاد الإنسانية في تغطياتها للفلسطينيين. وعلى الرغم من هذا التناقض، تظهر استطلاعات الرأي تحولا في أوساط الديمقراطيين باتجاه مزيد من التعاطف مع الفلسطينيين والابتعاد عن إسرائيل.
هذا إلى جانب اتساع الهوة بين الأجيال، والمتأتية جزئيا من الاختلاف في مصادر المعلومات الإخبارية. إذ يحصل الشباب على معلوماتهم عن الحرب بوجه عام من “تيك توك” (TikTok) و”يوتيوب” (YouTube) و”إنستغرام” (Instagram) و”إكس” (X)، في حين يحصل الأميركيون الأكبر سنا على أخبارهم من وسائل الإعلام المطبوعة والفضائيات.
ما خلص إليه الصحفيان آدم جونسون وعثمان علي في دراستهما المنشورة في 9 يناير/كانون الثاني الجاري حول السياسات التحريرية للصحف الأميركية الرئيسية الثلاث، أكد 10 صحفيين غربيين حصوله في تغطيات “سي إن إن” (CNN) الأميركية الإخبارية ونظيرتها البريطانية “بي بي سي” (BBC). وثق هذه الاعترافات برنامج “ليسننغ بوست” (The Listening Post) الأسبوعي الذي بثته الجزيرة الإنجليزية بذكرى مرور العام الأول على حرب غزة.
وأجمع الصحفيون الذين كلفوا بتغطية الحرب على وجود معايير مزدوجة ومنهجية في القناتين، مشيرين إلى أن المحررين الكبار كانوا يتدخلون في صياغة التقارير للتقليل من شأن الفظاعات التي ترتكبها إسرائيل والتي من شأنها تعريضها للملاحقة القانونية.
وأشير في سياق الحديث إلى واقعة مرافقة نيك روبرتسون المحرر الدبلوماسي في شبكة “سي إن إن” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للمتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري إلى مستشفى الرنتيسي للأطفال بعد قصفه لعرض ما زعم أنه إثبات على استخدام حماس المستشفى لإخفاء الأسرى الإسرائيليين. وعرض هاغاري قائمة مكتوبة بالعربية مثبتة على مدخل قسم الاستقبال باعتبارها قائمة بأسماء أعضاء حماس الذين يراقبون الأسرى، وهو ما عرضه روبرتسون دون تعليق.