بطالة وفاقة.. أوضاع شمال سوريا بعد تخفيض الدعم الأممي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

شمال سوريا- يبحث زاهر العبيدو عن فرصة عمل جديدة في مجال الصحة المجتمعية ضمن المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق شمال غرب سوريا منذ أكثر من 10 سنوات.

وكان زاهر يعمل ضمن إحدى المنظمات الدولية الناشطة في المنطقة ولكنه فقد وظيفته هو وأكثر من 100 موظف آخرين بسبب توقف مشاريع برنامج الغذاء العالمي شمال سوريا.

ويعبّر -في حديثه للجزيرة نت- عن يأسه وإحباطه من حصوله على عمل جديد جراء ندرة فرص التشغيل وتخفيض المنظمات الإنسانية عدد العاملين معها إثر توقُّف مشاريعها في الشمال السوري.

ويقول العبيدو “خلال يوم وليلة انقلبت حياتي رأسا على عقب، كنت أتقاضى راتبا بـ500 دولار، ويكفيني لنهاية الشهر، وأساعد عائلة أخي الذي فَقد حياته على يد النظام السوري”.

أكثر من 100 موظف بالمنظمات الإنسانية شمال سوريا فقدوا عملهم بسبب توقف مشاريع برنامج الغذاء العالمي (الجزيرة)

تداعيات سلبية

وتسبب تخفيض برنامج الغذاء العالمي دعمه -إلى مستويات كبيرة خلال عام 2024 في شمال سوريا- في فصل المنظمات الإنسانية مئات من موظفيها، مما نجم عنه فقدان العوائل دخل أبنائهم.

كما توقفت عشرات المشاريع الإنسانية التي أثّرت بشكل مباشر على قطاعات الصحة والنظافة والتعليم، إضافة إلى تخفيض الدعم المالي المقدم للنازحين لأكثر من النصف، فيما حوّلت منظمات إنسانية الدعم المقدم بشكل شهري إلى آخر كل شهرين.

وفي هذا السياق، أكد مصدر في وكالة “الأوتشا” التابعة للأمم المتحدة -للجزيرة نت- أن البرنامج أوقف دعمه للمنظمات بسبب انخفاض التمويل، إذ إن منظمة الغذاء العالمي كانت تُدخل شهريا 260 ألف سلة لمناطق شمال غرب سوريا، إلى جانب مشاريع التعليم والمياه المقدمة من المنظمة الدولية للهجرة “آي أو إم” (IOM) والتي يستفيد منها عشرات آلاف النازحين.

وقال إن مشاريع بناء الكرفانات والصرف الصحي وترحيل القمامة -المدعومة كلها من وكالات الأمم المتحدة- بدأت بالتوقف إثر التخفيض الجديد.

وأشار المصدر ذاته إلى وجود مخاوف من تحوُّل الوضع في شمال البلاد إلى كارثي وحدوث مجاعة خلال العام الجديد إذا استمر نقص المساعدات وانسحاب المنظمات.

بدوره، أطلق فريق “منسقو استجابة سوريا” نداء مناشدة عاجلا لتغطية القطاعات الإنسانية في شمال غرب البلاد.

وقدّر الفريق حاجة القطاعات من الدعم كالآتي:

  • قطاع التعليم: 24 مليون دولار.
  • قطاع الأمن الغذائي وسُبل العيش: 32 مليون دولار.
  • قطاع الصحة والتغذية: 13 مليون دولار.
  • قطاع المأوى: 32 مليون دولار.
  • قطاع المياه والإصحاح: 18 مليون دولار.
  • قطاع الحماية: مليون دولار.
  • قطاع المواد غير الغذائية: 9 ملايين دولار.

 

 

“وضع كارثي”

وقال مصدر في الفريق -للجزيرة نت- إن الوضع الإنساني بات كارثيا. وطالب كافة المنظمات والهيئات الإنسانية بالمساهمة الفعّالة في تأمين احتياجات الشتاء للنازحين في المخيمات بشكل عام.

ودعا المصدر نفسه إلى العمل على توفير الخدمات اللازمة للفئات الأشد ضعفا، وحث المنظمات على إصلاح الأضرار السابقة في المخيمات، وشبكات الصرف الصحي، وتأمين العوازل الضرورية لمنع دخول مياه الأمطار إلى داخل الخيام، والعمل على رصف الطرقات في المخيمات والتجمعات الحديثة والقديمة بشكل عام.

ومع دخول العام الجديد، ووفق فريق الاستجابة، ارتفع سعر سلة الغذاء المعيارية الكافية لإطعام أسرة مكونة من 5 أفراد لمدة شهر واحد، إلى نحو 98 دولارا (2,793 ليرة تركية) بزيادة قدرها 147 ليرة عن شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما يستهلك 67% من راتب عامل مياومة لمدة شهر كامل، بعد ارتفاع نسب التضخم في المنطقة إلى 75.04% مقارنة بالعام الماضي.

وارتفعت نسبة المخيمات التي تعاني انعدام الأمن الغذائي إلى 88.7%، وتعاني 95.1% منها صعوبات في تأمين الخبز.

ووصل عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية إلى 4.4 ملايين مدني بزيادة قدرها 11% عن العام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة بمقدار 17.3% حتى نهاية السنة الحالية نتيجة تغيرات سعر الصرف وثبات أسعار المواد الغذائية على المستوى المرتفع، وزيادة أسعار بعض المواد الأخرى، وفق فريق الاستجابة.

تخفيض المساعدات جاء خلال فصل الشتاء القاسي(الجزيرة)
أكثر من 70% من الأسر شمال سوريا خفّضت عدد وجباتها الأساسية (الجزيرة)

“عجز هائل”

من جهته، يشكو سامر سليمان -الذي يقطن في مخيم بمنطقة رأس الحصن- من انخفاض المساعدات الإنسانية المقدمة له إلى النصف، إذ كان يتسلّم العام الماضي 104 دولارات شهريا، في حين بات يتسلم 65 دولارا هذا الشهر.

وقال سليمان، للجزيرة نت، إن العوائل كانت مقسمة لـ3 فئات، الأولى تتسلم 117 دولارا والثانية 104 دولارات والثالثة 52 دولارا، من قبل منظمة “أكتد” العاملة بريف حلب وإدلب.

وأضاف أنه، في هذا العام، خفضت المنظمة المبلغ، حيث وزعت للفئة الأولى 65 دولارا وللثانية ما بين 33 و52 دولارا، وللثالثة 25 دولارا، وهو مبلغ لا يكفي مدة يومين لأي عائلة.

وأوضح جميل سلوم -وهو عامل في المجال الإنساني- أن التخفيض الجديد دفع السكان إلى تقليل عدد الوجبات اليومية وكميات الطعام للحصول على المستلزمات الأساسية، “في خطوة جديدة نحو الهاوية وزيادة الفجوات في تمويل الاستجابة الإنسانية في سوريا”.

وأضاف أن نسبة أعداد الأسر التي خفّضت عدد الوجبات الأساسية بلغت 71.2%، في حين وصلت -ضمن المخيمات- إلى 93.8%.

وأشار سلوم إلى عجز هائل في عمليات الاستجابة الإنسانية دون أي إعلان من الأمم المتحدة عن تمويل عمليات الاستجابة الشتوية، الأمر الذي يظهر النتائج الكارثية المتوقعة على المدنيين عموما والنازحين في المخيمات بشكل خاص خلال فصل الشتاء الحالي.

يُذكر أن عشرات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في مناطق شمال غرب سوريا أوقفت عشرات المشاريع التابعة للأمم المتحدة، وخاصة التابعة لبرنامج الغذاء العالمي، مما تسبب بفقدان مئات العائلات للمدخول الوحيد للمعيشة وارتفاع مستوى البطالة لديهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *