مراكش- جهود كبيرة بذلها فريق البحث والإنقاذ القطري الدولي (التابعة لقوة الأمن الداخلي (لخويا) بقيادة الرائد خالد عبد الله الحميدي في عمليات البحث والإنقاذ بعدة مناطق دمرها زلزال إقليم الحوز، وهي جهود لقيت ترحيبا رسميا وشعبيا.
فبعد ساعات معدودة من وقوع الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، وبلغت قوته 7 درجات على سلم ريختر، وصل فريق البحث والإنقاذ القطري الدولي للمساعدة في إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض.
استجابة سريعة
وكانت قطر أول دولة عربية تصل إلى المغرب بالتزامن مع وصول الفريق الإسباني لتقديم المساعدة. وإلى جانبهما، استقبل المغرب فريقين من الإمارات وبريطانيا.
وأكد الحميدي للجزيرة نت أنه “بناء على توجيهات سامية من سيدي حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تم الإسراع بتحرك فريق البحث والإنقاذ القطري لدعم الأشقاء في المملكة المغربية، وتقديم يد العون للمتضررين”.
وتابع بأنه تم فتح قنوات اتصال مع منظمات دولية، وكذلك مع السلطات المغربية المختصة، وهيئة البحث والإنقاذ المغربية، لتحديد خطة التحرك والتجهيزات اللازمة ومتابعة آخر التحديثات على الوضع العام بالمنطقة.
وقال إنه بمجرد وصول فرقة البحث والإنقاذ القطرية الدولية -التي تضم 105 منقذين- إلى المغرب، حرص الفريق القطري على التبرع بالدم لمساعدة المصابين جراء الزلزال، ثم إنشاء خلية فرق البحث والإنقاذ العمراني الدولية (Ucc) في منطقة أمزميز بإقليم الحوز (جنوبي مراكش) لتنظيم عمليات فرق الإنقاذ الدولية في مواقع العمل والتنسيق مع السلطة المحلية.
وأضاف الرائد الحميدي بأن فريق العمل قسّم إلى مجموعتين كل واحدة تعمل في منطقة معينة، بالتعاون مع خلية تنسيق فرق البحث والإنقاذ العمراني الدولية والسلطات المغربية المختصة.
وعملت المجموعة الأولى في المناطق التي يسهل الوصول إليها والتي ضربها الزلزال بشدة، وقدمت بعد ذلك خدمات إنسانية في المنطقة، بينما عملت المجموعة الأخرى على الوصول إلى المناطق البعيدة التي لم يصلها أي فريق إنقاذ بسبب انقطاع الطرق المؤدية إليها. وكانت تقوم برحلات استطلاعية باستخدام مروحية بالتنسيق مع السلطات المغربية.
وكانت مناطق العمل في تلات نيعقوب التي دمرها الزلزال بالكامل، وكل من إمينتلا وأغبار وإغيل، وذلك إلى جانب مناطق بإقليم تارودانت جنوبا، إضافة إلى العديد من الدواوير المعلقة بالجبال.
أجهزة متطورة
وأكد الحميدي للجزيرة نت بأن الفريق القطري مجهز بأحدث الآليات ومعدات الإنقاذ، بينها أجهزة خاصة بالبحث عن العالقين تحت الأنقاض، وكاميرات حرارية، وكاميرات قادرة على التسلل بين ركام الأحجار، وأجهزة كشف الأصوات التي إمكانها تحديد مصدر أي صوت قادم من بين الركام.
وأوضح أن الفريق واجه بعض الصعوبات في الوصول لبعض المناطق المتضررة في أعلى قمم جبال الأطلس الشاهقة، حيث كان يضطر للمشي مسافة طويلة أحيانا لتعذر استخدام العربات بسبب وعورة الطريق، مبرزا أن السلطات المغربية كانت تمدهم بمروحية لكي يتمكنوا من الوصول إلى الدواوير المتضررة.
وقال أيضا إن فريق البحث والإنقاذ القطري تمكن من إنقاذ مغربية تبلغ نحو 13 عاما من عمرها، وتم تسليمها إلى السلطات الطبية المختصة، كما انتشل جثث 5 ضحايا قضوا في الزلزال العنيف.
وأشاد قائد الفريق القطري بردة فعل المغاربة في دعم جهود فريق البحث والإنقاذ القطري الدولي، وقال “عندما كانوا يروننا نعمل وسط ركام الأحجار، كانوا يتقدمون إلينا ويعرضون المساعدة، وأبدوا رغبتهم الشديدة في التعاون بشكل أثار إعجابنا”.
وعاد فريق البحث والإنقاذ القطري الدولي أمس إلى البلاد بعد أيام طويلة وشاقة من العمل في قرى ودواوير جبال الأطلس، مخلفا صدى طيبا وسط السكان.
برقية شكر
وقد بعث ملك المغرب محمد السادس ببرقية شكر إلى قائد فرقة الإنقاذ والإغاثة القطرية الدولية (الحميدي) بمناسبة المشاركة في عمليات البحث والإنقاذ إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز.
وجاء في البرقية “إنه لمن دواعي اعتزازنا أن نتقدم إليكم، باسمنا شخصيا وباسم الشعب المغربي، بصادق عبارات الشكر والامتنان على مشاركة فريقكم الشهمة والسخية إلى جانب أشقائكم المغاربة في عمليات البحث والإنقاذ إثر الزلزال المفجع الذي ضرب منطقة الحوز ببلادنا”.
وأضاف “تلكم الجهود النبيلة التي بقدر ما تجسد عمق ما تكنونه من مشاعر الأخوة الصادقة والمحبة الخالصة لبلدكم الثاني، المغرب، على المعهود في الشعب القطري الشقيق، بقدر ما تعكس مدى تشبعكم بالقيم السامية والمثلى لديننا الإسلامي والقائمة على التعاون والتكافل والتعاضد”.
التعاون العربي
وبخصوص التعاون العربي في مجال البحث والإنقاذ خلال الكوارث والأزمات، قال الحميدي للجزيرة نت إن القطري العقيد ركن مبارك شريدة الكعبي، وهو الرئيس الإقليمي الحالي للمجموعة الاستشارية الدولية لفرق البحث والإنقاذ بالشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، قدم مبادرة تنظم مجموعة عمل بين الدول الناطقة بالعربية في مجال البحث والإنقاذ، وقد تمت الموافقة عليها.
وتابع أن تلك الهيئة اجتمعت قبل نحو 3 أسابيع، وستعقد اجتماعا آخر في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث ستشارك الدول العربية في مناقشة خطة العمل لإنجاح هذه المبادرة وتطوير قدرات فرق البحث والإنقاذ بالمنطقة، وعقد اتفاقيات لضمان سرعة الاستجابة للدول المتضررة ضمن المجموعة الناطقة بالعربية، وتنسيق جهود الفرق خلال المشاركة في المهمات الدولية.
وكانت المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ، التابعة للأمم المتحدة، اختارت قطر رئيسا إقليميا لفرق البحث والإنقاذ من أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط لعام 2023، تقديرا للدور الهام الذي اضطلعت به مجموعة البحث والإنقاذ القطرية بالاستجابة السريعة لمواجهة عدد من الكوارث حول العالم.