بالأرقام.. هذه أبرز مفاجآت الانتخابات الإيرانية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

طهران بعد أن بدت حبلى بالغرائب منذ فتح أبواب الترشح، تمخضت نتائج الانتخابات التي أجريت في إيران مطلع مارس/آذار الجاري عن مفاجآت فريدة من نوعها في تاريخ البلاد؛ سواء في أعداد المتقدمين للترشح أو أعداد المرفوضة أهليتهم لخوض المعترك الانتخابي، إلى جانب مفاجآت أخرى.

لم يكن العزوف عن التصويت في انتخابات مجلسي الشورى وخبراء القيادة 2024 وتراجع نسبة المشاركة إلى 41%، وهي أدنى نسبة مشاركة منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، مفاجئا للإيرانيين؛ ذلك لأن رفض مجلس صيانة الدستور غالبية مرشحي التيار الإصلاحي والمطالب بمقاطعة المعترك الانتخابي كان يوحي بذلك.

لكن النتائج الرسمية في محافظة طهران التي يقطنها أكثر من 18 مليون نسمة كانت صادمة؛ ففي مدينة طهران المركز السياسي للدولة تراجعت نسبة المشاركة إلى 24% استحوذت الأصوات الباطلة على 5% منها، على أقل تقدير.

إنفوغراف الانتخابات الإيرانية (الجزيرة)

الأصوات الباطلة

واحتلت الأصوات الباطلة، ومنها الأوراق البيضاء والأخطاء الإملائية والأصوات التي ذهبت لأشخاص مرفوضة أهليتهم للترشح، المركز الأول أو الثاني في بعض دوائر الاقتراع، وهو ما دفع 20 دائرة انتخابية منها العاصمة طهران إلى جولة إعادة لحسم مصير 45 مقعدا متبقيا من أصل 290 في البرلمان الإيراني، وهو ما يبرهن على تأثير الأصوات الباطلة في النتائج النهائية.

فقد حصل النائب الحالي جلال رشيدي كوجي، في مدينة “مرودشت” القريبة من شيراز جنوبي البلاد، على 25 ألفا و431 صوتا، رغم رفض مجلس صيانة الدستور أهليته للترشح، في حين حصد المرشح المؤهل الأول للانتخابات التشريعية 18 ألف صوت.

أما في مدينة يزد (وسط إيران)، فقد احتلت الأصوات الباطلة المركز الثاني بفارق بسيط جدا عن الفائز بالمركز الأول من تلك المدينة.

تراجع الأصوات

وتظهر الإحصاءات الرسمية، أن الفائز الأول من العاصمة طهران حجز مقعده بالبرلمان المقبل بحصوله على 597 ألفا و770 صوتا وهي نتيجة لم تبلغ ثلث نظيرتها التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية عام 2020؛ حيث حصل حينها رئيس البرلمان الـ11 محمد باقر قاليباف على مليون و265 ألف صوت.

وبعد مضي 4 أعوام تربع خلالها قاليباف على رئاسة السلطة التشريعية، احتل السياسي المحنك المركز الرابع في الانتخابات الأخيرة بحصوله على 447 ألفا و905 أصوات؛ وهو ما يوازي أقل من ثلث الأصوات التي حصدها في الاستحقاق الذي أجرته طهران بداية جائحة كورونا التي حالت حينها دون تصويت العديد من الناخبين الإيرانيين.

ولعل أغرب ما كشفته النتائج الرسمية، جاء من دائرة “خدا آفرين وكليبر وهوراند” شمال غربي البلاد، إذ لم يتمكن أحد المرشحين من الحصول على صوت واحد، بينما حصل آخر على 3 أصوات فقط، إلى جانب مرشح ثالث حصد 7 أصوات فحسب.

صادق لاريجانيsource: reuters- Sadeq Larijani - الموسوعة
خسارة صادق لاريجاني كانت صدمة للإيرانيين الذين اعتادوا مشاهدته في أرفع مناصب السلطة (رويترز)

إخفاقات مدوية

وبينما احتفل مرشحون بحجز مقعدهم في البرلمان الـ12 بحصولهم على نحو 5 آلاف صوت فقط بينهم مرشحون من دوائر “محلات” و”نائين” و”بندر أنزلي”، أخفق سياسيون بارزون في المعترك الانتخابي؛ منهم علي مطهري رئيس قائمة “صوت الشعب” المدعومة من عدة أحزاب إصلاحية، وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد رضا باهنر، ومحمد باقر نوبخت الأمين العام لحزب “الاعتدال والتنمية” ومساعد الرئيس ورئيس منظمة التخطيط والموازنة الإيرانية في حقبة حسن روحاني.

ورغم غرابة رفض مجلس صيانة الدستور أهلية الرئيس السابق حسن روحاني ووزير الاستخبارات السابق محمود علوي للترشح إلى مجلس خبراء القيادة، فإن وجوها بارزة أخرى من الفقهاء وآيات الله لم تتمكن من حجز مقعدها في المجلس الذي يتولى انتخاب المرشد الأعلى للثورة، وخلعه عندما يعجز عن أداء واجباته.

فعلاوة على إخفاق مصطفى بور محمدي، السياسي المحافظ ووزير العدل الأسبق، في انتخابات مجلس خبراء القيادة من دائرة العاصمة طهران، شكّل نبأ خسارة آية الله “صادق آملي لاريجاني” رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، “صدمة” للإيرانيين الذين اعتادوا على مشاهدته في برامج التلفزة طوال عقود خلت؛ تارة رئيسا للسلطة القضائية وتارة أخرى فقيها في مجلس صيانة الدستور، إلى جانب مكوثه نحو 24 عاما في مجلس خبراء القيادة.

كان علوي وزيرا للاستخبارات الإيرانية لفترة 8 سنوات خلال حكومتي الرئيس السابق حسن روحاني (الصحافة الإيرانية)
علوي كان وزيرا للاستخبارات الإيرانية لفترة 8 سنوات خلال حكومتي الرئيس السابق حسن روحاني (الصحافة الإيرانية)

خبراء القيادة

ولم تقتصر ظاهرة تراجع أصوات الفائزين على الانتخابات البرلمانية، ففي انتخابات مجلس خبراء القيادة فاز آية الله علي رضا أعرافي بالمركز الأول بحصوله على 888 ألفا و618 صوتا من دائرة طهران، بينما كان الرئيس الأسبق آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني قد تربع على المركز ذاته قبل 8 أعوام بحصوله على مليونين و300 ألف و492 صوتا.

وخلافا للعديد من المدن الكبرى حيث جاءت نسبة أصوات الفائزين فيها متدنية مقارنة مع أعداد الأفراد الذين يحق لهم التصويت، فإن حصول آية الله محمد علي آل هاشم خطيب جمعة مدينة تبريز (شمال غرب) على 850 ألفا و280 صوتا كان لافتا، لأنه يساوي مجموع ما أفرزته المراكز الثانية حتى السادسة في محافظة أذربيجان الشرقية.

وحل آية الله لاريجاني في المركز الأخير بين المرشحين الخمسة في محافظة مازندران شمالي البلاد، بعد أن كان ينظر إليه في الجمهورية الإسلامية بين الأسماء المطروحة لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي البالغ من العمر 84 عاما.

وهكذا جاءت نتيجة الانتخابات الأخيرة مخيبة لآمال أسرة لاريجاني التي أمسكت بمفاصل الدولة طوال عقود، بعد رفض مجلس صيانة الدستور أهلية السياسي المحنك علي لاريجاني في رئاسيات 2021 رغم استمرار رئاسته نحو 12 عاما علی رأس السلطة التشريعية.

ويرى مراقبون في إيران أن خسارة آية الله لاريجاني تفتح الباب على مصراعيه أمام أفول النفوذ السياسي لأبناء المرجع الديني آية الله ميرزا هاشم آملي لاريجاني، وسط اتهامات وجهها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد لبعض أفرادها بالفساد.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *