عمان- ما إن بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى انطلقت في الأردن الحملات الداعية لمقاطعة الشركات والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية، مشهد ظهر جليا في انحسار الإقبال على العديد من المطاعم والمقاهي التي أصبحت شبه خالية من روادها.
وأخذت حملات المقاطعة الشعبية تزداد انتشارا، واتسعت رقعتها لتشمل مختلف المحافظات الأردنية. وتنوعت أشكالها من خلال صفحات التوعية والتعريف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا إلى الجولات الميدانية على الأسواق لبعض النشطاء لتثبيت بعض الشعارات التي تدعو لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتمييز المنتجات الوطنية عن المستوردة، لا سيما من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية الداعمة للاحتلال في حربه على غزة.
واعتبر منسق حملة “الأردن تقاطع” حمزة خضر أن “الحركة سجلت نجاحات كبيرة على صعيد المقاطعة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن ذلك قيام 33 شركة و17 مؤسسة أممية تابعة للأمم المتحدة -تعمل في الأردن- بفسخ عقودها الأمنية مع الشركة البريطانية “جي فور إس” (G4S) التي تقدم خدمات الحماية للشركات والمؤسسات على مستوى العالم، كون هذه الشركة مسؤولة عن ممارسات تنتهك حقوق الأسرى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة”.
تسجيل نجاحات كبيرة
وقال خضر للجزيرة نت “سجلنا نجاحات كبيرة على مستوى مقاومة التطبيع الثقافي والرياضي، من خلال دعوة الرياضيين الأردنيين للانسحاب من المنافسات الرياضية لمشاركة إسرائيليين بها”.
وأكد أن حملات المقاطعة للشركات والمطاعم الأميركية في الأردن، التي أعلنت عن دعمها لجيش الاحتلال الإسرائيلي مع بداية العدوان على غزة، أدت إلى خفض مبيعاتها إلى ما نسبته 80%.
وشكلت المطالبات الشعبية بالقرب من السفارتين الإسرائيلية والأميركية في عمان، احتجاجا على العدوان على غزة، بإلغاء اتفاقية وادي عربة للسلام، وما انبثق عنها من مشاريع تطبيع اقتصادي بين الأردن وإسرائيل، العنوان الأبرز لحراك الشارع الأردني الذي يتواصل منذ اندلاع العدوان على غزة.
ووفقا لبيانات التجارة الخارجية التي تصدر عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، فإن حجم التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل يبلغ 130 مليون دولار سنويا.
وتنحصر أبرز واردات الأردن من إسرائيل في المعدات الكهربائية والإلكترونية، والمنتجات المعدنية، ومنتجات الصناعات الكيميائية، والمنتجات الزراعية، فيما تعد الخضروات والفواكه والمنتجات الغذائية والمواد النسيجية أبرز صادرات الأردن إلى الاحتلال.
رفض شعبي واسع
ويرى خبراء أنه ورغم توقيع الأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1994، فإن تطبيع العلاقات بين الجانبين بقي في الإطار الرسمي، ولم ينعكس على التجارة والاستثمار وغيرها إلا في حدود ضيقة، حيث يرفض الشارع الأردني إقامة علاقات طبيعية مع الاحتلال.
وقال الناشط النقابي ميسرة ملص إن “النجاح الكبير الذي حققته حملة مقاطعة البضائع والمطاعم والشركات الأميركية في الأردن مؤخرا يعود إلى التزام الأردنيين بقضيتهم الفلسطينية، وكرههم ومعاداتهم للاحتلال الإسرائيلي، وهو الأمر الذي ازداد بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
وأضاف ملص في حديثه للجزيرة نت “الأهم هو الاستمرار في المقاطعة، لأنه سبق لنا أن قاطعنا البضائع الأميركية، ومن ثم عدنا إلى ما نحن عليه بعد المرور بفترة هدوء”.
ولفت إلى أن “المطلوب بقاء صورة المقاطعة مستمرة في الأردن، والدول العربية”، وأضاف مستدركا أن حملة المقاطعة المنتشرة في الأردن لا تقوم عليها جهات نقابية لتوجيه الناس، وإنما هناك هبّة شعبية أردنية واحدة استطاعت أن تنجز، وتقول كلمتها لأصحاب الوكالات الغربية والأميركية -مطاعم وشركات-، إننا نرفض دعمكم للمحتل الإسرائيلي الذي يقتل أبناءنا ونساءنا في قطاع غزة.
مؤثرون أردنيون يتفاعلون
وأعلن مؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي عن حملات مقاطعة تضامنا مع الشعب الفلسطيني، ونشروا تعليقات بشأن تأثير المقاطعة الأردنية على الاحتلال الإسرائيلي.
ورصدت الجزيرة نت مشاركة واسعة وغير مسبوقة لمشاهير ونشطاء أردنيين على منصات التواصل الاجتماعي، يقومون على حث الناس على مقاطعة منتجات شركات الدول التي تدعم الاحتلال ماليا أو سياسيا.
دعم المنتج الوطني
إلى ذلك، قال عضو غرفة صناعة عمان المهندس موسى الساكت، إن “كل دينار يُدفع لشراء المنتج الأردني، يذهب 80 قرشا منه دعما للاقتصاد الوطني، بينما إذا وجهت هذا الدينار لشراء سلعة غير وطنية إسرائيلية أو أميركية أو غربية، فإن 30 قرشا منه فقط تبقى للاقتصاد الوطني، بينما يذهب 70% منه دعما مباشرا لبلد المنشأ”.
ودعا الساكت في حديثه للجزيرة نت، إلى توسيع المقاطعة الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي، التي تُعد -برأيه- أحد الأسلحة الناجحة لمواجهة العدوان على غزة، وكذلك الاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني.
تفعيل سلاح المقاطعة
من جانبها، قالت شيرين الوزني، وتعمل مديرة مدرسة “من غير المعقول أن نستمر في دعم العدوان على قطاع غزة، من خلال شراء البضائع الإسرائيلية والأميركية”.
ودعت الوزني في حديثها للجزيرة نت إلى “تفعيل سلاح المقاطعة كتعبير صادق عن رأي الشعب الأردني في رفض الاحتلال وغضبه إزاء ما يرتكبه العدو من مجازر في غزة بحق النساء والأطفال”.
وأشارت إلى “دور النساء المهم في استخدام وتفعيل سلاح المقاطعة، فالمرأة الأردنية هي التي تدير وتدبر أمور بيتها من خلال تحديد نوع السلع والبضائع التي من الممكن شراؤها، ومن ثم تحديد هل تذهب الأموال للولايات المتحدة الأميركية لكي تتحول بعد ذلك لسلاح يقتل به شعبنا الفلسطيني أم لا؟”.