رام الله- في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، اعتقل الاحتلال المحامية والحقوقية ديالا عايش بعد احتجازها على حاجز الكونتينر العسكري الواصل بين بيت لحم ورام الله، ولم تعرف العائلة مصير ابنتها إلا من خلال ركاب مركبة النقل العمومية الذين أبلغوهم عن اعتقالها بعد احتجازها وفحص بطاقتها.
ثم نقلت لهم مؤسسات الأسرى بعد أيام أن ديالا محتجزة في سجن عوفر، وبعدها نقلها إلى معبر الشارون ومنه إلى سجن الدامون، وتحويلها إلى الاعتقال الإداري 4 أشهر.
وقالت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان إن ديالا تعرضت خلال اعتقالها للاعتداء والتهديد والشتائم من قبل جنود الاحتلال أثناء عملية اعتقالها، واحتجزت بعد اعتقالها في ظروف صعبة، حيث تم وضعها في زنزانة سيئة.
تُعرف ديالا بأنها محامية وناشطة مدافعة عن حقوق الإنسان، وعملت في السنوات الخمس الأخيرة محامية للمعتقلين في سجون الاحتلال والمعتقلين السياسيين أيضا، ولم يجد الاحتلال تهمة محددة يوجهها لها، فلجأ إلى تحويلها للاعتقال الإداري، أي الاعتقال وفقا لملف سري لا يطلع عليه أو يعرض حتى محاميها، وهو تهمة من لا تهمة له لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كما هو حال ديالا وقرابة 3500 فلسطيني يقبعون الآن في السجون الإسرائيلية.
يقول والد ديالا للجزيرة نت إن “الاحتلال يحاول من خلال هذه الاعتقالات تغييب النشطاء والفاعلين عن الشارع الفلسطيني”، وما يؤكد حديث الوالد أن ديالا كانت حتى قبل أيام من اعتقالها تقوم بزيارة الأسرى في سجن عوفر دون أن تواجه أي منع من قبل سلطات الاحتلال، فكيف “أصبح لديها ملف سري تعتقل بموجبه إداريا بعد أيام”.
ارتفاع غير مسبوق
ما قاله والد ديالا يتوافق مع تفسير مؤسسات الأسرى التي ترصد هذا الاعتقال منذ سنوات، ورصدت ارتفاع أعداد حالات الاعتقال الإداري منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبحسب مؤسسة نادي الأسير الفلسطيني فإن عدد المعتقلين الإداريين الذي استطاعت توثيقه حتى نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي بلغ 3484 أسيرا، من بينهم 40 طفلا و11 سيدة و21 صحفيا.
وتحتجز إسرائيل في سجونها بموجب هذا الاعتقال نشطاء ومحامين ومحاضرين وأسرى محررين وشخصيات عامة، كما تقول الناطقة باسم نادي الاسير الفلسطيني أماني سراحنة، وكل ذلك بهدف “تقويض أي حالة مواجهة في الضفة الغربية، وهو ما يتكرر في كل فترة مواجهة مع الاحتلال”.
وتقول سراحنة للجزيرة نت “بدأ الارتفاع بحالات الاعتقال الإداري في السجون الإسرائيلية منذ عامين، ولكن الارتفاع غير المسبوق منذ أكثر من 35 عاما كان خلال هذه الحرب”، وتضيف أن معظم من هم الآن في الاعتقال الإداري أسرى محررون، قضوا سنوات سابقة في السجون، وتوضح أن هذا الإجراء الإسرائيلي غير مرتبط بتنظيم دون سواه.
وقت مستقطع
يُعتبر اعتقال المحامية والحقوقية ديالا عايش الاعتقال الأول لها، ولكن بالنسبة لعدد كبير من الأسرى الإداريين فقد تجاوزت فترات الأحكام الإدارية في السجون الإسرائيلية العشر سنوات وأكثر، كما هو الحال مع الصحفي نضال أبو عكر من مخيم الدهيشة قرب بيت لحم.
كان آخر اعتقال إداري لنضال في يوليو/تموز 2022، وكان قد أفرج عنه قبل 40 يوما فقط من اعتقال إداري دام عامين متواصلين، وحتى الآن لا يزال معتقلا بعد أن جدد الاحتلال الإسرائيلي اعتقاله للمرة الرابعة في 28 يناير/كانون الثاني الماضي.
قضى أبو عكر 18 عاما متفرقة في السجون الإسرائيلية، منها 13 عاما كاعتقال إداري بلا تهمة، وأطولها مدة كان اعتقالا دام لـ5 سنوات متواصلة، حيث قدمت نيابة الاحتلال بحقه لائحة اتهام للتحايل على طول مدة الاعتقال.
تقول زوجته منال أبو عكر للجزيرة نت “أصبحنا نتعامل مع اعتقالاته المتكررة كمن يخرج لقضاء وقت مستقطع، في كل مرة نعرف أنه لن يقضي وقتا طويلا معنا”.
ولا تتذكر منال التي كبر أبناؤها الثلاثة وتخرجوا من المدارس والجامعات أي مناسبة يكون فيها نضال موجودا، حتى عندما فقد والده أو عندما توفي والدها، ولعل ما يحزنها أكثر هو عدم قدرة زوجها على مواصلة عمله الصحفي الذي أحبه، حيث كان يقدم برنامجا في راديو الوحدة في مدينة بيت لحم عن الأسرى.