السودان.. هل تقود استقالة المبعوث الأممي والتوتر مع المنظمات الأفريقية لتدويل الأزمة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

الخرطوم- يرى مراقبون أن استقالة فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان “يونيتاميس” ستدفع الحكومة بالخرطوم إلى التصعيد مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي والرئيس الكيني وليام روتو الذي يرأس اللجنة الرباعية المشكّلة من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في دول شرق أفريقيا “إيغاد” مما سيضعف دور المنظمتين في حل الأزمة ويفتح الباب لتدويلها.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، قبول استقالة ممثله الخاص فولكر بيرتس بعد عامين ونصف العام من مباشرة مهامه في الخرطوم. وعلق الأمين قائلا “نعم، لديه أسباب قوية جدا تدفعه إلى الاستقالة، ويجب أن أحترم إرادته وأقبل استقالته”.

وقد أعلن فولكر استقالته أمام مجلس الأمن الدولي، قائلا “أتوجه بالشكر إلى الأمين العام على هذه الفرصة والثقة التي منحني إياها، لكنني طلبت منه إعفائي من مهامي”.

وفي تقريره الأخير الذي قدمه إلى مجلس الأمن، حمّل فولكر الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مسؤولية استمرار القتال بينهما منذ 5 أشهر. وقال “ما بدأ كنزاع بين تشكيلين عسكريين يمكن أن يتحول إلى حرب أهلية فعلية” لافتاً إلى أن المعارك “لا تظهر أي دليل على التهدئة، ولا يبدو أي طرف قريبا من نصر عسكري حاسم”.

وكانت الخارجية السودانية أعلنت في يونيو/حزيران الماضي فولكر شخصا غير مرغوب فيه، وذلك بعدما طلب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في مايو/أيار الماضي من غوتيريش استبداله.

أزمة فولكر والحكومة

بعث البرهان -في وقت سابق- رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة اتهم خلالها فولكر بالمساهمة بسلوكه “المنحاز” وأسلوبه “المضلل” في اندلاع النزاع الدامي بالسودان منتصف نيسان/أبريل الماضي.

كما اتهمه بارتكاب “تزوير وتضليل” خلال قيادته عملية سياسية تحولت إلى حرب مدمرة وذلك “لزعمه” أن الاتفاق الإطاري الذي وقعته قوى مدنية يحظى بالإجماع وإصراره على فرضه عبر وسائل وأساليب غير أمينة رغم ما اعترى الاتفاق من ضعف وثغرات مما أفضى إلى ما حدث من تمرد ومواجهات عسكرية.

ويتهم مسؤول بالخارجية السودانية فولكر بتجاهل مهامه الأساسية والتركيز على الجوانب السياسية، وتجنب أي دعوة إلى إجراء الانتخابات، وبأنه لم يشجع عملية الانتقال الديمقراطي.

وحسب المسؤول الذي تحدث إلى الجزيرة نت، فإن المبعوث الأممي مكلّف بالمساعدة في تحوّل البلاد إلى حكم ديمقراطي، ودعم وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام، والمساعدة في بناء السلام وتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بذلك، وحماية المدنيين وسيادة القانون ودفع عجلة التنمية “وهو ما لم يحقق منه شيئاً طوال فترة استمراره في منصبه حتى تنحيه”.

ويكشف المسؤول الدبلوماسي أن فولكر لم يكن يرغب في الاستقالة إلا بعد أن وجد نفسه في موقف حرج، حيث أبلغه مسؤولون بالمنظمة الدولية أن المكان الطبيعي لمباشرة مهامه ينبغي أن يكون من داخل السودان، ولتعذر ذلك إثر موقف الحكومة السودانية فإن استمراره في العمل من العاصمة الكينية سيضعف أداء البعثة الأممية، وإن تقديمه تقارير إلى مجلس الأمن يمكن أن يدفع الخرطوم إلى طرد البعثة الدولية أو مراجعة تفويضها.

وتوقع المسؤول السوداني أن يرشح غوتيريش شخصية أفريقية لخلافة فولكر “لأن أبناء القارة هم الأقرب لاستيعاب تعقيدات المشهد السوداني وفهم طبيعة المجتمع المحلي والتعاطي مع قضاياه”.

البرهان اتهم فولكر بسلوكه “المنحاز” وأسلوبه “المضلل” (الجزيرة)

استهداف البعثة الأممية

بالمقابل، قال خالد عمر يوسف المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي إن بعثة “يونيتاميس” عملت بجدية على دعم مطالب وتطلعات الشعب السوداني. ورأى في تغريدة أن البعثة تعرضت لهجوم من “قوى الظلام المعادية للتحول الديمقراطي والسلام” في إشارة إلى تيارات إسلامية مناهضة لفولكر نظمت لطرده.

ويقول يوسف إن البعثة الدولية تعرضت أيضا لانتقادات بعد اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع من عناصر النظام السابق الذي اختطف مؤسسات الدولة ووظفها لخدمة أجندته الضيقة، ورأى أن فولكر استقال بعد تقديمه خطاباً محترماً أمام مجلس الأمن.

ويرى أن أنصار الرئيس المعزول عمر البشير استمروا في استعداء الأسرة الدولية وخوض “معارك طواحين الهواء”.

تصعيد مع أفريقيا

من جانبه، يرى الباحث السياسي إبراهيم عبد القادر أن الحكومة السودانية ستعتبر استقالة فولكر انتصارا، مما يدفعها إلى تصعيد خلافها مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الذي تتهمه بالوقوف وراء تعليق عضوية السودان بالاتحاد منذ سيطرة البرهان على السلطة وإبعاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وإزاحة قوى الحرية والتغيير في أكتوبر /تشرين الأول 2021.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول عبد القادر إن الحكومة السودانية رفضت التجاوب مع مبادرة الاتحاد الأفريقي بشأن الأزمة باعتبار أن عضويتها مجمدة ولم تتم مشاورتها، ورفضت التعاون مع اللجنة الرباعية التي شكلتها منظمة “إيغاد” برئاسة الرئيس الكيني لحل الأزمة واتهمته بالانحياز لقوات الدعم السريع واستضافة قياداتها.

ويرى عبد القادر أن موقف الحكومة السودانية تجاه الاتحاد الأفريقي و”إيغاد” سيضعف دور القارة في حل الأزمة السودانية، وسيؤدي إلى تراجع تعاطف بعض دول القارة مع الخرطوم وخلق حالة من الاستقطاب، مما يقود إلى تدويل الأزمة.

وشهد نهاية الأسبوع سجالاً بين الاتحاد الأفريقي والخارجية السودانية، إثر لقاء رئيس المفوضية الأفريقية مع يوسف عزت ومختار النور مستشاري قائد الدعم السريع، الأمر الذي عدته الخرطوم سابقة سيئة، متهمة رئيس المفوضية بازدواجية المعايير ومنح المليشيات شرعية لا تستحقها.

وردّ محمد الحسن ولد لبات المتحدث باسم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بلهجة حادة، واصفاً بيان الخارجية السودانية بأنه “منحط وغير المسؤول” وعادت الخارجية لترد على ولد لبات ووصفته بـ “المتطاول” على عضو مؤسس للاتحاد الأفريقي.

وفي موقف آخر، هددت الخارجية السودانية مجدداً بإعادة النظر في استمرار العضوية في “إيغاد” احتجاجا على بيان -صادر عن وزراء خارجية الدول المنضوية بالمنظمة- التمسك برئاسة كينيا للجنة الرباعية لحل الأزمة، وذلك بعد يومين من إعلان الرئيس الكيني أن البرهان تراجع عن اتهامه بالانحياز لقوات الدعم السريع خلال اتصال هاتفي بينهما وأبدى استعداده للتفاوض لوقف الحرب.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *