أفاد موقع “أوريان 21” الفرنسي بأن “الحرية لفلسطين.. من النهر إلى البحر” بات شعارا مركزيا للمظاهرات المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة وكندا، ففي نهاية كل أسبوع تعج مراكز مدن كبيرة في أميركا الشمالية بمؤيدي القضية الفلسطينية، والذين أغلبهم من الشباب.
وأشار الكاتب ألكسيس أوبين في مقال نشره الموقع الفرنسي إلى أن ما يقارب 25 ألف شخص تجمعوا في ساحة الفنون في قلب مونتريال، لترديد ذلك الشعار في مظاهرات من أجل تحرير فلسطين، وفي اليوم نفسه امتلأت شوارع تورنتو وواشنطن ونيويورك بالمتظاهرين، لتعج مراكز مدن عواصم أميركا الشمالية في نهاية كل أسبوع بالتجمعات الداعمة للقضية الفلسطينية عبر المحيط الأطلسي، وبحضور هائل لشباب أميركا الشمالية بكل تنوعهم، مما يعني أن دعم فلسطين لم يعد يقتصر على الشباب ذوي الأصول العربية الواعين بالقضية المتوارثة ثقافيا من جيل إلى جيل.
وتساءل أوبين في البداية عما يدفع عشرات الآلاف من الشباب في أميركا الشمالية إلى الالتزام بالحقوق الفلسطينية، مشيرا إلى أن فهم ذلك يحتاج إلى النظر في الماضي الاستعماري لأميركا الشمالية والتزام الشباب هناك بحق الذاكرة للسكان الأصليين، لما تخلفه النظريات الإنسانية والاجتماعية المتعلقة بإنهاء الاستعمار من صدى عظيم بين هذا الجيل الشاب الذي يقرأ كتابات إدوارد سعيد وفرانز فانون.
إنهاء استعمار الضمائر
تقول كايتلين (22 عاما) الشابة الكندية التي قدمت للتظاهر مع أصدقائها رغم المطر “أنا ولدت وترعرعت فوق أرض مسروقة، أنا مستوطنة لكنني لم أختر ذلك”.
وتضيف “أنا أؤيد إنهاء الاستعمار الأصلي في كندا، وبالتالي أؤيد أيضا إنهاء الاستعمار في فلسطين”، مشيرة إلى أن البيض غير العنصريين مطالبون بمحاربة الاستعمار، ولذلك فهي تعتبرها مسؤولية تفرضها على نفسها “جيلي يستطيع الوصول إلى المذبحة المستمرة في غزة على شبكات التواصل الاجتماعي، نحن نرى كل شيء، وعدم القيام بشيء سيكون نفاقا”.
وفي نيويورك ألقت الشاعرة داكوتا سميث (29 عاما) -التي تشارك بانتظام في المظاهرات المناهضة للسياسة الأميركية- خطابا مشابها تنتقد فيه بلدها، وتقول “إن الولايات المتحدة واحدة من أكثر الدول عنفا في التاريخ”، ولأن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل لا يفاجئها فهي تقول “أفضّل التركيز على ما يمكنني فعله لمساعدة فلسطين، إننا نشهد إبادة جماعية في الوقت الحقيقي، فلماذا لا نستخدم إنسانيتنا الأساسية لمحاولة القيام بشيء ما؟”.
ويبدو أن الفنانين والطلاب والناشطين يرون أنفسهم في القضية الفلسطينية كما يقول الكاتب بينوا تانغواي (29 عاما) رئيس تحرير صحيفة لمنظمة ماركسية كندية “إن نضال المضطهدين هو نضالنا، نضال العمال، أعداء الفلسطينيين هم أعداء العمال الكنديين”.
ويوضح أن القضية الفلسطينية هي سبب التزامه الشيوعي، قائلا “قبل 10 سنوات شاهدت فيلما وثائقيا يشرح الوضع الاستعماري في فلسطين، وقد صدمني كثيرا لدرجة أنني انضممت إلى النضال العمالي في اليوم التالي”.
معركة إعلامية
ومنذ شهر تخوض المجموعة الطلابية -التي تمثل جمعية “التضامن من أجل حقوق الإنسان الفلسطيني”- معركة إعلامية ضد إدارة الجامعة، وذلك منذ أن نشر عميد الجامعة كريستوف مانفريدي بيانا صحفيا يدين “المطبوعات البغيضة” الصادرة عن الجمعية بعد هجوم حماس، وكتب أنه يريد “إلغاء التفويض الممنوح لهذا النادي باستخدام اسم الجامعة واتخاذ جميع التدابير الأخرى التي قد تكون ضرورية لتصحيح الوضع”.
“إنهم يريدون إسكات الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، تعتقد الإدارة أننا ندعم الإرهاب، هذا ليس صحيحا” كما تقول آنا التي كانت حاضرة في مسيرة نظمتها الجمعية.
وتضيف “نحن لسنا فلسطينيين، ولا نواجه ما يواجهونه، وليس من حقنا أن نحكم على الطريقة التي يقررون بها إنهاء الاستعمار، نحن ندعم عملية إنهاء الاستعمار هذه، سواء تم ذلك بعنف أم لا”.
بدوره، يرى المؤرخ والمتخصص في الصهيونية واليهودية المعاصرة ياكوف رابكين أن الطلاب والشباب الذين يدعمون القضية الفلسطينية ليسوا جاهلين ولا غير واعين “فهم يتفاعلون بعقلانية مع وضع سياسي يقدم بطريقة غير عقلانية، الشباب الغربيون -بمن فيهم اليهود- يفهمون تماما ما يحدث في فلسطين”.
ويختم الكاتب بما يخشاه المؤرخ من تدمير دعم الشباب للقضية الفلسطينية بسبب الخلط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية بتشجيع من دولة إسرائيل، مشيرا إلى أن الفرق كبير بين المصطلحين، حيث إن “معاداة السامية هي كراهية اليهود بسبب دينهم أو عرقهم”، في حين أن معاداة الصهيونية ليست سوى معارضة لحركة سياسية.