الجنسية المزدوجة.. وثيقة ضمان “هروب” الإسرائيليين في حالات الطوارئ!

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- عاد طلب الإسرائيليين لإصدار جواز سفر أجنبي إلى جانب الإسرائيلي إلى الواجهة مجددا، وذلك مع ارتفاع الاستيطان، ووصول الأحزاب الدينية  واليمين المتطرف إلى الحكم، وتصاعد المقاومة المسلحة والتوتر غير المسبوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وشكل إمعان حكومة بنيامين نتنياهو، بالتشريعات الهادفة لإجراء تعديلات على الجهاز القضائي وتقويض صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية، وتردي الأوضاع الأمنية وغياب الأمن والأمان الشخصي وغلاء المعيشة وتراجع الاقتصاد؛ بسبب سياسات حكومة اليمين، حافزا لمضاعفة طلبات الاسرائيليين للحصول على جواز سفر أجنبي.

وفي ظل تصاعد التوتر الأمني بالعام 2023، وعمق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي الذي شهد انقساما عبرت عنه الاحتجاجات المناهضة للتعديلات القضائية، أفاد المحامون والشركات المتخصصة في طلبات الجنسية الأجنبية لمختلف البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبولندا والبرتغال والنمسا، عن زيادة بنسبة مئة في المائة في عدد الطلبات الفعلية للجوازات الأجنبية.

ووفق دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، بلغ عدد السكان في إسرائيل بحلول رأس السنة العبرية في سبتمبر/أيلول 2023، نحو 9 ملايين و795 ألف نسمة، ويشكل اليهود 73% من السكان وعددهم 7 ملايين و181 ألفا، مما يعني أن أكثر من 15% من اليهود بإسرائيل يحملون جنسية مزدوجة.

ويشكل العرب 21% من التعداد السكاني بإسرائيل وعددهم 2 مليون و65 ألف نسمة، ضمنهم نحو 400 ألف من القدس وهضبة الجولان المحتلتين، إضافة إلى 6% يصنفون “آخرون”، وعددهم 549 ألفا، وهم غير المصنفين دينيا وغالبيتهم مهاجرون غير يهود.

يشكل العرب 21% من التعداد السكاني بإسرائيل وعددهم 2 مليون و65 ألف نسمة (الجزيرة)

العودة والهجرة

وبحسب إحصاءات رسمية لشركات ومكاتب محاماة إسرائيلية تتخصص باستصدار جوازات سفر أجنبية للإسرائيليين، فإن أكثر من مليون يهودي إسرائيلي لديهم جنسية مزدوجة وجواز سفر أجنبي إلى جانب الإسرائيلي، فإلى جانب نصف مليون إسرائيلي يحملون الجنسية الأوروبية، هناك ما يقرب من نصف مليون إسرائيلي آخر يحملون جنسيات أجنبية إضافية، نصفهم من الولايات المتحدة الأميركية.

ترسخت فكرة “الجنسية المزدوجة” منذ النكبة بالعام 1948 وإقامة ما يسمى “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، حيث تحولت إسرائيل ومنذ تأسيسها وبموجب “قانون العودة”، إلى ما بات يعرف في العالم “دولة الهجرة”، التي تجمع اليهود من جميع أنحاء العالم، وبالتالي تمكنهم من الحصول على جنسيات متعددة.

و استمر الكثير من اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل من الدول الغربية والأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، في حمل جواز سفر الدولة التي هاجروا منها إلى فلسطين.

أدى هذا إلى خلق حالة الإقبال على الجنسية المزدوجة، فمنذ إقامة إسرائيل يحمل العديد من المواطنين اليهود جنسيات متعددة، وهذا الاتجاه أصبح أقوى وتحول مع مرور الوقت إلى ظاهرة، والأن فتحت سلسلة من القوانين في بلدان مختلفة بابا آخرا للحصول على جواز سفر أوروبي لملايين الإسرائيليين الذين ليسوا بالضرورة من أصل أوروبي.

منذ نكبة فلسطين اجازت إسرائيل لليهود حمل جنسية مزدوجة.
منذ نكبة فلسطين أجازت إسرائيل لليهود حمل جنسية مزدوجة (الجزيرة)

إسبانيا والبرتغال

وبدأت الموجة الكبيرة التي أثارت شهية الإسرائيليين في حمل جواز سفر أوروبي وما يوفره من الإمكانات، في عام 2015، عندما أعلنت الحكومة الإسبانية بشكل مفاجئ أنها بصدد تمرير قانون في البرلمان يسمح لأحفاد اليهود بالحصول على الجنسية الإسبانية، وحمل جواز سفر أوروبي، وذلك بعد نحو 500 عام من ترحيل يهود إسبانيا، على ما ورد في نص القانون.

وبعد وقت قصير من إسبانيا، أقرت الحكومة البرتغالية قانونا مماثلا وأكثر جاذبية، لحوالي 2 مليون من الإسرائيليين، وخاصة اليهود من المجموعات العرقية الشرقية، المشمولين بمعايير قانون الجنسية البرتغالية، بما في ذلك العائلات التقليدية للمجتمعات الإسبانية في شمال أفريقيا والإمبراطورية العثمانية السابقة.

منذ صدور القانون بالعام 2015، وإلى العام 2022، نمت الجالية اليهودية البرتغالية بنسبة 1000% تقريبا، بحسب تقرير للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، حيث أظهرت المعطيات الرسمية للجالية اليهودية في بورتو أنه تمت المصادقة على 100 ألف طلب للجنسية البرتغالية، والغالبية العظمى من الطلبات لليهود الإسرائيليين.

فشل وإخفاقات للسلطات الإسرائيلية في استيعاب المهاجرين اليهود في فلسطين
إقبال بصفوف اليهود من أصول شرقية للحصول على الجواز البرتغالي (الجزيرة)

إحصاءات وطلبات

وفي لشبونة وثقت الجالية اليهودية هناك مصادقة السلطات البرتغالية على 40 ألف طلب للحصول على الجنسية، مشيرة إلى أن غالبية الطلبات تعود إلى أحفاد اليهود الذين طردوا من البرتغال قبل مئات السنين، واستقروا في بلدان لاتينية أخرى، بحسب تقرير صحيفة “يسرائيل هيوم”.

واعتمدت الصحيفة في تقرير على معطيات رسمية لوزارة القضاء البرتغالية التي أظهرت أن نحو 140 ألف يهودي حصلوا على الجنسية البرتغالية وأكثر من نصفهم يهود يحملون الجنسية الإسرائيلية، حيث لا يزال لدى السلطات البرتغالية أكثر من 80 ألف طلب معلق، كما تم تلقي أكثر من 137 ألف طلب جديد للحصول على الجنسية البرتغالية.

وحصل 20782 إسرائيليا على الجنسية البرتغالية العام 2020، ووفقا لوزارة القضاء البرتغالية، فإن ذلك يمثل زيادة بنحو 13% مقارنة بالعام 2019، عندما حصل 18433 إسرائيليا على الجنسية الأوروبية. وبحسب بيانات دائرة الأجانب والحدود في البرتغال، فقد تم إصدار 63494 تصريحا للحصول على الجنسية في بالعام 2021، منح 42647 لإسرائيليين و20847 لبرازيليين.

إقبال بصفوف اليهود من أصول شرقية بالحصول على الجواز البرتغالي
إقبال بصفوف اليهود من أصول شرقية للحصول على الجواز البرتغالي (الجزيرة)

الحرب والاقتصاد

واستعرضت مراسلة صحيفة “دماركر”، الصحفية هدار كنى، الأسباب التي تجعل الإسرائيليين يريدون جواز سفر أجنبي، مشيرة إلى أن الجنسية الأجنبية، بالإضافة إلى الجنسية الإسرائيلية، هي مكانة مرغوبة بين المواطنين الإسرائيليين لأسباب مختلفة، ولعل أبرزها الأوضاع الأمنية، حيث يرجح وبعد انتهاء الحرب على غزة إقبال لدى حملة الجنسية المزدوجة على الهجرة من البلاد.

وأوضحت المراسلة ذاتها أن الواقع الأمني المضطرب الذي يسود إسرائيل، يدفع الكثير إلى التساؤل عن المخاطر في الحاضر والمستقبل، ويشجعهم على الهجرة، وفي هذا السياق، تشكل الجنسية الأجنبية نوعا من الضمان في حالة حرب طويلة أو تدهور الوضع الأمني العام والطوارئ، إذ يسعى الكثير إلى إعداد خطة للهروب من هذه الأوضاع، ويستفسرون عن الوجهات الملائمة للهجرة.

وأضافت الصحفية الإسرائيلية تكاليف المعيشة في إسرائيل، وخاصة أسعار المساكن التي ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وانخفاض القوة الشرائية والوضع الاقتصادي للأفراد والعائلات، شجع كذلك العديد من الإسرائيليين على التفكير في مغادرة البلاد.

و ليس سرا إمكانية العيش بشكل مريح في العديد من البلدان الأخرى، والحصول على مستوى معيشي أعلى، لذلك، تقول كنى “حتى لو لم يتم استخدام الجواز الأوروبي والأجنبي بشكل فوري، فإن الجنسية الأجنبية لأسباب تتعلق بتردي الأوضاع الأمنية، وحتى الاقتصادية وغلاء المعيشة، يمكن أن توفر في المهجر شعورا بالأمان للمواطن الإسرائيلي وعائلته”.

 

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *