تناولت مجلة الإيكونوميست البريطانية احتمالات إقدام إسرائيل على غزو قطاع غزة بريا، محذرة في الوقت نفسه من حرب “قاسية” تنتظره هناك. وأشارت إلى أن إطاحة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” من السلطة في غزة قد لا يكون ممكنا من دون احتلال مباشر للأرض.
وأوضحت المجلة في تقرير أن محاولة توغل بري ثالثة ردا على هجوم حركة حماس بحق المدنيين الإسرائيليين، باتت وشيكة.
وقالت إن إسرائيل توغلت في مناطق محدودة بالقطاع مرتين من قبل، الأولى كانت في إطار العملية التي أطلقت عليها “الرصاص المصبوب” واستمرت 15 يوما في يناير/كانون الثاني 2009. والثانية كانت في عملية “الجرف الصامد” في عام 2014، حيث قضى جيشها هناك 19 يوما.
ورجحت الصحيفة أن تكون محاولة الغزو البري هذه المرة “أكبر وأطول وأشد عنفا” من المحاولتين السابقتين.
وقد أطلقت المقاومة على مواجهتها لهجوم إسرائيل عام 2009 اسم “معركة الفرقان”، في حين سمّت حماس عملياتها في 2014 “العصف المأكول”، بينما اختارت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اسم “البنيان المرصوص” لعملياتها.
توغل محدود
ويدرس القادة الإسرائيليون حاليا المدى الذي سيكون عليه هجومهم المقبل، وفق المجلة التي تضيف أن أحد الخيارات يتمثل في توغل محدود كالذي حدث عام 2014، عندما استولى الجيش الإسرائيلي على منطقة متاخمة للحدود بغية إغلاق الأنفاق المستخدمة لتهريب الطعام والمقاتلين والأسلحة. لكنه توقف عند ضواحي المدن الرئيسية تفاديا لخوض حرب مدن.
وثمة خيار آخر وهو غزو إلى عمق غزة لاحتلال مساحات أكبر في القطاع. وتشير المجلة، استطرادا، إلى أن تلك الأساليب الماضية تبدو غير كافية في نظر الإسرائيليين، الذين ينتابهم غضب واسع النطاق جراء ما تعتبره إيكونوميست “فظائع ارتكبتها حماس”.
وتوعد قادة إسرائيليون بالقضاء على حركة حماس، بدلا من الاكتفاء بإضعافها. واستشهدت المجلة بتصريح لسفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الذي قال فيه “لقد انقضى عصر المنطق (في التعامل) مع هؤلاء المتوحشين. حان الوقت لتدمير البنية التحتية الإرهابية لحماس، لمحوها تماما” من الوجود.
ونقلت الإيكونوميست عن دانيال بايمان من جامعة جورجتاون، وهو باحث بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن حركة حماس متجذرة بعمق في غزة، ومغروسة في مجموعة من الجمعيات الخيرية والمدارس والمساجد، مضيفا أن فصلها عن القطاع “مهمة أشبه بالمستحيلة”.
كلفة باهظة
ثم إن إعادة احتلال قطاع غزة -وفق المجلة- “أمر غير وارد”، فقد غادرته إسرائيل في 2005 وكان أحد أسباب ذلك أن كلفة الاحتفاظ بها باهظة للغاية.
وذكرت أن إسرائيل تستخدم السلطة الفلسطينية “خصم” حماس، في الضفة الغربية كقوة مساعدة لها إلى حد ما. لكن هذا الاستخدام لن يكون خيارا في غزة.
على أن ثمة مقاربة بديلة للخطوة المقبلة وستكون نسخة أكبر من عملية “الرصاص المصبوب”، حيث من المرجح -بنظر المجلة البريطانية- أن ينشر الجيش الإسرائيلي فرقتين مدرعتين وفرقة خفيفة محمولة جوا، تضم 5 ألوية.
وإذا أمر القادة الإسرائيليون في نهاية المطاف بغزو واسع النطاق، فمن المحتمل أن يتقدم لواء مدرعان أو اثنان مزودان بدبابات، مسافة 6 كيلومترات غربا باتجاه الساحل، إما شمال أو جنوب دير البلح.
وهناك احتمال أن تركز وحدتان أو 3 بحجم لواء -تضم كل منها بضعة آلاف من الجنود- على الشمال، بما في ذلك حول مدينة غزة، ووحدة أو اثنتين على خان يونس أو رفح في الجنوب. والهدف هو، ربما، النيل من قادة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والبنية التحتية.
وسيكون التحدي الأكبر -برأي تقرير المجلة- هو حرب مدن، وهي مغامرة تتسم بالفوضى.